منظمات تونسية تدعو سلطات الشرق الليبي إلى إطلاق سراح الموقوفين من عناصر "قافلة صمود"    من تطاوين: وزير التربية يشرف على انطلاق مناظرة الدخول إلى المدارس الإعدادية النموذجية    عاجل/ ارتفاع حصيلة القتلى الاسرائيليين بالضربات الصاروخية الايرانية    "سيطرنا على سماء طهران".. نتنياهو يدعو سكان العاصمة الإيرانية للإخلاء    حماية حلمها النووي ..إيران قد تلجأ إلى النووي التجاري ؟    تعيين التونسية مها الزاوي مديرة عامة للاتحاد الافريقي للرقبي    جندوبة: اجلاء نحو 30 ألف قنطار من الحبوب منذ انطلاق موسم الحصاد    وزير الصحة: مراكز تونسية تنطلق في علاج الإدمان من ''الأفيونات''    عاجل/ إضراب جديد ب3 أيام في قطاع النقل    الشيوخ الباكستاني يصادق على "دعم إيران في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    كأس العالم للأندية: تشكيلة الترجي الرياضي في مواجهة فلامنغو البرازيلي    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    "صباح الخير يا تل أبيب"!.. الإعلام الإيراني يهلل لمشاهد الدمار بإسرائيل    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصنع الأكاذيب: هكذا فبركت واشنطن ذرائع غزو العراق...صهاينة معادون للعرب وراء الاكاذيب
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005

تقوم لجان وهيئات أمريكية رسمية عديدة في الكونغرس وأجهزة الاستخبارات والبيت الأبيض بإجراء تحقيقات داخلية بشأن المعلومات الاستخبارية المضللة حول أسلحة الدمار الشامل العراقية، وقد صوتت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 12/2/2004 بالإجماع توسيع نطاق التحقيقات في تلك المعلومات التي استخدمها الرئيس بوش وكبار مساعديه في تبرير احتلال العراق والإطاحة بنظام حكمه والتحقيق سيتناول مصدر تلك المعلومات مما يعني أنها ستشير إلى ذلك الجهاز الذي ضخم المعلومات الاستخبارية عقب تولي بوش السلطة.
وكان البيت الأبيض أنشأ بعد أسابيع قليلة من هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وحدة سرية في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لبناء قضية تبرر غزو واحتلال العراق والإطاحة بنظام حكم الرئيس صدام حسين.
مراسلنا في واشنطن تابع كل ما كتب ونشر وأذيع حول الرواية المتعلقة بكيفية خروج البيت الأبيض بتقييمات مبالغ فيها بصورة متهورة حول المزاعم عن التهديد الذي كان يشكله العراق للأمن القومي الأمريكي. والتقرير التالي المستند إلى تحقيق ومتابعة شاملة ومقابلات يفضح أعمال الوحدة الاستخبارية السرية في البنتتاغون ولجنة العمل الخاصة بالإعداد للحرب على العراق في البنتاغون التي عرفت فيما بعد باسم «مكتب الخطط الخاصة» الذي وصفته مجلة «مذر جونز» الأمريكية بأنه مصنع الأكاذيب»، الذي امتد وتشعب ليروي قصة طاقم الأيديولوجيين المترابطين معا، والذين يتبنون فكرا صهيونيا يمينيا ومتطرفا معاديا للحركات التقدمية وحركات التحرير، ليس في الوطن العربي فقط بل على امتداد العالم كله.
وقد أمضى هذا الطاقم المتعصب أكثر من عقد من الزمن في التخطيط لشن الحرب على العراق بهدف احتلاله، مستخدمين هجمات الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك وواشنطن لتحريك خططهم.
وتقوم لجان وهيئات أمريكية رسمية عديدة في الكونغرس وأجهزة الاستخبارات والبيت الأبيض بإجراء تحقيقات داخلية بشأن المعلومات الاستخبارية المضللة، وذلك في غمرة اتهامات بأن البيت الأبيض والبنتاغون ضخما وحرفا أو حتى كذبا ببساطة بشأن علاقات العراق مع القاعدة وامتلاك أسلحة دمار شامل. غير أن العقيد الأمريكي المتقاعد كارين كويتكوفسكي التي كانت تعمل في مكتب شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا بالبنتاغون، والتي تعرف جوانب عديدة من لغز المعلومات المضللة قالت إن أحدا من تلك الهيئات الخاصة بالتحقيق لم يتصل بها، مما يشير إلى النية المبيتة في صياغة نتائج تحقيق تتجاهل حقائق الفبركة التي قام بها مكتب الخطط الخاصة.
