من المفارقات أن تعمد حكومة وإدارة ما بعد الثورة الى تحدي قرار المحكمة الإدارية التي تعد أعلى سلطة قانونية دون أي تبريرات رغم تأكيد رئيس الحكومة في مناسبات متكرّرة على علوية القانون . وتفيد مجريات الملف الذي حصلت «التونسية» على نسخة منه أن طالبة مرسمة بالسنة ثالثة طب (سلسبيل زغدود) تقدمت الصائفة الماضية في إطار الأجال القانونية بمطلب نقلة من كلية الطب بالمنستير الى كلية الطب بتونس بعد تأكدها من خضوعها للمقاييس المعمول بها في دراسة مطالب النقل وفق القانون المعتمد من قبل الوزارة إلا أن ملفها جوبه بالرفض . وبعد جمع المؤيدات القانونية التي تؤيد حق الطالبة في النقلة والالتحاق بكلية الطب في تونس تقدمت المعنية بالأمر بالملف إلى المحكمة الإدارية بغاية الحصول على مخرج قانوني يسمح لها بالتسجيل وهو ما تم فعلا حيث أنصفت المحكمة الإدارية الطالبة ومكنتها من قرار بتاريخ 30 أكتوبر 2015 يمكنها من حق الالتحاق بكلية الطب بتونس . وقد أيدت المحكمة الإدارية قرارها بأن رفض مطلب الطالبة محل الدعوى صدر عن سلطة غير مختصّة متمثلة في رئيس جامعة صفاقس والحال أن جامعة تونس المنار هي السلطة المؤهّلة قانونا لاتخاذ قرار النقلة تطابقا مع أحكام الأمر عدد 2601 المؤرخ في 25 ديسمبر 1995 المتعلق بضبط الإطار العام لنظام الدراسة وشروط التحصيل على الشهادة الوطنية لدكتور في الطب الذي ينص على أن النقلة تمنح بقرار من رئيس الجامعة المعنية غير أن القرار موضوع المطلب الذي تقدمت به الطالبة سلسبيل زغدود تم اتخاذه بتاريخ 31 أوت 2015 بكلية الطب بصفاقس ولم يصدر عن رئيس الجامعة المعنية (جامعة تونس المنار) . كما أشار الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية إلى ان تحديد عدد البقاع المتوفرة للنقل ورد مخالفا لأحكام الفصل 14 من الأمر ذاته لعدم صدوره بمقرّر من وزير التعليم العالي والبحث العلمي . ورغم وجود المؤيدات القانونية لم تتمكن الطالبة من حق التسجيل بكلية الطب بتونس وهو ما منعها من حق الدراسة إلى حدود هذا التاريخ ويهدد بخسرانها السنة الجامعية الحالية وهو ما أشارت إليه المحكمة الإدارية في نص الحكم حيث نبهت إلى أنّه من شأن التمادي في عدم تنفيذ قرارها أن يتسبب للمعنية بالأمر في نتائج يصعب تداركها . الموفّق الإداري على الخطّ وأمام إستحالة كل السبل أمام الطالبة لتنفيذ قرار المحكمة الإدارية توجهت إلى الموفق الإداري الذي تدخل لدى وزارة التعليم العالي للإستيضاح ودعوتها إلى تنفيذ القرار غير أن الوزارة أكدت إحالة الملف إلى عميد كلية الطب بتونس داعية إياه إلى تسجيل الطالبة غير أن العميد أفاد بوجود موانع تحول دون تنفيذ الحكم بسبب انطلاق الامتحانات في الكلية غير أن هذا التبرير لم يستند إلى أي نص قانوني أو أمر ترتيبي . وفي الأثناء تنتظر الطالبة التي استجارت بمجلس نواب الشعب لمساعدتها على تنفيذ الحكم آذانا صاغية تنصفها وتعيد لها الحق في التعليم الذي يكفله الدستور علما أنّ 55 عضوا من مجلس نواب الشعب أمضوا على عريضة مطالبين فيها الحكومة بالامتثال لقرار المحكمة الإدارية .