4 ميكي ماوس يهزم ستالين هذا الكتاب خطير.. خطير في معلوماته.. وخطير في دلالاته لأنه يكشف المستقبل الذي يحضره حكام العالم الخفيّين للبشرية.. أولئك الذين أوغلوا في عبادة المال الى درجة جعلت منهم وحوشا لا يتردّدون في تنفيذ مخططاتهم لوضع سكان المعمورة تحت أقدامهم.. عالمهم عالم متوحّش لا يرحم.. يستعملون للوصول الى غاياتهم كل الوسائل.. إله هؤلاء الوحيد هو الفلس والثروة.. أمّا البشر فهم عجين يطوّع حسب أهوائهم ورغباتهم ولا يهمّهم قتل شعب أو شعوب لنهب الثروة أو الثروات.. آخر ما تفتّقت عنه أذهان منظريهم سلاح العولمة التي تكسر كلّ الحدود وتدمّر بُنى كل الدول والحدود حتى يخلو لهم الجوّ ويفرضون حضارة السوق.. وحتى شعارات الديمقراطية والحرية التي يتستر وراءها بيادقهم فهي «شعارات الأسود» لأنهم يعتبرون العالم غابة يحكمها قانون القوي ولا مكان فيها للضعيف.. وسيكتشف القارىء في الفقرات المطولة التي اختارت «التونسية» نشرها من هذا الكتاب كيف يساق «قطيع البشر» الى مصير بائس يتمتع فيه 20 ٪ من سكان الأرض ب 80 ٪ من ثرواتها وخيراتها فيما يموت البقية جوعا وحرمانا. و«فخّ العولمة» كتاب من تأليف هانس بيترمارتين وهارالد شومان ترجمه الى العربية د. عدنان عباس علي وقدمه وراجعه د. رمزي زكي وصدر عن سلسلة «عالم المعرفة». ِلمَ استطاع أسلوب الحياة السائد في كاليفورنيا أن يغزو العالم، ولِمَ انتصر دزني على كل شيء آخر? حقا لعبت سعة السوق الأمريكية والقوة الجيوسياسية التي حظيت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، وجدارة إدارتها للحرب الإعلامية إبان الحرب الباردة دورا مركزيا، ولكن ومع هذا لا يمكن اعتبار هذا كله هو فقط العامل الحاسم. فالأمر ببساطة هو أن ستالين أراد أن يكون القوة العظمى، إلا أن ميكي ماوس قد تفوق عليه. يفسر مايكل آيزنر ( Michael Eisner )، عملاق صناعة الإعلام ورئيس مجلس إدارة شركة والت دزني، هذا الأمر على النحو التالي: «تتميز وسائل التسلية الأمريكية بالتنوع، وهي بهذا تتلاءم مع الإمكانات والخيارات وطرق التعبير الفردية المختلفة. وهذا هو في الواقع ما يرغب به الأفراد في كل مكان». ويضيف تاجر هوليوود دونما اكتراث قائلاً: «وكنتيجة للحرية الواسعة المتاحة أمام كل من يريد الابتكار، تتصف صناعة التسلية الأمريكية بأصالة لا مثيل لها في العالم أبدا». ويرفض بنجامين ر.باربير ( Benjam R. Barber )، مدير مركز والت وايتمان (Walt Whitman Center) في جامعة روتغيرز ( Rutgers University ) في ولاية نيوجيرسي تفسير آيزنر، ويصف نظريته بتنوع ما تقدمه وسائل التسلية الأمريكية ب«الكذب والبهتان». فهذه الأسطورة تتناسى أمرين حاسمين: طريقة الاختيار وحرية الإنسان في تحديد ماهو بحاجة إليه فعلا. فعلى سبيل المثال بإمكان المرء في الكثير من المدن الأمريكية أن يختار بين عشرات الموديلات من السيارات، إلا أنه لا يستطيع أن يختار التنقل بواسطة وسائل النقل الحكومية. وكيف يستطيع المرء أن يأخذ مأخذ الجد المقولة القائلة بأن السوق لا تقدم إلا ما يرغب به الأفراد، إذا ما أخذ بعين الاعتبار أن ميزانية صناعة الدعاية والإعلان قد بلغت 250 مليار دولار? وهل محطة البث التلفزيوني MTV أكثر من وسيلة دعاية وإعلان على مستوى العالم، وعلى مدار السنة للصناعة المهيمنة على سوق