التونسية (تونس) مثلت زيارة وزير التربية ناجي جلول يوم الجمعة الفارط لعدد من مدارس ولاية القصرين فرصة للاطلاع على حالة المدارس بالجهة وحضور عروض مسرحية في إطار أيام قرطاج المسرحية دعما للثقافة ولدور «أب الفنون» في تأطير الناشئة وإبراز مهاراتهم وفي تحد للإرهاب الذي عانت منه الولاية الكثير. وقد واكبت «التونسية» هذه الزيارة وعاينت على هامشها جملة من النقائص التي تعاني منها المؤسسات التعليمية والجهة بصفة عامة فكان الربيورتاج التالي: الطريق للقصرين كان طويلا وشاقا خاصة مع كثرة الحفر ومخفضات السرعة مختلفة الأشكال والأنواع والأحجام والتي لا يخضع معظمها للشروط المطلوبة والتي كانت في كل مرّة تفاجئ السائق نظرا لعدم وجود علامات واضحة تشير إليها ومع قلة الإنارة ليلا إن لم نقل انعدامها في بعض الأماكن . طريق وعرة معبدة حينا وترابية أو متشققة أحيانا وأوساخ متناثرة على جنباتها.. كما عاينا حادث مرور في طريق العودة المظلم وبعض الحيوانات المدهوسة على الطريق . تلاميذ مدرسة الحي الاولمبي: «نريد ملعبا مجهزا» البداية كانت بمدرسة الحي الاولمبي وهي مدرسة قريبة من مقر الولاية تلاميذها موهوبون حيث قدموا عرضا مسرحيا متميزا باللغة الفرنسية وادّوا مجموعة من الرقصات الكوريغرافية الجميلة ذكورا وإناثا. المدرسة حسب ما عايناه من أفضل المدارس بالجهة إلا أن ملعبها يستحق الكثير من التنظيف والتجهيزات فما عدا المرمى واللافتة التي تدل عليه لا معالم تذكر لهذا الملعب فقط مساحة من ارض ترابية تكسوها الأعشاب الطفيلية. احد التلاميذ اكد لنا رغبتهم في ملعب مجهز يمارسون فيه مواهبهم بكل حرية, وقد اشتكى أيضا عدد من الأولياء من قصر أسوار المدارس التي يجاور معظمها الجبال والمناطق الوعرة. مواهب بمدرسة بولعابة انتقلنا مع موكب الوزير لمعاينة مدرسة أخرى بمنطقة بولعابة قدّم تلاميذها ايضا عروضا مسرحية وأغان أبرزت عدة مواهب شابة وبينت تعطش أطفال الجهة للمسرح وللأنشطة الثقافية عموما. وقد أثنى الأولياء على مثل هذه العروض والأنشطة ودورها في ترفيه الطفل وفتح شهيته للدراسة وتعزيز حبه للمدرسة. ولدى حديثنا مع مجموعة من أهالي منطقة بولعابة أثار «عم صالح» مشكل الماء ببعض الأماكن كما اشتكى من قلة التنوير العمومي خاصة مع وعورة المنطقة ومحاذاة بعض المدارس للجبل. بعض المدارس الداخلية حالتها كارثية من منطقة بولعابة انتقلنا إلى جهة تالة وتحديدا إلى مدرسة فلسطين وهي بناء عمره فاق المائة عام وقع هدمه وإعادة ترميمه ليكون مدرسة واسعة بأقسام جد محترمة. المدرسة على طابقين تعتبر من المدارس النموذجية وتتوسط مناطق العمران .وقد عاب البعض من أهالي القصرين على الوزير زيارته مدارس تعتبر بحالة جيدة مقارنة بنظيراتها بكامل الولاية. وقد أكد لنا الشيخ محمد أن بعض المدارس بالجهة تفتقد للصرف الصحي والماء الصالح للشرب والمراحيض مشيرين الى أن الحيوانات والكلاب ترتع فيها ايضا. غياب وسائل التدفئة وقد فوجىء الجميع بزيارة وزير التربية إلى معهد ابن شرف بتالة وكالعادة توجهنا بالسؤال لتلاميذ المعهد عن النقائص فتحدثت إلينا «خولة» بألم شديد مؤكدة وجود عدة نقائص بالمعهد خاصة انهم يقيمون في المبيت التابع له كامل أيام الدراسة وتجبرهم أحيانا الظروف الطبيعية على المكوث فيه أيضا أيام الآحاد . احد عمال الحراسة اشتكى من الظروف الصعبة التي يعيشها التلاميذ وقدم لنا فتيات تردّدن في البداية ثم انطلقن بعد محاولات اقناعهن بالحديث معنا مؤكدات ان الحارس شاهد على ما