وكانت البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية ( سي آي إيه) بتوجيه من البيت الأبيض أنشأت فريقا من العسكريين يتجاوز عدده 1400 جندي فور احتلال العراق للبحث عن أسلحة دمار شامل عراقية مزعومة، وبعد ستة أشهر وإنفاق أكثر من 300 مليون دولار اعترف رئيس ذلك الفريق ديفيد كاي بالفشل في العثور على أي من الأسلحة التي ذكر المسؤولون الأمريكيون بمن فيهم كاي نفسه مرارا وتكرارا أنها موجودة تبريرا للحرب مثل صواريخ سكود وأخرى بعيدة المدى وآلاف الأطنان من جرثومة الجمرة الخبيثة (الأنثراكس) ومخزون المواد السامة وغاز الأعصاب وذخائر من المواد البيولوجية والكيماوية والمختبرات المتنقلة لإنتاج أسلحة بيولوجية وبرامج أسلحة نووية، كما لم يعثر على أي دليل يربط نظام الرئيس العراقي بتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن. وكان بوش يسعى إلى تخصيص 600 مليون دولار إضافية للغرض نفسه بتمديد فترة التفتيش.
المعلومات التي تم جمعها عبر مئات من التقارير المنشورة والمقابلات الخاصة حول مصدر المعلومات الاستخبارية المضللة تشير إلى ذلك الجهاز الذي ضخم المعلومات الاستخبارية عقب تولي بوش السلطة. فطبقا لما ذكره وزير المالية الأمريكي السابق بول أونيل فقد تم في أول اجتماع لطاقم بوش للأمن القومي والسياسة الخارجية بعد يوم واحد من أداء بوش اليمين الدستورية لتولي منصبه في جانفي 2001، إثارة مسالة غزو العراق.
وقد بدأ المسؤولون الأمريكيون دون مستوى طاقم الأمن القومي عقب ذلك الاجتماع بتلقي الرسالة. فقبل وقت طويل من 11 سبتمبر 2001 بدأ طاقم بوش في البنتاغون الذين يشكلون قيادته المدنية وحتى قبل أن يتم تنصيبهم رسميا مثل نائب وزير الدفاع، بول وولفيتز، ووكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية، دوغلاس فيث، يجمعون معا ما أصبح يعرف فيما بعد طليعة تغيير النظام في العراق. ولكل من وولفويتز وفيث، وهما يهوديان أمريكيان، جذور عميقة في تيار المحافظين الجدد الذين يتمسكون بوجهة نظر تقول أنه لا فرق بين السياسة الأمنية الأمريكية والإسرائيلية وأن أفضل طريق لضمان مستقبل الولايات المتحدة وإسرائيل هو تسوية قضية الصراع العربي-الإسرائيلي ليس بقيام الولايات المتحدة بدور الوسيط بل باعتبارها قوة من أجل تغيير الأنظمة في المنطقة. معتبرين أن عدم احتلال بغداد في الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق في عام 1991 كان خطأ جسيما.
يهود صهاينة ينظمون فريق التخطيط للحرب على العراق
وقد دعي للمساعدة في تنظيم فريق التخطيط للحرب على العراق مسؤول قديم في البنتاغون هو هارولد رود، وهو يهودي أمريكي، يقدم نفسه خبيرا في شؤون الإسلام ويتحدث العربية والعبرية والتركية والفارسية، وكان يتولى في الأشهر الأولى من عام 2001 منصب مستشار وولفويتز للشؤون الإسلامية وقد التقى مع المسؤول السابق في السفارة السعودية بواشنطن عادل الجبير، في ندوة عقدت في البنتاغون لبعض الدبلوماسيين والعسكريين السعوديين في شهر مارس 2001 ليخبره بضرورة أن تقف السعودية إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب التي اتخذت قرارا بشنها على العراق.
