عين دراهم: حملة واسعة للتصدي للانتصاب الفوضوي    الجبابلي: تونس وفّرت تذاكر سفر للمهاجرين غير النظاميين للعودة إلى بلدانهم..    سحر البُن.. وعبق الإبداع والفن    اختتام مشروع "البحر الأزرق هود"    ارتفاع لافت في مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج... مؤشرات إيجابية للاقتصاد الوطني    زيارة وفد نيابي الى المركب الصحي بجبل الوسط: تراجع خدمات المركب بسبب صعوبات عدة منها نقص الموارد البشرية وضعف الميزانية والايرادات    عاجل/ ايران تطلق دفعة جديدة من الصواريخ…    عاجل : أزمة جديدة تلاحق محمد رمضان    ارتفاع درجات الحرارة يسبب صداعًا مزمنًا لدى التونسيين    وائل نوار: الرهان المستقبلي لقافلة الصمود حشد مئات الآلاف والتوجه مجددا لكسر الحصار    حماية المستهلك والتجارة الإلكترونية: تذكير بالقواعد من قبل وزارة التجارة وتنمية الصادرات    مقترح قانون لتنقيح قانون الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلّغين    وزيرة الشؤون الاجتماعيّة بحكومة الوحدة الليبيّة تدعو إلى تعزيز التعاون بين تونس وليبيا في مجالات العمل الاجتماعي لفائدة الطفولة الفاقدة للسند    وزير السياحة يؤدي زيارة إلى ولاية جندوبة    إزالة مخيم ''العشي'' للمهاجرين في العامرة..التفاصيل    منصّة "نجدة" تساعد في انقاذ 5 مرضى من جلطات حادّة.. #خبر_عاجل    منتدى الحقوق الاقتصادية يطالب بإصلاح المنظومة القانونية وإيجاد بدائل إيواء آمنة تحفظ كرامة اللاجئين وطالبي اللجوء    بداية من 172 ألف دينار : Cupra Terramar أخيرا في تونس ....كل ما تريد معرفته    عاجل: اتحاد الشغل يطالب بفتح مفاوضات اجتماعية جديدة في القطاعين العام والوظيفة العمومية    بلومبيرغ: إيران تخترق كاميرات المراقبة المنزلية للتجسّس داخل إسرائيل    عودة التقلّبات الجوّية في تونس في ''عزّ الصيف'': الأسباب    ''مرة الصباح مرة ظهر''.. كيف يتغيّر توقيت اعلان نتيجة الباكالوريا عبر السنوات وما المنتظر في 2025؟    عاجل: القلق الإسرائيلي يتصاعد بسبب تأجيل القرار الأميركي بشأن الحرب على إيران    النادي الإفريقي يعلن عن موعد الجلسة العامة الانتخابية    صلاح وماك أليستر ضمن ستة مرشحين لجائزة أفضل لاعب من رابطة المحترفين في إنقلترا    "ليني أفريكو" لمروان لبيب يفوز بجائزة أفضل إخراج ضمن الدورة 13 للمهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    من مكة إلى المدينة... لماذا يحتفل التونسيون برأس السنة الهجرية؟    المنتخب التونسي للكرة الطائرة يختم تربصه بإيطاليا بهزيمة ضد المنتخب الايطالي الرديف 3-1    وزير الإقتصاد في المنتدى الإقتصادى الدولي بسان بيترسبورغ.    كأس العالم للأندية: الترجي الرياضي يواجه الليلة لوس أنجلوس الأمريكي    طقس اليوم: أمطار بهذه المناطق والحرارة في ارتفاع طفيف    بطولة برلين للتنس: أنس جابر توانجه اليوم التشيكية "فوندروسوفا"    ميسي يقود إنتر ميامي لفوز مثير على بورتو في كأس العالم للأندية    كاس العالم للاندية : ريال مدريد يعلن خروج مبابي من المستشفى    روسيا تحذّر أمريكا: "لا تعبثوا بالنار النووية"    عاجل/ عقوبة سجنية ثقيلة ضد الصّحبي عتيق في قضية غسيل أموال    صاروخ إيراني يضرب بئر السبع وفشل تام للقبة الحديدية...''