التونسية (تونس) بدا أمس الأول «جناحا تونس» متماهيان إلى درجة كبيرة في تشخيص الأسباب التي أدت إلى تأجج الأوضاع بالعديد من الولايات وأحياء تونس العاصمة وعلى رأسها التشغيل والتنمية . وبما أن ملف التشغيل ظل الصداع الذي يؤرق الحكومات المتعاقبة فقد دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في الخطاب الذي توجه به مساء أوّل أمس إلى الشعب إلى الاسراع بتقديم برامج تخفف وطأة البطالة مع مراعاة إمكانيات الدولة والعمل على إيجاد التمويل اللازم حتّى لو كان ذلك على حساب مشاريع أخرى واعتبار هذه المسألة من أوكد الأولويات ممّا يشير إلى أن الحكومة قد تضطر مرة أخرى إلى توجيه نفقات مخصصة للاستثمار نحو التأجير في حال تأكد وعد الحكومة بإحداث خمس ألاف موطن شغل. رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي خصص بدوره حيزا هاما من تدخله على «قناة نسمة» للحديث عن معضلة التشغيل ومعوقات التنمية غير أنه كان أكثر إصابة للهدف بوضع إصبعه على أصل الداء في ملف التشغيل مؤكدا أن عوامل عديدة تحول دون تدفق الاستثمارات الداخلية والخارجية وعلى رأسها بيروقراطية الإدارة.وبنبرة واثقة تعكس إصرارا على صيانة مكاسب تونس وتفاؤلا بمستقبلها، بعث رئيس الجمهوريّة الباجي قائد السبسي برسالة طمأنة إلى الشعب التونسي وإلى الخارج أكّد فيها أنّ «تونس عودها ليس بهيّن، عودها قويّ وصلب»، متوجّها إلى الخارج بقوله إنّ تونس بخير وماضية في تركيز الديمقراطيّة وإنّها ستواصل احترام التزاماتها الماليّة وغيرها، وذلك للردّ على تصريحات مسؤولين تونسيين لم يذكرهم، وقد يقصد الباجي قايد السبسي خاصّة الرئيس السابق المنصف المرزوقي.أمّا زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي فقد أبدى أيضا من التفاؤل القدر الكبير مطمئنا بأن تونس ستنتصر في معركة التنمية مثلما انتصرت في معركة الديمقراطية داعيا الحكومة إلى تحمّل مسؤوليتها في تسيير المشاريع المعطلة وهو ما يؤكد ما نبهت إليه المنظمات الدولية من ضرورة إسراع الحكومة بتمهيد الطريق نحو الاستثمار عبر معالجة ضعف البنية التحتية في الولايات المدرجة ضمن قائمة التمييز الايجابي. ورغم أنه لم ينتقد مباشرة قرارات المجلس الوزاري الأخير بانتداب 5000 شاب فقد اعتبر الغنّوشي أن اغراق الدولة بالموظفين لا يمثل حلا لإشكالية التشغيل في تنبيه مبطن إلى ضرورة عدم الانسياق وراء تسكين غضب العاطلين عن العمل بإجراءات تضع الحكومة أمام صعوبات مالية جديدة قد تضطر لمجابهتها بالتداين الخارجي على غرار ما حصل طوال السنوات الخمس الماضية .وتابع قوله «ان اشكاليات تونس ليست وليدة اليوم بل إنّها ميراث قديم سابق للثورة وشعبنا الذي صنع الثورة والدستور العظيم قادر على صناعة التنمية وتوفير مواطن الشغل».وبما أن «النداء» و«النهضة» أكدا في مناسبات متعددة مواصلة دعمهما لحكومة الصيد فقد وجد الرجلان عذرا لحكومة الصيد في «فشلها» في حلحلة ملف التنمية الجهوية والتشغيل حيث وصف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي التحركات الاحتجاجيّة التي شهدتها ولاية القصرين وجهات أخرى ب«الطبيعيّة»، لأنّ الذين تحرّكوا يعانون البطالة منذ اندلاع الثورة، ملاحظا أنّ الحكومة التي لم يمض على تشكيلها سنة «وجدت حالة صعبة جدّا وبطالة خانقة» خاصة أن الصيد استلم عهدة الحكومة ب700 عاطل عن العمل بينهم بين 250 ألف و300 ألف شابّ من حاملي الشهائد. التقييم ذاته نطق به الغنوشي الذي قال إنها ليست حكومة مثالية ولكن من فيها وطنيون وليسوا فاسدين داعيا الدولة إلى القيام بدورها من خلال تيسير المشاريع المعطلة مع التشديد على حق الشباب العاطل عن العمل في الغضب شرط ان يعلموا ان هذه المشاكل لا تحل في يوم وليلة وفق تعبيره. وأضاف الغنوشي أن هناك من يستغل آلام المواطنين ويستثمر فيها مؤكدا على أن اللحظة التاريخية تحتاج الى التضامن الوطني. وأمام هذا التوافق يتساءل البعض لماذا لا تبادر كتلتا الحزبين بتقديم مبادرات وحلول تشريعية سريعة وفاعلة من أجل دفع نسق الاستثمار وتجنيب الحكومة الوقوع في فخ الحلول الارتجالية والمتسرعة حتى لا يبقى الزعيمان «كما الطير اللي يغني وجناحو يرد عليه».