التونسية (تونس) «جزاء سنمّار» مثل عربي شهير يمكن أن ينطبق على واقع المعارضة في بلادنا منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطة, وما تبعه مما يسميه البعض ب«تنكّر مؤسس «نداء تونس» لحلفاء أو أصدقاء الأمس ضمن جبهتي «الإتحاد من أجل تونس» و«الإنقاذ» و« اعتصام الرحيل» بعد وصوله إلى قصر قرطاج, والدليل ما جاء في تهجماته الأخيرة على أحزاب المعارضة وخصوصا «الجبهة الشعبية» التي اتهمها مؤخرا بممارسة «الإرهاب الفكري على الحكومة». وسنمّار هو مهندس أرامي نبطي من سكان العراق الأصليين قام ببناء قصر الخورنق الشهير للملك النعمان, وعند إنتهاء الأشغال أعلم سنمار الملك بأن هناك آجرة(ياجورة) في القصر لو زالت لسقط القصر برْمته, وأنه الوحيد الذي يعرف مكانها, وأنه يستطيع بناء قصر أفضل من قصر النعمان, فما كان من هذا الأخير إلا أن ألقى به من أعلى القصر حتى لا يخبر أحدا بمكان الآجرة لتكون نهاية سنمّار الموت. «التونسية» طرحت الموضوع على بعض ممثلي أحزاب المعارضة حلفاء الباجي بالأمس (ضدّ الترويكا) وحصلت على إجابات: اعتبر القيادي في «الجبهة الشعبية» زهير حمدي في حديثه ل«التونسية» أن تهجم الباجي قائد السبسي على المعارضة واتهامها بممارسة الإرهاب الذهني سلوك متوقع وأن السبسي يريد التملص من الفشل الذي تعيشه البلاد تحت سلطته بإلقائه على عاتق المعارضة, مؤكدا أن الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد هي مسؤولية السلطة الحاكمة وليست مسؤولية المعارضة, مضيفا أن الحكام الحاليين في وضع تخبط, وأن ذلك ما يفسّر تهجمات السبسي على المعارضة وعلى«الجبهة الشعبية» بالخصوص. وأوضح حمدي أن السمة البارزة للمشهد السياسي في تونس والمنطقة عموما هي التحالف بين بقايا الأنظمة السابقة والإسلام السياسي، وذلك بتعليمات أو إرادة أمريكية, على حدّ قوله وأنه لذلك يتم استهداف المعارضة. انقلاب لتوسيع الصلاحيات من جانبه, قال رئيس الحزب الإشتراكي محمد الكيلاني ل«التونسية» إن الانقلاب الذي قام به السبسي على أحزاب المعارضة ليس وليد اللحظة بل وقع منذ مرحلة الانتخابات التشريعية والرئاسية الفارطة, موضحا أن السبسي يسعى إلى إيجاد «معارضة على المقاس», بمعنى أن تكون السلطة التنفيذية في موقع الأقوى. وأشار الكيلاني إلى أن المعارضة لا تسبب إزعاجا للرئيس بقدر ما تزعجه محاولته توسيع صلاحياته وسعيه إلى تكريس النظام الرئاسي عبر تعديل الدستور. وأضاف رئيس الحزب الإشتراكي أنه كان على السبسي طرح موضوع تنقيح الدستور نحو إرساء نظام رئاسي بصورة واضحة دون الحاجة إلى الدخول في متاهات معارك جانبية مع أحزاب المعارضة, مؤكدا أن حركة «النهضة» تتجه إلى تبني مقترح تعديل الدستور لأنها تخطط إلى إيصال الغنوشي إلى كرسي قرطاج, مبينا أن النهضويين يعملون على هذا المخطط في صمت حسب قوله. وأكد محمد الكيلاني أنه كان على رئيس الجمهورية التصرف كرئيس لكل التونسيين لا كأمين عام لحزب سياسي, مبينا أن السبسي مطالب بعدم حشر نفسه في التجاذبات السياسية. وبخصوص تهجم السبسي على «الجبهة الشعبية» بالذات, قال الكيلاني إن «الجبهة» هي المعارضة الممثلة برلمانيا, وأنها لهذا السبب محط تهجمات رئيس الجمهورية نظرا لأن الرئيس لا يولي أي إهتمام للمعارضة غير الممثلة في البرلمان أو ما يسمى ب«معارضة الشارع». صدر السبسي ضاق ذرعا بالمعارضة من جانبه, أشار رئيس حزب «العمل الوطني الديمقراطي» عبد الرزاق الهمامي إلى أن تصريحات السبسي الأخيرة دليل على ضيق صدره بالمعارضة, مشددا على أن دور السبسي هو توحيد التونسيين وليس الإنجرار وراء التجاذبات والمعارك السياسية. وأعقب الهمامي أن دور المعارضة هو معارضة السلطة القائمة لا الإصطفاف خلفها, وأنه من الطبيعي ألا تعجب مواقفها أولي الحكم. ولاحظ أن تهجم السبسي على المعارضة قد يكون ردة فعل منه على شعوره بدقة الوضع الذي تعيشه بلادنا. وفي سياق متصل, أكد الهمامي أن الشعب أصبح ناضجا سياسيا وأن بإمكانه التفريق بين غث المعارضة وسمينها, وبالتالي فإن لجوء بعض أحزاب المعارضة فرضا إلى التحريض المجاني أو الشعبوية الممجوجة لم يعد ينطلي عليه, وأنه لذلك لا داع أبدا لدخول السبسي في التجاذب السياسي مع المعارضة, لأن مهمة هذه الأخيرة هي إنتقاد السلطة الحاكمة.