رائع درس «القراءة» الذي أبحر فيه التلاميذ شفويا وكتابيا بين زوايا المدينة العتيقة في محور «الهوية الوطنية» وفي مجال «تحديد خصائص النص الوصفي» لما استثمروا نصّ «المدينة العتيقة» من كتاب «الماء النّمير» للمؤلفة «فاطمة الأخضر مقطوف» وحملتهم المعاني الى جغرافية المكان سردا ووصفا وإيحاء وتشكيلا وتلوينا. «كان مهدي يطير فرحا كلما وعده والده بزيارة جدته التي تسكن في أحد أزقة المدينة العتيقة»... «فلا يرى إلّا طريقا صغيرا منعرجا يتسع حينا ويضيق آخر وكان يتوقّف أحيانا في مدخل الزّقاق حتى يمرّ رجل أو إمرأة لأن الزقاق لا يتّسع لأكثر من شخص واحد»... «وكان مبهورا بأبواب المدينة. كل باب له سماته وسحنته: هناك اللون الأزرق الواضح وهناك اللون الأخضر الفاتح وهناك البني»... «تلك الأبواب تشترك في شكلها إذ هناك عمودان من رخام أو جبس تعلوهما نصف دائرة يحيط الباب مستطيل من جبس أو رخام كما تعلوه أخاديد من النقوش تزخرف خشبه وأغلب الأبواب مزينة بمسامير في زخارف هندسية بديعة». قرأ الأطفال النص وتوقفوا عند مواطن الجمال في جمله ووضعوا المكان وتحاوروا ما بينهم تحت رعاية معلمهم لمّا حلّلوا معاني النص المقروء وعادوا ثانية لاستجلاء ما في مضمونه. «بعض الأبواب يتولّد منها بويب صغير للاستعمال اليومي العادي أما فتح الباب على مصراعيه فيكون لمناسبات معلومة»... «الحمّام تميّز بلون بابه وهو الباب المفتوح دائما على مصراعيه والستار المتدلي دوما يحجب عن النّاظر ما بالداخل»... «تحلو له دائما مصافحة تلك اليد البرنزيّة المنسدلة من أعلى الأبواب وقد تعوّض اليد حلقة أو رأس أسد». ولما أنهى الأطفال قراءة النص وأجابوا عن أسئلته أشرّوا الى تاريخ المدينة العتيقة في بلادنا وقد تزامنت مع قدوم العرب الفاتحين لنشر الاسلام في بلدان شمال افريقية حيث شيّدوها حسب تصميم عربي - إسلامي وعناصره الأساسية الجامع بصومعته وسوق الحرف والأحياء بمنازلها القصيرة ذات القباب البيضاء ويحيط بكل هذا سور له أبواب عريضة... وتنتشر المدينة العتيقة في بلادنا بين «تونس العاصمة» و«تستور»و«القيروان»و«سوسة» و«المهدية» و«صفاقس» أماكن أرّخت للحضارة العربية وتدعّمت بقدوم الأندلسيين وحافظت على هندستها ورونقها وجمالها حتى خلال الاستعمار الفرنسي ومازالت حاضرة في سحر وجمال رغم امتداد المدن العصرية بشكلها الهندسي العربي ليبرز الأطفال مدى اعتزازهم بتاريخ وطنهم.