شنو صار''؟    عاجل/ طهران ترفض التفاوض مع واشنطن    تقص الدلاع والبطيخ من غير ما تغسلو؟ هاو شنو ينجم يصير لجسمك    ما تستهينش ''بالذبانة''... أنواع تلدغ وتنقل جراثيم خطيرة    عاجل/ سعيّد يكشف: مسؤولون يعطلون تنفيذ عدد من المشاريع لتأجيج الأوضاع    خامنئي: "العدو الصهيوني يتلقى عقابه الآن"    الأوركسترا السيمفوني التونسي يحتفي بالموسيقى بمناسبة العيد العالمي للموسيقى    بالفيديو: رئيس الجمهورية يشرف على اجتماع مجلس الوزراء...التفاصيل    كأس العالم للأندية: أتليتيكو مدريد يلتحق بكوكبة الصدارة..ترتيب المجموعة    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    شارع القناص ...فسحة العين والأذن يؤمّنها الهادي السنوسي .. الثقافة وهواة اللقمة الباردة : دعم ومدعوم وما بينهما معدوم.. وأهل الجود والكرم غارقون في «سابع نوم»!    موسم الحبوب: تجميع4.572 مليون قنطار إلى غاية 18 جوان 2025    خطبة الجمعة... ذكر الله في السراء والضراء    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    وفاة أول مذيعة طقس في العالم عن عمر يناهز 76 عاما    أمطار أحيانا غزيرة ليل الخميس    بعد 9 سنوات.. شيرين تعود إلى لقاء جمهور "مهرجان موازين"    اطلاق بطاقات مسبقة الدفع بداية من 22 جوان 2025 لاستخلاص مآوي السيارات بمطار تونس قرطاج الدولي    وفاة 5 أعوان في حادث مرور: الحرس الوطني يكشف التفاصيل.. #خبر_عاجل    الخطوط التونسية: تطور مؤشرات النشاط التجاري خلال أفريل وماي 2025    أمل جديد لمرضى البروستات: علاج دون جراحة في مستشفى الرابطة.. #خبر_عاجل    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الله العبيدي (ديبلوماسي سابق ومحلّل سياسي) ل«التونسية»:تحالف المال والسياسة طرح مشاكل الشعب جانبا
نشر في التونسية يوم 13 - 12 - 2015

أيّ تجريم للتطبيع عندما نتعامل مع شركات عابرة للحدود؟
«ضباع» الديبلوماسيّة الموازية توهّموا أن تونس لم تعد سيّدة قرارها
عنف الدولة المقيّد بالقانون من صميم هيبتها
حوار: أسماء وهاجر
على وقع المعركة بين الحريات ومتطلبات الأمن القومي بتونس كيف تتحدد الأولويات ووفقا لأي معيار؟ أي معنى للمطالبة بإرجاع كفاءات تم التخلي عنها بتهمة الأزلام؟ أيّة آفاق للديبلوماسية التونسية؟ وهل تجاوزت الهنات السابقة والفشل في استعادة المخطوفين نذير الكتاري وسفيان الشورابي؟ ما حقيقة تحول بعض السياسيين إلى مجرد ممثلين لأصحاب المال تحت قبة البرلمان وردّ الجميل لهم بتمرير قوانين لا مصلحة للشعب فيها؟ عن هذه الأسئلة وغيرها أجاب الديبلوماسي السابق والمحلل السياسي عبد الله العبيدي في لقاء «التونسيّة» به مؤكدا أن جائزة نوبل يجب أن تقرأ في إطار مقولة فولتير «أعرف من أنا وكيف ينظر لي الآخر» وهي حسب ذكره مكافأة لوساطة والمفروض أن يتمتع بها الوسيط ومن وقع التوسط بينهم لأنهم قبلوا بالوساطة. كما أشار محدّثنا إلى أننا نعيش مفارقة حيث يتوسط رأس المال وقوة الشغل بين السياسيين في حين أن الواقع عبر التاريخ وعبر الجغرافيا هو أن يتوسط السياسيون بين رأس المال وقوة الشغل.
