فساد مالي واداري: هذا ما تقرّر ضد إطار بمنشأة عمومية ووكيل شركة خاصة..#خبر_عاجل    "احتلال" غزّة: رفض وتنديد عربي وغربي.. #خبر_عاجل    وزيرالصحة يشرف بولاية منوبة على ملتقى تقييمي وتكريمي لأفراد البعثة الصحية المرافقة للحجيج    تونس تشهد ارتفاع في اشتراكات الهاتف القار وتراجع ملحوظ في الجوال...شنيا الحكاية؟    وينو الغواص؟ البحث مستمر على شاب مفقود في شاطئ الهوارية من 3 أيام!    عاجل: محكمة توقف أمر ترامب وتدافع عن حق الحصول على الجنسية بالولادة    بسبب المحتوى الخادش للحياء: أحكام سجنية ضد مشاهير على "تيك توك".. #خبر_عاجل    عاجل: تعيينات حكام الجولة الافتتاحية للرابطة المحترفة الأولى    عاجل: الVAR حاضر رسميًا في الرابطة المحترفة بداية من هذه الجولة    تقرير مهم لصندوق النقد العربي: تونس على طريق التحسن الاقتصادي...كيفاش؟    عاجل: وزارة الشؤون الدينية تعلن عن فتح باب الترشح لأداء فريضة الحج لعام 1447 ه / 2026 م...رابط التسجيل والتفاصيل    خبر محزن: وفاة الفنان المصري سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    عاجل: الصين تفرض غرامات كبيرة لمكافحة تفشي فيروس ''شيكونغونيا''.. تفاصيل صادمة    عادات يومية بسيطة تنجم تقصّر عمرك ما غير ما تحس..شنيا هي؟    كلغ لحم العلوش يتجاوز 60 دينارا..!    المهرجان الصيفي بدوار هيشر من 13 إلى 18 أوت 2025    افتتاح المهرجان الصيفي بأريانة في دورته 19 بعرض " الربوخ"    أحزاب سياسية ومنظمات تدين "الاعتداء" على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل    عاجل/ السجن لعصابة روعت ركاب المترو..    عاجل/ حادث مرور قاتل بهذه الجهة..وهذه حصيلة الضحايا..    الكاف: إحداث وحدة للسموميات بقسم الإنعاش بالمستشفى الجهوي بالكاف    الوسلاتية: محاولة دهس رئيسة دائرة الغابات    من أجل إعادة زراعة اللفت السكري : توزيع عقود على الفلاحين    معاملات بقيمة 339،9 مليون دينار لسوق الإتصالات في تونس خلال جوان 2025    إدانات ودعوات لعودة نتنياهو عن قراره لاحتلال غزة    الحماية المدنية: 601 تدخلا منها 140 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    سليانة: تجميع مليون و570 ألف قنطار من الحبوب خلال موسم الحصاد    حماس: قرار إسرائيل احتلال غزة يؤكد أن نتنياهو وحكومته لا يكترثون لمصير أسراهم    انطلاق موسم الرابطة المحترفة الأولى 2025-2026 وسط أزمات مالية وتحوير في نظام النزول    بطولة أمم إفريقيا للمحليين 2024: تعادل كينيا مع أنغولا وفوز الكونغو الديمقراطية على زامبيا    عاجل: وفاة وإصابات خطيرة وسط جهود محاصرة أكبر حريق غابات في فرنسا منذ 80 سنة    هام/ انطلاق التسجيل وإعادة التسجيل عن بعد لكافة التلاميذ اليوم بداية من هذه الساعة..    خطر من ارتفاع سوم كيلو العلوش الي ينجم يوصل حتى 80 دينار..شنيا الأسباب؟    وسط أجواء إحتفالية منعشة ... النادي الصفاقسي يقدم لاعبيه المنتدبين الجدد ويكشف عن أزيائه الرسمية    عاجل/ بعد كورونا فيروس جديد يظهر في الصين..ما القصة..؟!    فيروس خطير يتفشى في ألمانيا    نهار الجمعة: شمس وأجواء دافية في كامل البلاد...والبحر باش يكون هكا    باش تمشي للبحر الويكاند؟ هذا هو حالة البحر السبت والأحد    فيديو... مرّة أخرى في ظرف أسبوع، سيارة خاصة تعرقل مرور سيارة اسعاف    بطولة العالم للكرة الطائرة: المنتخب الوطني ينهزم أمام في المباراة الإفتتاحية    مبوكو تفاجئ أوساكا لتفوز ببطولة كندا المفتوحة للتنس    مهرجان صفاقس الدولي.. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    في عرض بمهرجان سوسة الدولي: «عشاق الطرب»جرعة إبداعية ضدّ التلوث السمعي    شجار بين مغنيي راب يثير الجدل : حين يتحوّل الراب من صوت المهمشين إلى عنف الشارع    إقبال محتشم والعودة المدرسية توجه الشراءات... ال «صولد» الصيفي... «بارد»!    خطبة الجمعة: القدس تناديكم    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الدين القيّم:علم عظيم عن «الرحمان الرحيم»    ترامب يضاعف مكافأة القبض على مادورو    هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات    بعد فضيحة المعركة بالسكاكين بين مغنيي «راب» 20 متورّطا والنيابة العمومية تحقق    رضا الشكندالي: تراجع التضخم إيجابي لكنه لا يعكس واقع الأسعار التي يلمسها المواطن    أخبار النادي الصفاقسي: معلول جاهز و المهذبي و«موتيابا» يُمضيان    في ظل تنافس طاقي دولي ...الكابلات البحرية... ورقة هامة لتونس ؟    فتح باب الترشح للمشاركة ضمن المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة لأيام قرطاج السينمائية    منى نور الدين: مصدومة من جمهور سوسة... المسرح كان شبه خالٍ رغم تعبنا    عاجل- في بالك اليوم أقصر نهار في التاريخ ...معلومات متفوتهاش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب «التونسية» المتسلسل:«الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق»لمحمد حسنين هيكل
نشر في التونسية يوم 13 - 04 - 2016


46 - صدّام يهين بريماكوف
في أكتوبر 2003 نشر الكاتب والصحفي المصري الكبير والراحل محمد حسنين هيكل كتابه المعنون «الامبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق» وسرعان ما نفذت النسخ المطبوعة في العالم ليتم طبع نسخة أخرى من الكتاب في ديسمبر 2003 أي بعد شهرين فقط من صدور الطبعة الأولى.
ولعل ما يلاحظ في هذا الكتاب مقدمته التي اقتصر فيها الكاتب الراحل على جملتين فقط تحملان بعد نظر الرجل وتكشفان رؤيته للأحداث التي ستتشكل في السنوات القادمة في العالم عموما وفي الوطن العربي خصوصا.
وقد جاء في المقدمة: «هذه الفصول قصة وقائع سياسية قائمة، وهي في نفس الوقت تشكل أحوال سياسة قادمة».
والذي يطالع ما جاء في الكتاب يكتشف أن هيكل كان يدرك أن غزو العراق الذي كان قد تم لم يكن الاّ حربا أولى في المنطقة سعت اليها أمريكا في اطار مخطّط سرّي لبناء شرق أوسط جديد تعيش اليوم المنطقة على ايقاعاته.
فما يحدث اليوم بالشرق الأوسط من حروب ودمار ماهو إلا تعبيرة من تعبيرات سيناريو «الفوضى الخلاقة» الذي وضعته الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مدى ال 40 سنة الفارطة لتأمين سيادة مطلقة لأمريكا على العالم.
«التونسية» تنشر مقتطفات مطوّلة من كتاب هيكل المليء بالأحداث والأسرار.
وفي شهر جانفي وصلت «رسالة » من واشنطن باقتراح لقاء في «أنقرة» أواخر جانفي ( 2003).
وكانت الرسالة في الواقع نص ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس «بوش» عن حالة الاتحاد، وفيه التصميم على غزو العراق، وكان الجديد الذي زاد، تعليق على نص الخطاب يلفت نظر القيادة العراقية«إلى أنها لا تملك حقا في الشك أو فرصة له - لأن ذلك بالفعل هو «عزم الرئيس»، والولايات المتحدة تملك « الوسائل القادرة عليه ».
