في مادّة القراءة استثمر تلاميذ السنة الخامسة من المدرسة الابتدائية تحت إشراف معلم القسم نصّ «قرطاج» من المحور التعليمي «تبيّن خصائص النصّ التفسيري» والمقتطف من كتاب «علّيسة» للمؤلف «علي الحوسي» لينتقلوا عبر معانيه بين مراحل الاكتشاف والفهم والتحليل وإبداء الرأي والتوسّع حتى إنّ النص بمضمونه انتقل بالتلاميذ من نصّ «القراءة» إلى مادة التاريخ فتوسّعت الأهداف والغايات والمقاصد وكأنّ بالمعلّم قد ضرب عصفورين بحجر واحد للتعريف بقرطاج في خانة «تاريخ تونس» المجد والعراقة ليتفاعل التلاميذ حتما مع مجال «الهوية الوطنية» في شتّى أبعادها السامية. فمعاني النص المقروء اتّخذت بعدا تعلّميا يبدأ بالقراءة الصامتة الواعية ثم القراءة الجهرية الهادفة قبل استجلاء الحدث في بعده التاريخي حتى ان التلاميذ استعانوا بخرائط جغرافيّة من تاريخ «تونس» ودعّموها بقرائن من النص المقروء.. «غادرت مراكب الأميرة - عليسة - مدينة - صور - بلبنان واتّجهت غربا».. «كانت الأميرة تبحث عن مكان يشبه مدينة صور تجد فيه الأمن والسلام»... «أرست السّفن على شاطئ جميل وخليج واسع في شبه جزيرة مدت رأسها داخل البحر. كانت تلك أرض افريقية التي وهبت اسمها كامل القارّة».. «توافد السكان النوميديّون يرحبون بالأميرة ورفاقها». وعند كل حدث ومع كل معنى يدفع المعلم أبناءه الى فتح مجال النقاش للتفاعل مع النصّ ويتساءلون في داخلهم عن المحطة الأخيرة من هذه الرحلة المثيرة.. «استطابت الأميرة المكان وقرّرت الاستقرار فيه».. «كانت الأرض مفتوحة على كل الاتجاهات فانطلقوا في بناء المساكن الجميلة والقصور الفخمة والأسوار المتينة والساحات العمومية الشاسعة وأنشؤوا ميناء ترسو فيه السفن».. «عمّرت المدينة الجديدة التي سمّتها الأميرة - قرط حدشت - حتى أضحت عروسا فائقة الجمال».. لينتهي النصّ بجملة معناها ساحر يوحي بالكثير.. «وذاك شيء من صفاء قلوب أهلها ودماثة أخلاقهم». عاد التلاميذ يتبادلون الآراء ويرسمون تاريخ «تونس» وقد تعاقبت عليها شتّى الحضارات وقد أغراها المكان وحسن أخلاق «البربر» سكّانها الأصليون ليتأكد التلاميذ أن ماضي «تونس» مجيد وتاريخها موغل في القدم يبدأ بالأمازيغ ويمرّ من الفينيقيين و«الرومان» و«الوندال» والبيزنطيين ويتوثّب مع قدوم العرب الفاتحين حيث تتوالى حضاراتها مع ومضات تركية واسبانية ثم فرنسية قبل أن تتأسّس الدولة التونسية وتؤشّر لحاضرها ومستقبلها من نبض ماضيها.