على وقع الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الانسان اليوم كثر الحديث عن وجود معركة بين الحريات ومقتضيات الأمن القومي، وكيف ترى المسألة؟
العملية تتعلق بحجم المجهود المبذول من طرف المؤسسة الرسمية ومدى اجتهاد القائمين على شؤونها في خدمة ما انيط على عاتقهم من مهام .يعني الاجتهاد في انصاف الناس وإيتاء كل ذي حق حقه. الأمن ضروري لكن دون ضحايا.فهؤلاء هم ضحايا تقاعس المسؤولين وقلة كفاءتهم. فالأمن جعل لحماية الأشخاص والممتلكات وليس من المعقول ظلم مواطن من اجل مواطن آخر. فالحريات يجب أن تكون مضمونة. والأمن يجب أن يكون مرتبطا بغايات ومقاصد جلب المنفعة والمصلحة ودرء المفاسد. وللحد من الأضرار المطلوب كفاءة الامنيين ودُربتهم فبقدر ما يكون رجل الأمن مختصا في مجاله يكون قيامه بالواجب على أسس سليمة. فحسن الأداء وسرعته لا يوفّرهما إلا التكوين وهو ما يبرر المطالبة بإرجاع الكفاءات الأمنية التي تم اقصاؤها.
ما رأيك في المطالبة بعودة كفاءات النظام السابق؟
هي ليست كفاءات النظام السابق بل هي كفاءات تونس. وعلى القائمين بالشأن العام انتقاء الكفاءات الحقيقية بما يتوفر لديها من خبرة واستقامة ونظافة اليد لأنه من الشروط التي يضعها القانون الاساسي للوظيفة العمومية الخبرة والكفاءة والاستقامة وحسن السيرة. فيكفي في هذا الإطار أن نلتزم بالقانون الأساسي للوظيفة العمومية ولا بنزوات بعضهم وأهوائهم تحت شعار عبارة «زلم». فلا يجب أن نحاكم الناس بالحدّوثة وبما يقال عن فلان وأستشهد في هذا الإطاربمثال عبد الرحمان بلحاج علي كان هناك في البداية تحفّظ بوزارة الخارجية على شخصه عندما عيّنه بها بن علي - بحكم إنّ الوزارة متقوقعة- لكننا انبهرنا بشخصه وبكفاءته وبحرصه على العدل ونفس الأمر بالنسبة للقنزوعي وأستشهد في هذا الإطار بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلثا الناس ضد الحاكم ان عدل». ما أقوله إنّ الأمن ليس أمن أشخاص وممتلكات فحسب وانما أن يكون للدولة احتكار لعنف مقيّد بالقانون لأن هناك الأمن المباشر والأمن غير المباشر. فسلطة الدولة تمارس في كل مجالات اختصاصها وان لم تكن مهابة فهي لن تحقق أهدافها وهي بالأساس حمل المواطن على احترام القانون وتحقيق العدل والتعديل والتحكيم.وهذا من صميم هيبة الدولة.
هل استرجعت الدولة هيبتها الآن؟
هيبة الدولة من هيبة المواطن ولا هيبة للمواطن إلا اذا تمتع بظروف العيش الكريمة. واذا افتقد إلى هذه الظروف وتدنّى مستواه المادي والمعنوي ولم يعد قادرا على مجابهة استحقاق العيش الكريم يقترب من الوحش ولا يستقيم الكلام عن هيبة الدولة في ظلّ وجود نسبة كبيرة من مواطنين لا يختلفون عن الوحوش. فواجب الدولة هو أن ترتقي بمواطنيها في كل مجالات الحياة إلى مستوى أنسنتهم.