وتلى ذلك عرض اقتراح «خروج الرئيس حسين» وعائلته وأعوانه إلى ملجإ آمن تتوافر لهم فيه كل ضمانات القانون ووسائل الحياة كريمة وموفورة.وكان المندوب الأمريكي في هذا الاجتماع مسؤولا بارزا في وكالة المخابرات المركزية ، وقد صحبه هذه المرّة «رجل ثان» من الأمن القومي للبيت الأبيض، ومن الواضح أن الأتراك كانوا يعرفونه جيدا، وقد أوصوا بحسن الاستماع إليه والاهتمام بما يقول جديا - إلى أبعد مدى (ولم يكن الاتراك بعيدين، ففي لقاءات من هذا النوع يكون مرغوبا فيه باستمرار أن تكون «أجهزة» البلد المضيف على علم - وربما على مقربة - ولو من باب تجنب أن تتعقد الأمور بحرص أجهزة المضيف على معرفة ما يقوله ضيوفها داخل بيتها).
وفي ذلك الاجتماع ختم المندوب الأمريكي عرضه للافتتاح (وكان قاطعا بما معناه أنه يتفهم حاجة «الطرف الآخر» إلى مهلة يعود فيها إلى «بغداد» ويعود برد «عاقل ومعقول».
وعندما عاد المندوب العراقي فإن الرد الذي حمله معه كان فيه ما يستوقف النظر، فقد ورد فيه «أنه مع الاحتفاظ بكافة الحقوق القانونية والشرعية - معززة بالأمر الواقع في «بغداد» الآن» - فإن لدى «الطرف العراقي» سؤال مؤداه :«هل هم مستعدون للتعامل مع «قصيْ صدام حسين» - إذا تنازل له والده عن الرئاسة؟، وهل تعترف «واشنطن» به في هذه الحالة وتتعامل معه على أساس جديد في علاقات البلدين».
«وطبقا لمصدر تركي ( لا مجال للشك في حسن اطلاعه) - فإن المندوب الأمريكي أبدى «استعداده لنقل الاقتراح «إليهم» في واشنطن، وإن لم يكن واثقا من جوابهم وفي ما بعد وفي مناقشة بين الأمريكيين والأتراك - جرى بحث بالعمق في مدلول الرسالة التي نقلها المندوب العراقي من «بغداد» ، وهل تعني ضمنا - بل وصراحة - أن مبدأ خروج «صدام حسين» من السلطة ( ولو لصالح ابنه قصيْ) مقبول الآن من جانبه، بعد أن رأى الخطر المحدق ولم يعد لديه شك في أنها النهاية؟!».
والمهم - في السياق الأصلي - أنه لم تكد تمضي أيام حتى تحركت الحكومة التركية ورئيسها في ذلك الوقت «عبد الله غول» تعرض على دول الجوار العراقي: الأردن والسعودية وسوريا وإيران - ومعها مصر باعتبارها مقر جامعة الدول العربية - اقتراحا بعقد مؤتمر في اسطنبول لبحث أمر يتصل بأمن المنطقة وينقذها من شر مستطير وكان جدول الأعمال التركي المعروض هو نفسه اقتراح «رامسفيلد» أي «ترتيب خروج «صدام حسين» من العرق ومعه عائلته وكبار معاونيه وعائلاتهم ومعهم حصانة قانونية وسياسية وامكانات مادية تكفل لهم العيش والأمن مدى الحياة».
ولم يقدر للمسعى التركي أن يبلغ غايته لأن عددا من الدول العربية تصورت «أنه إذا كان الأمر كذلك، فالأولى أن تتم إجراءاته عربيا، لأن عروبته قد تمنحه قبول أكبر من جانب الرئيس العراقي، والشعب العراقي أيضا.
[ وكان العرب طوال تصاعد أزمة غزو العراق من دون سياسة لها شكل - أو لها مضمون ، وربما أن شهادة «مارتن إنديك» ( رئيس قسم الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية، وسفير الولايات المتحدة بعد ذلك في إسرائيل) - تكشف «حال» السياسة العربية، فقد قال « مارتن انديك» وكتب أنه أثناء ضربات الصواريخ التي جرى توجيهها إلى العراق بمقتضى حملة« ثعلب الصحراء» بإذن من الرئيس «كلينتون» (سنة 1998) - أنه حضر اجتماعات لبحث ضربات الصواريخ على العراق وهل تستمر أكثر أو تتوقف الآن - وفجأة قال « كلينتون»:
«إنني حائر في شأن هؤلاء العرب!».
إذا ضربنا العراق - غضب الرّأي العام العربي، وصاح في وجوهنا لماذا تضربون شعب العراق؟!
وإذا أوقفنا الضرب - غضب الحكام العرب، وهمسوا في آذاننا لماذا - إنكم بذلك تقوون مركز «صدام»!