وعلى الرغم من أن فيث لم يكن قد تم تنصيبه رسميا في منصبه حتى جويلية 2001 (حيث أن وظيفته تتطلب مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي) إلا أن المسؤولين العسكريين والمدنيين المتخصصين في قسم شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا، بدأوا يراقبون مكتبه باهتمام بعد أن أقام رود مكتبا في مكتب فيث في وقت مبكر من شهر جانفي. وينظر الكثير من الموظفين المخضرمين في البنتاغون إلى رود كشخص أيديولوجي مزعج. وقد عين رسميا في مكتب التقييم النهائي في البنتاغون باعتباره مركز معلومات داخل البنتاغون يرأسه زميله من تيار المحافظين الجدد، أندرو مارشال. وقدم رود المساعدة لفيث في وضع القانون الخاص باتجاه وزارة الدفاع الجديدة ضد العراق وضد العرب بشكل عام.
وكان مكتب التجنيد الجانبي غير الرسمي لفيث ورود هو معهد أمريكان إنتربرايز، وهو مركز أبحاث يميني يعتبر معقل المحافظين الجدد، حيث يحتل ريتشارد بيرل الرئيس السابق لمجلس سياسة الدفاع التابع لمكتب رامسفيلد، موقعا بارزا فيه. وكان من الملاحظ بوضوح حضور رود إلى جانب مايكل روبين، أحد موظفي المعهد الذي عمل في وحدة المخابرات السرية، كافة الندوات والمؤتمرات التي عقدها معهد أمريكان انتربرايز حول العراق خلال العامين الماضيين. ويسود الاعتقاد بأنهما كانا يعملان كمديرين لندوات المعهد حول العراق، حيث يتحدثان ويهمسان إلى أعضاء اللجان والمسؤولين في المعهد.
وبعد 11 سبتمبر 2001 مباشرة قام فيث ورود بتجنيد أحد الباحثين اليهود الأمريكيين المتطرفين، هو ديفيد وورمسر، مدير الشرق الأوسط في معهد أمريكان إنتربرايز للعمل كمستشار للبنتاغون، ليصبح المشارك المؤسس لوحدة المخابرات السرية في مكتب فيث التي كانت نواة لحملة تشويه وفبركة المعلومات في البنتاغون بشأن العراق، ليطلق عليها فيما بعد اسم «مكتب الخطط الخاصة».
وفي الوقت الذي ركزت فيه وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ووكالات المخابرات الأمريكية الأخرى على تنظيم القاعدة وأسامة بن لادن بشان هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فقد ركز وولفويتز وفيث أنظارهما بصورة طاغية على العراق وهي نظرية لم تجد أي مصداقية، بل كانت مثار سخرية لموظفي المخابرات المهنيين.
ويقول دانييل بنيامين، المدير السابق لقسم مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، والمؤلف المشارك لكتاب «عصر الإرهاب المقدس» أنه «في عام 1998، تفحصنا كل معلومة استخبارية استطعنا الحصول عليها لنرى إن كان هناك ارتباط بين القاعدة والعراق، وقد توصلنا إلى استنتاج بأن وكالاتنا الاستخبارية كانت على صواب، إنه لا يوجد أي علاقة تستحق الانتباه بين القاعدة والعراق. وإنني أعرف ذلك بالتأكيد.» وكان هذا الاستنتاج في الحقيقة ما أجمعت عليه الآراء لدى كافة المتخصصين في مكافحة الإرهاب.
وإلى جانب بيرل وفيث في عام 1996 فإن وورمسر وزوجته ميراف، وهي يهودية من أصل يمني، وتتولى منصب مديرة قسم دراسات الشرق الأوسط في معهد هدسون، وهو مؤسسة أبحاث يمينية في واشنطن، كتبا مرارا مؤيدان لعمل أمريكي-إسرائيلي مشترك لتقويض نظام الحكم في سوريا على أمل التسريع في إيجاد نظام في المنطقة العربية يقوده تحالف القبائل والعوائل والعشائر في إطار حكومات مقيدة. كما تبنى الإطاحة بنظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين لصالح إقامة نظام حكم موال بالكامل لواشنطن. وشارك وورمسر بشكل رئيسي في عام 1996 تحت قيادة بيرل في كتابة تقرير لمعهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة في القدس المحتلة «إن من يرث العراق يهيمن على مجمل الشرق الأوسط استراتيجيا.» وقد تضمن التقرير الذي جاء بعنوان « انطلاقة نظيفة: استراتيجية جديدة لتأمين المملكة» لعام 2000 (لأي إسرائيل)، والموجه إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك بنيامين نتينياهو سلسلة من التوصيات تهدف إلى إنهاء عملية «الأرض مقابل السلام بما فيها اتفاقيات أوسلو بتحويل ميزان القوة في المنطقة لصالح محور يضم «إسرائيل وتركيا والأردن.» ومن أجل تحقيق ذلك دعا التقرير إلى الإطاحة بنظام حكم صدام حسين وتنصيب زعيم هاشمي في بغداد، ومن بعدها ستركز الاستراتيجية إلى حد كبير على سوريا، أو على الأقل لتقليل نفوذها في لبنان.