عديد الأطراف تشير اليوم إلى أن جائزة نوبل سياسية بامتياز خاصة في ظل صعوبات الوضع في تونس؟
هناك مقولة لفولتير «أعرف من أنا وكيف ينظر لي الآخر» وجائزة نوبل تتنزل في هذا الإطار. مؤسس الجوائز والأوسمة «نابوليون بونابارت» قارن الجوائز بلعب ايقاظ وتنمية الوعي وقال «بالأوسمة والجوائز استطيع أن افعل بضباط الجيش الفرنسي ما أريد». لو توقفنا قليلا عند جائزة نوبل التي أحرز عليها الرباعي مؤخرا لأيقنا أنها بالأساس مكافأة لوساطة والمفروض أن يتمتع بها الوسيط ومن وقع التوسط بينهم لأنهم قبلوا بالوساطة والمرجح أن هناك جائزة نوبل أخرى لتونس في الأفق لأن ركني الرباعي الراعي اليوم في خصام كبير ومن المنتظر أن تتوسط بينهما جهة وإن وفقت سوف تحظى بنوبل ثانية. وللإشارة فإن هذين الرّكنين في سياق توسطهما بين السياسيين أهملا طيلة ما يزيد عن الثلاث سنوات الملفات التي هي في صلب اختصاصاتهما واليوم هما في مأزق كبير ولو اعتنيا بهذه الملفات على الأقل بصفة موازية لتوفقت تونس في تقليص كتلة الخلافات التي هي بالأساس اقتصادية مع أبعادها الاجتماعية التي كانت منطلق الأحداث التي عرفتها البلاد وآلت إلى ثورة. وقد عشنا مفارقة في تونس هي توسط رأس المال وقوة الشغل بين السياسيين في حين أن الواقع عبر التاريخ والجغرافيا هو أن يتوسط السياسيون بين رأس المال وقوة الشغل. أخشى أن يكون ثمن ما أفرزته هذه المفارقة باهظا بالنسبة لتونس والتونسيين في السنوات القادمة ان لم يجنح رأس المال وقوة الشغل إلى وفاق يأخذ في الاعتبار حقوق كل جهة وما تقتضيه من تنازلات لضمان السلم الاجتماعية ومساعدة البلاد للتدرج في النقاهة.
يقال إن اقرار التعددية النقابية جاء في وقت مشبوه أي اثر احتداد الصراع بين منظمة الأعراف والمنظمة الشغلية؟
التعددية مطلوبة في كل زمان ومكان وأفضل مثال على نجاح التعددية النقابية هي ألمانيا، في هذا البلد وتحت سقف واحد كلّ القطاعات لها استقلاليتها في إطار ما يسمى برابطة النقابات الألمانية «دي جي بي» حتى لا يقع فسح المجال لتأليب نقابة على أخرى لأنه يغيب عن بعضهم أن هذا التلاعب يؤول في آخر المطاف اذا ما مسّ بحقوق جوهرية إلى الفوضى والفوضى يدفع ثمنها الجميع, لأن شلل أيّ قطاع اقتصادي ينعكس على كل القطاعات وينال من حق المواطن في حياة كريمة.
