التونسية (تونس) خلق القرار الأخير للشركة التونسية للكهرباء والغاز «الستاغ» بقطع التيار الكهربائي على كل من امتنع عن الخلاص أو لم يتقدّم لتسوية وضعيته أمام شبابيك الشركة بداية من 15 أكتوبر الحالي جدلا واسعا بين مؤيد للقرار ورافض له. ومع الأوضاع الاقتصادية الصعبة للبلاد وغلاء المعيشة عجزت شريحة كبيرة من المواطنين عن خلاص فواتير الماء والكهرباء على حدّ السواء ممّا ساهم في مزيد إرباك موازنات «الستاغ» التي تدهورت في غمرة منذ الانفلات الذي عرفته تونس بعد 14 جانفي. مقاربات مختلفة «التونسية» رصدت المواقف من القرار المذكور انطلاقا من الحركيّة الكبيرة أمام أحد فروع الشركة التونسية للكهرباء والغاز وداخلها, فهناك الغاضب من ارتفاع المعاليم وغياب الرقابة الدوريّة للعداد وهناك المندهش من الفاتورة كما يوجد في ذات المكان من يعتبر الأمر واجبا لا مفرّ منه والكل ملزم به... حالات ووضعيات عديدة رصدناها حال اقترابنا من المكان. «أنيس» صاحب أعمال حرة كان من بين الغاضبين وغير الراضين عن أداء الشركة حيث أكّد لنا أن معلوم الكهرباء في ارتفاع ملحوظ لا بل أصبح مشطّا منذ الثورة وقدّر نسبة الارتفاع بما بين 25 و30 بالمائة وأضاف أنيس أن الأمر صار لا يطاق بالمرة متسائلا عن مصير أصحاب الدخل الضعيف والوضعيات الاجتماعية الخاصة بعد القرار الجديد. من جانبه «محسن الطيباوي» وصف قرار «الستاغ» بالصارم مؤكدا أن الزيادة في الفواتير موجودة رغم محاولاته المتكررة للضغط على الاستهلاك ومراقبته الدورية للعداد وحرصه وأفراد عائلته على الالتزام بشروط الاستهلاك الرشيد لخفض المعاليم, لكن دون نتيجة تذكر ملاحظا أنّ ذات الرقم يتكرر في كل مرّة رغم مساعيه للسيطرة عليه. الخلاص ضروري «رضا الترخاني» موظف له وجهة نظر أخرى في الموضوع حيث أشاد بقرار «الستاغ» بقطع الكهرباء عن كل من لم يلتزم بالخلاص مؤكدا أن هذا الأمر معمول به في جل الدول المتقدمة كأمريكا وحتى الدول العربية على غرار مصر. وأضاف التّرخاني أن قلّة وعي المواطن بأهمية هذا المرفق العمومي وضرورة المحافظة عليه هو السبب الرئيسي في تفشّي ظاهرة الامتناع عن الخلاص منوّها بمجهودات الشركة التونسية للكهرباء والغاز في توفير النور الكهربائي أيام الثورة وفي الأربع سنوات التي تلتها كما بيّن أنه في حال تراكم الديون وعدم خلاص المعاليم من الممكن أن تقفل المؤسسة أبوابها أمام الجميع أي من التزم بالخلاص ومن لم يلتزم به. وختم كلامه قائلا: «بربي شويّة وعي ورفقا بالستاغ». هذا الموقف سانده فيه «حسين جفال» وهو عامل بمغازة بالعاصمة حيث أكد التزامه بالخلاص حتى في فترة ذروة الانفلات ودعا كل المواطنين للالتزام بمساعدة الدولة في هذه الفترة الحرجة مضيفا قوله: «النظام لازم في هالامور والي ما خلصش مع التسهيلات الأخيرة يستاهل القصّان». على الدولة الصبر على المواطن «زهير العبيدي» كان له أيضا رأي مختلف في الموضوع حيث أكد على ضرورة أن تكون الدولة صبورة إزاء مواطنيها نظرا للظروف الاجتماعية الصعبة التي يعاني منها اغلب الأجراء وتواتر المصاريف «رمضان, عيد الإفطار, العودة المدرسية, عيد الأضحى» واقترح محدثنا أن يتم تأجيل القرار حتى يتسنّى للمواطن تجميع قواه مع تهاطل المصاريف عليه في الآونة الأخيرة من كلّ حدب وصوب. موقف دعمته السيدة «منيرة» بلهجة جد متحمسة»زوز في الدار وثلاثة نخدمو وماخلطناش ولّينا نخدمو باش نخلصو الماء والضوء والله الدنيا صعبت برشة بصراحة». معاليم مشطّة السيدة «حياة بوشوشة» عاملة تنظيف اشتكت لنا بدورها من فاتورة الكهرباء المشطة وأكدت أنها لم تقم بالخلاص منذ فترة طويلة, كما عارضت بشدّة قرار «الستاغ» قطع الكهرباء على المواطنين بداية من 15 أكتوبر الجاري حيث قالت «نحن 8 أفراد في العائلة، زوجي معوق ولي أطفال يدرسون وفي كل مرة تأتي فاتورة ثقيلة بنفس الرقم 200 دينار وهو أمر يبعث على الحيرة». «بشير الجويني» أكّد انه ككل التونسيين غير منتظم في دفع معاليم الكهرباء لكنه سعى مؤخرا لدفع المبالغ المتخلّدة بذمّته اجتنابا للإزعاج. كما استغرب محدثنا من القرار وتاريخه نظرا لنفاد أجور الموظّفين في ذلك التاريخ وختم كلامه قائلا «هالقرار يحرق وحليلو الزوالي». «حسين الطرابلسي» وهو أحد أفراد الجالية التونسية بالخارج أكّد رفضه للقرار مشيرا إلى وجوب أن يدفع أعوان وإطارات الشركة معاليم الكهرباء ككل المواطنين ولو بنسبة معينة لمساعدة الشركة والدولة بصفة عامّة في هذا الظرف الراهن كما أكّد أنّ المعاليم تظلّ مشطّة بالنسبة للفئات ضعيفة الدخل مشيرا إلى ضرورة تطبيق القرار بصورة تأخذ بعين الاعتبار مثل هذه الحالات الاجتماعية. مصاريف بالجملة السيدة «فاطمة» ربة بيت, عبّرت عن انزعاجها من القرار وعدم مقدرتها على تحمل المصاريف اليومية والفواتير التي أرهقت كاهلها وأضافت قائلة «ياسر غالي علينا الضوء ومعنديش منين نخلص». الحاجة «خديجة الطرابلسي» لمحناها تنزل الدرج بتؤدة من أحد فروع الشركة وعلى وجهها علامات الأسى اتجهت نحونا بخطى متثاقلة وقالت إنّ قرار «الستاغ» غير صائب بالمرّة خاصة مع الزيادات التي عرفتها الفاتورة مؤخرا .وأكدت محدثتنا أن وضعيتها صعبة مع زوج مريض وجراية لا تتجاوز 200 دينار مضيفة قولها «ما ثمّاش نظام في تونس «الستاغ» تنهب فينا»... «الدولة مش حاسة بالزوالي». أخطاء وتجاوزات «فيصل» كان في قمّة الغضب حال خروجه من «الستاغ», يتكلم بصوت عال ويلوّح بأوراق كانت بيمناه... اعترضنا طريقه لنستفسر الأمر فأوضح لنا انه غير راض بتاتا عن أداء الشركة «الستاغ» فهو اليوم قدم لخلاص فاتورة لكنه فوجئ بمعاليم إضافية لعدم الخلاص ومطالبته بالدفع من جديد وهو ما دفع به للتوجه للفرع القريب من محل سكناه للاستفسار والبحث عن حل للإشكالية .