اتهامات وذرائع لا تتوقفوقد أكد تقرير الكونغرس حول هجمات 11 سبتمبر أنه لا وجود لأي اتصالات مزعومة بين محمد عطا من القاعدة الذي تتهمه سلطات الأمن الأمريكية بقيادة خاطفي الطائرات الأمريكية التي استخدمت في هجمات 11 سبتمبر، ومسؤولين استخباراتيين عراقيين في براغ أو غيرها. كما أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أكدت بدورها بأن لديها أدلة تثبت أن ذلك المسؤول المخابراتي العراقي الذي ذكر أنه سمير العاني كان في ذلك الوقت في مكان آخر وليس في براغ. ومع ذلك فإن المدير الأسبق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية جيمس وولسي وهو عضو في تيار المحافظين الجدد ذهب في مهمة إلى لندن وعواصم أوروبية أخرى على نفقة البنتاغون لإيجاد رابط بين العراق و»القاعدة» في مسعى لتحميل العراق مسؤولية هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وقد توقف تشيني عن التطرق في خطبه وتصريحاته بشأن تبريره للحرب على العراق واحتلاله عن اتهاماته السابقة للرئيس صدام حسين بأن لديه علاقات واتصالات مع «القاعدة». فيما بدا الرئيس بوش يشير إلى أن الدعم المالي الذي كان يقدمه الرئيس العراقي لعوائل منفذي العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 25 ألف دولار مبررا لغزو العراق.
وقد أظهرت العضو الديمقراطية في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ باربرا بوكسر في أواخر شهر جويلية 2003 خلال جلسة استماع تحدث فيها وولفويتز عن خارطة نشرتها الحكومة الأمريكية في أواخر عام 2001 تظهر فيها 45 بلدا تعمل فيها «القاعدة» لم يكن العراق من بينها، ولم يرد وولفويتز على ذلك. وقال العضو الديمقراطي الآخر في اللجنة راسل فينغولد أن المسؤولين في حكومة بوش «سوقوا لنا شيئا آخر.. سوقوا لنا غزوا واحتلالا لبلد شرق أوسطي رئيسي حتى أن المعلومات الاستخبارية لم تكشف عن علاقات ثابتة مع القاعدة..» كما أن المدير السابق لقسم شؤون الاستراتيجية وانتشار الأسلحة والشؤون العسكرية في مكتب الاستخبارات والأبحاث بوزارة الخارجية الأمريكية غريغ ثيلمان قال بأن حكومة بوش «كانت تضلل الرأي العام بالادعاء بوجود علاقات وثيقة» بين العراق و»القاعدة».
وعندما بدأت قوة الدفع من أجل الحرب على العراق تتنامى في أوائل عام 2002 قام وولفويتز وفيث بدمج الوحدة السرية للاستخبارات وفريق التخطيط للحرب على العراق في مكتب واحد سمي «مكتب الخطط الخاصة أو «أو إس بي»، في خطوة هدفت إلى تدعيم وحدة التخطيط للحرب في قسم الشرق الأوسط وجنوب آسيا والخطط الخاصة في البنتاغون الذي يديره نائب فيث، ويليام لوتي (الذي كان عمل في هيئة موظفي تشيني عندما كان وزيرا للدفاع في عهد بوش الأب، ونيوت غينغريش الرئيس السابق لمجلس النواب الأمريكي). وكان المدير الجديد لهذا المكتب أبرام ن. شولسكي، ومعه مايكل روبين (كلاهما يهوديان) وكان روبين يعمل باحثا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهو المؤسسة الفكرية للوبي اليهودي-الإسرائيلي بواشنطن. وقد ضم مكتب الخطط الخاصة 18 شخصا. وكانت تسمية البنتاغون ل»مكتب الخطط الخاصة» تهدف إلى اختبار فريد في نوعه لمجموعة من المسؤولين المتطرفين في البنتاغون الذين عملوا خارج قنوات المخابرات العادية.