هناك من المحللين من يعتبر أن الديبلوماسية اليوم باهتة لا لون لها باعتبارها محايدة جدا.. كيف تراها؟
هذا عين الصواب اذا اعتبرنا أن الديبلوماسية هي بالأساس التسويق للسياسة الخارجية. والسياسة الخارجية نتاج كل الوزارات والمجتمع بأسره. فليس للديبلوماسية ذنب اذا لم توفر لها سياسة البلاد وسعي الشعب منتوجا قابل للتسويق .اذا اقتصر تفكيرنا على السياحة كيف لأي مسؤول أن يروج لمنتوج سياحي وجوهرة سياحتنا جربة تحولت إلى مصبّ فضلات لم يعد يطيق العيش فيها حتى ابناؤها؟ فالمطلوب في كل المجالات هو تأسيس سعينا على ركني العقل والمجهود. فلا جائزة نوبل ولا رأي الآخرين فينا يعفينا من القيام بواجباتنا بما تستوجبه من مجهود منظم هادف وجماعي. ونحن لم نتوفق بعد في السيطرة على أوضاعنا حتى في الداخل فكيف سننجح في الخارج؟
هل تجاوزت الديبلوماسية التونسية هنات 2011 أم هي تعيش على تداعياتها؟
للعدل ولإيفاء كل ذي حق حقه أقول انّ الاوضاع تختلف. ففي 2011 شلّت كل أجهزة الدولة ورميت كل كفاءاتها بالانتماء إلى العهد البائد. ومهما كانت عبقرية القائمين على المؤسسات تبقى دون المطلوب اذا لم تتوفر لها خبرة اطاراتها.. وقد انحصر الحكم للشيء أو عليه في حدود المشاعر والايديولوجيات وكل ما كان قبل 14 جانفي لم يعد صالحا مهما كانت قيمته ووقع التخلي عنه بطريقة عشوائية متهورة. في الأثناء اصطدم الرأي العام بالواقع وبدأ تدريجيا يعود إلى وعيه واتجهت الأمور نحو شيء من الاستقرار وهو ما أصبح يسمح بالحكم على الأشياء والاشخاص بشيء من الموضوعية لأن الأمر لم يعد يتعلق بخطاب سياسي مجرد وانما أصبح في تأثير مباشر على الحياة اليومية وفي حياة المواطن. فضرورات توفير بضاعة مقبولة للترويج أجبر شيئا فشيئا القائمين على الشأن العام في بعض الأحيان عن مضض إلى الالتجاء إلى الكفاءات التي تركت في وقت من الأوقات جانبا والتي تعج بها كل مؤسساتنا في شتى المجالات وهذا ما نعيشه اليوم مثلا في قطاع الأمن ونأمل أن يكون الأمر مثلما يقال أول الغيث قطرة ثم ينهمر. وللحقيقة حركة «النهضة» ساهمت بقدر كبير في عودة الوعي بما قامت به من تطوير مواقفها حول مختلف الملفات احيانا بسرعة ضوئية وربما كانت هذه السرعة تكون أكبر لولا تصفية الحسابات القائمة في بعض المجالات بين أشخاص في النظام السابق والتي طفا الكثير منها على سطح الإعلام.
ما هي خصوصية الديبلوماسية في عهدي بورقيبة وبن علي؟
أهم خصوصية هي الحرص على الحفاظ على استقلالية القرار السيادي بما توفره الظروف والإمساك عن ركوب الأهوال واقامة شبكة من العلاقات مع بلدان وجهات تتجانس مصالحنا معها مما يكسب هذا السعي للحفاظ على السيادة شيئا من الحصانة. ومن أهم أركان هذا النهج اجتناب التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى والتمسك بالشرعية الدولية التي تشكّل أهم أسس الدفاع عن مصالح ومناعة البلدان الصغيرة والوقوف على نفس المسافة من كل البلدان والايديولوجيات بما يبقي على جسور التواصل مع مختلف الجهات. وهو ما يمكن تونس من الانخراط في مساعي التوسط بالحسنى وخدمة مصالحها. ولاحظنا في السنوات الأخيرة أن كل اخلال مهما كان طفيفا بأحد أركان هذا النهج جلب لتونس ولمواطنيها في الداخل والخارج ويلات جمة نقاسي من تبعاتها إلى اليوم.