الموسيقى? إن سبب نجاح «استعمار والت دزني للثقافة العالمية» يكمن، حسب ما يعتقد باربير، في ظاهرة قديمة قدم الحضارة: إنها المنافسة بين الشاق والسهل، بين البطيء والسريع، بين المعقد والبسيط. فكل أول من هذه الأزواج يرتبط بنتاج ثقافي يدعو للإعجاب والإكبار، أما كل ثان من هذه الأزواج فإنه يتلاءم مع لهونا وتعبنا وخمولنا. إن دزني ومكدونالدز و MTV تروج لما هو سهل وسريع وبسيط». وسواء أكان آيزنر أو باربير على صواب في تفسير أسباب انتصار هوليوود، فإن حصيلة هذا النجاح بينة واضحة يراها المرء في كل أرجاء المعمورة. فنظرات سندي كروفورد ( Cindy Crawford ) وبوكيهونتس (Pocahontas) تلاحقك في كل ركن. كما كانت تلاحقك نظرات تماثيل لينين في الاتحاد السوفياتي سابقا. لقد صارت زغاريد مادونا ومايكل جكسون أَذَان النظام العالمي الجديد، كما يقول ناتان غارديلز ( Nathan Gardels)، المفكر الكاليفورني الباحث في شؤون المستقبل. إن الشمس لا تغيب عن إمبراطوريات شركات الإعلام العظيمة. وتقدم هوليوود بصفتها المركز العالمي أهم مادة أولية لمادية العصر المتأخرة (Postmaterialismus). وتسعى موسسة تايم وورنر (Time Warener) للاندماج بمؤسسة تيد تيرنير (Ted Turner) المسماة Brodcasting Corporation، وبمؤسسة CNN لتكون معهما أكبر مؤسسة مهيمنة في السوق العالمية، ولو نجحت دزني في شراء محطة التلفزيون ABC فستكون عملية الشراء هذه ثاني أكبر صفقة شراء في تاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية الاقتصادي. هذا وقد اشترت سوني (Sony) مؤسسة Columbia Pictures، وباعت مؤسسة ماتسوشيتا (Matsushita) في عام 1995 عملاق صناعة التسلية MCA إلى عملاق صناعة المشروبات Seagram. ويسيطر في المنطقة الواقعة بين الخليج العربي وكوريا الأسترالي روبرت موردوخ (Rupert Murdoch). فمحطة إرساله بواسطة الأقمار الصناعية Star TV الموجودة في هونغ كونغ تغطي، من حيث التوقيت الزمني، أربع مناطق مختلفة يسكنها نصف سكان المعمورة. وبالنظر للاختلاف الزمني وبعد المسافة الجغرافية، لذا فإنها تبث على ست قنوات تقدم برامجها حسناوات صينيات وهنديات وماليزيات أو عربيات يتكلمن مرة اللغة الصينية الشمالية ومرة الإنقليزية. ويسعى موردوخ جاهدا للحصول على موطئ قدم واسع في سوق الصين الشعبية، وذلك من خلال المشاركة المالية في قنوات البث التلفزيوني عبر الكابلات (Kabelkanaele). وهذا أمر مهم بالنسبة له، إذ لم يزد عدد أولئك الذين يستطيعون مشاهدة برامجه بصورة شرعية ومن دون تشويش في الصين الشعبية على 30 مليونا. إلا أن القائمين على شؤون الحكم في بكين لايزالون مترددين. وقد نوهوا أمام بعض المؤسسات المختصة بالصيغة التي يمكن للأسترالي القبول بها والتي مفادها: «لا جنس ولا عنف ولا أخبار». ومن هنا فإن مؤسسات الإعلام العملاقة والتي تضم أيضا العملاق الألماني برتلزمان (Bertelsmann)، ومنافسه العنيد ليو كيرش (Leo Kirsch) وآخرين يعملون بمفردهم كمالك محطات التلفزيون سلفيو برليسكوني ( Silvio Berlusconi )، صارت مجهزة عل أفضل نحو للنهوض بأعباء ال Tittytainment، التي أمعن التفكير فيها موجهو العالم الذين جمعت شملهم مؤسسة غورباتشوف الخيرية في سان فرانسسكو. فما تبثه هذه المؤسسات من صور هو الذي يدغدغ الأحلام، والأحلام هي التي تحدد الأفعال.