وفي ذلك الوقت انتقل وورمسر إلى منصب كبير مستشاري وكيل وزارة الخارجية الأمريكي لشؤون نزع السلاح جون بولتون الذي هو شخصيا أحد متطرفي المحافظين الجدد وكان يعمل على تدعيم استراتيجية الحرب على العراق.
وقد تملك الاعضاء الديمقراطيون في الكونغرس الغضب ازاء التقارير التي تذكر ان وكالة الاستخبارات العسكرية التابعة للبنتاغون تواصل دفع ما بين 3 4 ملايين دولار سنويا لجماعة الجلبي لصالح برنامج جميع المعلومات الذي كان بدأ العمل به في عام 2001 بالرغم من ان كافة المعلومات التي سبق أن قدموها حول أسلحة العراق وارتباطاته المزعومة بتنظيم القاعدة تتسم بالزيف. ومما ساهم في تصعيد موقف الديمقراطيين ان الدفعات المالية تتواصل في الوقت الذي تجري فيه سبعة تحقيقات مستقلة حول تلك المعلومات الاستخبارية من بينها التحقيق الذي تجريه لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ حول دور جماعة الجلبي في تقديم تلك المعلومات.
وكانت مجموعة مكتب الخطط الخاصة من خلال برنامج جمع المعلومات الاستخبارية الذي لم يتوقف بعد، تطلب من الجلبي وجماعته تقديم معلومات مخيفة عن نظام حكم الرئيس صدام حسين ليجري تسريبه الى الصحافة مما يساعد في بناء قضية عامة من اجل الحرب، وهو ما اعترفت به ايضا جوديث ميلر الصحفية في نيويورك تايمز التي أقرت بأن كل ما كانت تنشره من معلومات وروايات حول أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة كان مصدرها الجلبي فقط كي يقع استخدامه فيما بعد من قبل بوش وكبار مساعديه. وان معظم ما جاء في التقرير الذي قدمه البيت الابيض الى الأمم المتحدة يوم خطاب الرئيس بوش في سبتمبر 2002 بعنوان «العراق : عقد من الخداع والتحدي» كان معظمه معلومات نشرتها ميلر في ديسمبر 2001 نقلا عن معارض عراقي يدعى عدنان احسان سعيد الحيدري كان أحضره الجلبي.
وعندما يقوم مكتب الخطط الخاصة بإعادة صياغة بعض معلومات ال»سي. آي. ايه» الاستخبارية التي يقال انه لا يمكن نفيها بأن العراق يخفي أسلحة دمار شامل قاتلة يتم تقديمها الى مكتب مستشارة الرئيس الأمريكي للأمن القومي في البيت الابيض كوندوليسا رايس حيث يتم استخدامها في خطب الرئيس ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد. ومن بين تلك المعلومات الاستخبارية المزعومة ما يتعلق بشراء العراق مئات الأطنان من أوكسيد اليورانيوم من النيجر التي اعترف البيت الابيض مؤخرا بعدم صحتها وكلفت ولا تزال الرئيس بوش ثمنا سياسيا وتشكيكا في صدقيته. وقد أبلغ مدير ال»سي. آي. ايه» جورج تينيت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ في شهر جويلية 2003 بأن معظم المعلومات الاستخبارية المضللة حول التهديد العراقي التي قدمت لبوش واستخدمها في خطابه حول حالة الاتحاد في جانفي 2002 كان وراءها مكتب الخطط الخاصة دون ان يجري مراجعتها من مهنيين في الاستخبارات.
وهذه النتائج المثيرة للجدل هي التي تغذي الشكوك القائلة بأن هذه المجموعة الغامضة المدفوعة بالايديولوجية تلاعبت بالمعلومات الرئيسية من أجل أن تلائم رغبة البيت الأبيض في شن الحرب على العراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.