يعشنه طيلة السنة الدراسية من عناء مما يضطره في غالب الأحيان لمساعدتهن على مقاومة برودة الطقس بإشعال الحطب للتدفئة بأحد البراميل الحديدية قبل التوجه إلى قاعات الدرس. سلمى تلميذة بمعهد ابن شرف أكدت لنا عجزهن على تجاوز الساعة 9 ليلا في المراجعة نظرا لبرودة الطقس وعدم تجهيز مبيت المعهد بوسائل للتدفئة. ذات الفتاة اشتكت مع عدد من زميلاتها من قلة الأغطية في المبيت رغم علم الجميع بأن منطقة تالة من ابرد المناطق بالجمهورية. تلميذة أخرى تحفظت عن ذكر اسمها اشتكت من سوء المعاملة بالمعهد ومنعهن حتى من حمل الهاتف الجوال للاتصال بعائلاتهم .كما أكدت أن الأطعمة والوجبات المقدمة جد سيئة لا بل مقرفة وتحتوي في بعض الأحيان على الحشرات والديدان . الأنشطة الثقافية تساوي العقوبة تنقلنا إلى مجموعة أخرى من التلاميذ حيث تحدثوا عن مشكل أخر بالمعهد تمثل في غياب الأنشطة الثقافية والترفيهية والفكرية والرياضية مما تسبب في وأد مواهبهم المتنوعة. كما أكد لنا تلميذ بالمعهد أن تكوين احدهم ناد من أي نوع يكلفه عقوبة ويعتبره بعض المسؤولين بالمعهد تأليبا للتلاميذ وحثا على الفوضى. وعبّر ذات التلميذ نيابة عن كل زملائه عن رغبتهم في وجود ناد للإعلامية لمواكبة كل التطورات عن طريق الانترنات وتبديد شعورهم بالعزلة والنقص مقارنة ببعض الولايات. غياب الصيدلية أمر لافت للانتباه تكلم عنه تلاميذ معهد ابن شرف بتالة ألا وهو غياب الصيدلية أو حتى ممرض بالمبيت حيث يستدعى والد المريض ليقوم بإخراجه ومداواته مهما كانت حالته الصحية وبُعد مسافة المنزل عن المعهد ومهما كانت ظروف الأسرة المادية وقتها. خطوات قليلة تفصل معهد ابن شرف عن مدرسة 25 جويلية 1957 التي حظيت ايضا بزيارة الوزير الفجئية وهي كذلك من المدارس التي تعاني من عدّة نقائص حسب ما عايناه وحسب ما أفادنا به الأولياء والتلاميذ كذلك. البطالة وغياب التنمية ولدى دخولنا وسط مجموعة من المواطنين الذين تجمعوا أمام المدرسة المذكورة أكدت لنا السيدة فاطمة أن القصرينوتالة خاصة من المناطق المحرومة والمهمشة التي لا يزورها المسؤولون ولا تحظى بالعناية اللازمة وأنها أيضا مغيبة في وسائل الإعلام عدى بعض المواكبات اثر ضربات إرهابية .كما أشارت فاطمة إلى عدم وجود وسائل ترفيه لشباب المنطقة مع كثرة البطالة مما جعل خوف الأولياء يتزايد على أبنائهم المراهقين من الضياع خاصة أن القصرين صنفت من المناطق الساخنة والتي غرس الإرهاب فيها أنيابه بقوة.محمد شاب صاحب شهادة علمية وعاطل عن العمل بدأ كلامه قائلا «كان جانا وزير التشغيل خير» وأضاف أن شباب الجهة جدّ مهمّش ويائس من انفراج الوضعية مؤكدا أن غياب مواطن الشغل كالمصانع والمؤسسات والشركات عزز مشكل البطالة.وأضاف محمد أن الفاقة والعجز عن تسطير مستقبل مشرق يمكن أن يدفع بالبعض للتنازل عن مبادئه والوقوع في فخ الإرهاب أو الهجرة الغير شرعية أو تعاطي «الزطلة» وغيرها من المواد المخدرة.ورغم المبادرة الطيبة التي قام بها وزير التربية ناجي جلول بتفقد المؤسسات التربوية بجهة القصرين والوقوف على النقائص ,وإعلانه اصدار قرار باجبارية بعث نواد للموسيقى والمسرح والسينما والفلسفة أيضا دحرا لثقافة الموت و ارساء لثقافة الحياة إيمانا منه بدور مثل هذه النوادي في تجذير الهوية والوطنية وكشف مواهب وصقل أخرى وإخراج جيل واع بقيمة الثقافة فإن الأهالي أكدوا ندرة زيارة المسؤولين للولاية وعدم أخذها النصيب الكافي من التنمية مؤكدين أن القصرين لن تستسلم للإرهاب رغم كل الظروف .