ما رأيك اليوم في وجود أطراف تتدخّل في الشأن الخارجي والحديث عن ديبلوماسية موازية؟
هذه نقارنها بالجسد المنهك بالأمراض الذي يتعرض لاكتساح الطفيليات وهؤلاء المتطفلين على السياسة والديبلوماسية شأنهم شأن الطفيليات سيندثرون وينقطع أثرهم بمجرد أن يسترجع جسد الدولة ومؤسساتها عافيته وكلّنا يعلم أن بعض الطفيليات من الوزن الثقيل وبأبعاد دولية من نوع «برنار لوفي» و«جورج سوروس» ولا نريد ذكر جميعهم لعدم احراج بعض كبار القوم الذين تهاطلوا كالضباع بمجرد ما توهموا أن تونسنا الطريحة فقدت حيويتها ورغبتها في البقاء سيدة قرارها.
الفشل في ملف نذير الكتاري وسفيان الشورابي وبعض التونسيين العالقين بالخارج هل هو علامة فشل للديبلوماسية التونسية؟
أقول إنّ الديبلوماسية هي رأس حربة سياسة الدولة الداخلية وامتدادها. مهما كانت الديبلوماسية فهي لا تشتغل إلا عبر بعثات وتمثيليات البلاد في بلد الاعتماد وهذه البعثات بدورها لا تكون ناجعة إلا عبر مؤسسات الدولة التي تمثل تونس فيها. وفي قضية الحال بعثاتنا في ليبيا تعمل في بلاد ليست ذات سلطة مركزية باسطة نفوذها على كامل ترابها وماسكة بزمام الأمور بما يجعلها شريكا مكتمل الشروط ومهما سعت ديبلوماسيتنا واجتهدت في خدمة جالياتنا والدفاع عن مصالحها لن تصل إلى مبتغاها خصوصا في ليبيا حيث تقيم جالية ذات خصوصيات استثنائية اغلب افرادها مزدوجي الانتماء معظمهم تونسيين من أصل ليبي عادوا إلى ليبيا دون أن يتنازلوا عن انتمائهم التونسي وهناك من لهم أواصر قرابة ومصاهرة فلا تستطيع أيّة سلطة أو أيّة قوة حملهم على مغادرة هذا البلد الشقيق فهم كما يقول المثل يشتركون مع شعبه في السراء والضراء ولهذا السبب تجد ديبلوماسيتنا صعوبة جمة في ما يطرأ من احداث في علاقة بهذه الجالية. واذا التمسنا لديبلوماسيتنا عذرا نسوق ما تعرض له الديبلوماسيون الامريكان في ايران إثر قيام الثورة وفي ليبيا أيضا حيث طالت أيادي أعداء الأمريكان ديبلوماسيين في حالة مباشرة إلى درجة أن بعضهم قتل كالسفير الامريكي في ليبيا.
اليوم هناك عودة لمناقشة سنّ قانون يتعلق بتجريم التطبيع. هل يمكن أن تكون لمثل هذا القانون انعكاسات على الاقتصاد وعلى مستوى العلاقات السياسية مع بلدان أخرى؟
أيّ قانون لم يستند إلى واقع الأمور التي يهدف إلى تنظيمها يبقى فاقدا للقيمة التنفيذية ونحن نعلم أن كبار القوم في تونس يتمتعون بعلاقات حميمية بمن نريد منع التطبيع معهم وليس للدولة امكانيات التثبت من الانصياع لاستحقاقات أيّ قانون يهدف إلى منع التطبيع وأبلغ دليل على ذلك ما صرحت به وزيرة السياحة في حكومة المهدي جمعة من أنّ رئيس الحكومة الذي لا يستطيع الامتثال لمثل هذه القوانين وهو أحد كبار مسؤولي شركة عابرة للحدود وعبور الحدود هو في ذاته تطبيع مع الجميع. اذن مع تقديرنا للنوايا الحسنة لبعض النواب المناهضين للتطبيع لا نخال أن سعيهم سوف يفضي إلى النتائج التي ترجوها أغلبية شعبنا.