ولعل الأمور لم تكن مختلفة سنة 2003، عما كانت عليه قبل خمس سنوات (1998 - أيام «كلينتون»)- وربما أن اقتراح خروج «صدام حسين» ومن معه من «بغداد» جاء انقاذا للحد الأدنى من وجود - مجرد وجود - سياسة عربية، فإذا خرج «صدام حسين» من العراق - فالنتيجة مرضية للساسة العرب وغير العرب، وإذا لم يخرج فهو المسؤول - والساسة العرب بُرّاء من دمه!].
والشاهد أنه كان يمكن لاقتراح خروج صدام أن يلقى فرصة معقولة لو أنه استكمل نفسه بضمان تعلن فيه الولايات المتحدة الأمريكية أن قواتها لن تدخل العراق مقابل إعلان «صدام حسين» قبوله بالعرض الامريكي (التركي - العربي) - لأنه يريد تجنيب شعب العراق مصائب حرب مدمرة تودي بما بقي من اقتصاده ومرافقه» - لكن الذي حدث أن « رامسفيلد» نفسه صرّح أثناء انعقاد القمة العربية بأن خروج «صدام حسين» ومن معه لا يعني العدول عن دخول الجيوش الأميركية إلى العراق واحتلال أراضيه، ولم يبق لاقتراح من هذا النوع «معنى»، لأن مؤداه عمليا: خروج «صدام حسين» ومن معه من العراق، ودخول القوات الأمريكية إليه «بسلام» ووضعه بالكامل تحت السيطرة دون طلقة واحدة، وذلك بموافقة عربية على مستوى القمة!
[ ومن المفارقات أنه في تلك الظروف تبدّى كرم الأغنياء العرب في التلويح بالمبالغ التي يمكن أن يدفعوها لصدام حسين ومن معه إذا خرجوا، لكن أحدا لم يحاول أن يناقش مستقبل العراق - وما إذا كان العرب مستعدين لتطوير اقتراح الخروج وتكليف الجامعة العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة في مساعدة الشعب العراقي، دون حاجة إلى احتلال امريكي لواحد من الأوطان العربية المؤسسة للنظام العربي، (بصرف النظر عن نوعية الحكم المسيطر عليه في لحظة عابرة من لحظات تاريخ طويل)، مع ملاحظة أن الأوطان المؤسسة للنظام العربي ثلاثة بالتحديد: هي مصر وسوريا والعراق، ومعنى احتلال أمريكا للعراق أن المثلث المؤسس للنظام العربي فَقَدَ أحد أضلاعه الرئيسية وانفك تماسكه، (مع اعتبار أن الأوطان أهم من النظم الحاكمة، فالأوطان(على نحو ما) أشبه ما تكون بحاملات الطائرات العملاقة، وأما النظم فمجرد «حمولات» وجودها على السطح لحظة عابرة، وليس مهمّا أن تصاب إحدى الطائرات بالعطب، وإنما الكارثة أن تغرق الحاملة!)].
[وعلى أي حال فإن النظام في العراق أعرض عن اقتراح الخروج ( ولعله لم يكن جادا في سماعه من الأصل أو أنه غيّر رأيه بعد تطورات الظروف) - ذلك أنه حين توجه « ييفغيني بريماكوف» رئيس وزراء الاتحاد السوفياتي الأسبق إلى «بغداد» - سرا لمقابلة «صدام حسين» وإعادة طرح الاقتراح عليه بتكليف من الرئيس «فلاديمير بوتين» - فإن «صدام حسين» (وفق رواية «بريماكوف » نفسه) لم يقض معه غير ربع ساعة، قال له في بدايتها أنه « استقبله كصديق قديم» - ثم لم يكد « بريماكوف» يبدأ حتى قاطعه «صدام حسين» - إذ همّ واقفا قائلا له إنني سمعت منك اقتراحا مماثلا سنة 1991 ورفضته، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن مرت اثنتا عشرة سنة وأنا مازلت هنا والآن تعود لي باقتراح مماثل!».
وقبل أن يخرج « بريماكوف» سأله «صدام حسين»« هل لديكم تأكيد بأن الأمريكان لن يحتلوا العراق إذا أنا استمعت إلى كلامك؟» - ولم يتوقف «صدام حسين» لكي يسمع الرد!].


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.