اعتبر «التيار الشعبي» أن التمسك بالفصل 61 من مشروع قانون الميزانية لسنة 2016 الذي يتعلق بالعفو عن جرائم الصرف والجباية هو محاولة لتمرير بعض أحكام مشروع قانون المصالحة الاقتصادية المرفوض؟
من حيث المبدأ «التيار الشعبي» محق في ما يقول. لكن الأمور بمقاصدها فإذا كان هذا القانون سوف يحقق لتونس استرجاع توازنها واستقرارها ويعيد للدورة الاقتصادية قوة مالية لا يستهان بها بما يساعد على مكافحة البطالة وإحياء بعض جهاتنا الأقل حظا فربما وجب مناقشة هذا المبدأ ولكن قد يتراءى إلى بعضهم أن هذا القانون هو مجرد ردّ جميل لمن ساعد هذا الحزب أو ذاك للارتقاء إلى سدّة الحكم والمسك بزمام الأمور لتطويع الدولة وأجهزتها لمصالح الأطراف أو ما يسمى باللوبيات المهيمنة وذات «قوة دفع -بمختلف مفاهيم هذه الكلمة- لا يستهان بها.
هناك من يعتبر أننا أمام تحالف بين بعض الاثرياء الفاسدين وبعض السياسيين الذين اصبحوا يعبرون عن مصالح هؤلاء اكثر من تعبيرهم عن مصالح وقضايا الشعب.. ما هو رأيكم؟
هذا في صميم الحقيقة لأن هذا التحالف لم يغب يوما عن تونس منذ فجر التاريخ. كل ما في الأمر انه خفت إلى حين فظنّوه اندثر. فالعديد من المعطيات تؤكد قيام هذا التحالف فتعثر المفاوضات الاجتماعية اليوم يفيد أن أصحاب المال والاعمال يتطلعون إلى استعادة أجهزة الدولة وخاصة الأمني منها للدخول مجددا تحت مظلته وتسيير الأمور بما يستجيب للمصالح الفئوية الضيقة وهو في جوهره رفض لإقامة الدولة المواطنية التي لا فيصل فيها إلا للقانون الذي يتساوى أمامه الثري والفقير المعدم. ونحن اليوم نعيش «ابرتايد» حيث أصبح للفقراء مدارسهم ورياض أطفالهم إن وجدت ومستشفياتهم وللأغنياء عالمهم ولا أدل على ذلك مما أعلن عنه رسميا من مضاعفة قدرة الاستيعاب لسنة واحدة في المدارس الخاصة حيث أصبح روادها من الميسورين ومن ذوي القدرة على تحمل التكاليف.
من مصدّرة للأدمغة إلى مصدّرة للإرهاب.. هذه حال تونس اليوم في عيون الغير. كيف تقرؤون هذا الحكم؟
تونس تصدّر هذين الصنفين من خيرة شبابنا لأن الكثير من الإرهابيين هم من حاملي الشهائد العليا المنتمين إلى الفئات الضعيفة. وتصدير الادمغة والبلاد في حاجة إلى كل ابنائها لا يقل اخلالا بمصالح الوطن. ونلاحظ أن البلاد بالنسبة للفئات الميسورة تحولت في السنوات الأخيرة إلى قاعة انتظار عملاقة في مطار دولي حيث أصبح أبناء الميسورين مشاريع تصدير وبمجرد ما يحصلون على شهادة الباكالوريا أو شهادة جامعية يقع ايفادهم إلى البلدان الغربية للإقامة بها. كما أصبح الكثير من مواطني بلدنا يستعرضون جوازات سفرهم الاجنبية بالكثير من الاعتزاز والتفاخر بما يبعث على نوع من الخجل وقد نتفهم أن بعض ضرورات الحياة تحتم على بعضنا الالتجاء إلى هذا الأمر لكن أن يتم التباهي بذلك فهذا مؤلم لمن احب هذا الوطن وسعى إلى خدمته وتعميره وهذا دليل بليغ على قلة التونسيين من صنف البناة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.