"هاكرز" يخترقون انظمة مطارات في امريكا وكندا ويبثون رسائل ضد إسرائيل    مونديال 2026: بيع أكثر من مليون تذكرة من خلال مرحلة البيع المسبق بواسطة فيزا    هذا ما قرره القضاء في حق رجل أعمال معروف..#خبر_عاجل    مشروع قانون المالية 2026.. إعفاء جبائي لفائدة صغار الفلاحين ومعلبي زيت الزيتون    مشروع قانون المالية 2026: ضريبة جديدة على الثروة لتعزيز العدالة الجبائية بين الأفراد    نحو شراكة تونسيّة أوروبيّة في مجال الادوية    قضية تهريب المخدّرات في سيارة إسعاف : التحقيقات تكشف قائمة جديدة من المتّهمين    وفاة الممثل علي الفارسي    «جرس» جديد المسرح الوطني التونسي    في دورته الثالثة...المهرجان الوطني للمسرح التونسي يحطّ الرّحال بتوزر    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    طعنة قاتلة تنهي حياة شاب بصفاقس: النيابة تأذن بإيقاف 3 متهمين    إعلان هام من وزارة الفلاحة..    الرابطة1/ الجولة10: تعيينات الحكّام..    عاجل/ أحداث قابس: البرلمان يعقد جلسة حوارية مع رئيسة الحكومة    عاجل/ إطلاق نار أمام سفارة مصر في تل أبيب    عاجل/ إنطلاق التسجيل بالمراكز العسكرية للتكوين المهني..    عاجل/ قتل زوجته خنقا ثم أوهم بانتحارها    سابقة في المغرب العربي: تونس تحقّق نجاحا طبيّا جديدا.. #خبر_عاجل    الأمين جمال يقتحم عالم النخبة المالية في كرة القدم    مجموع ثروات المليارديرات العرب يبلغ 122.1 مليار دولار ... السعودية في الصدارة.. فمن الأكثر ثراءً في العالم العربي؟    بورصة تونس تقفل معاملات الخميس على تراجع    أولا وأخيرا .. الدفلى والخروع والبلًوط    عاجل: 35 آلة كشف جديدة تصل مطارات تونس لتعزيز الأمن!    محمد صلاح وريهانا يتصدران الترند بفيديو مزيف    إعادة فتح مكتب بريد المهدية هيبون من ولاية المهدية    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    السموم الرقمية: خطر صامت في حياتنا اليومية...كيف نتخلّص منه؟    عينيك جافة؟ اكتشف الأسباب والحلول السهلة    عاجل: نجاح أول زرع كلية محوّلة بالفصيلة بين متبرّع ومتلقي غير متطابقين    عاجل/ حالات اختناق مجددا.. هذه آخر مستجدات الوضع في قابس..    الشمال على موعد مع أمطار متفرقة اليوم بينما الجنوب يشتعل بالحرارة    شوف الأندية التونسية على الميدان: دوري أبطال إفريقيا وكأس الكاف الويكاند!    عاجل: مشروع قانون المالية يضمن قروضا لصغار الفلّاحين    تفاصيل مهمة على القمة الروسية العربية المرتقبة قبل نهاية 2025    عاجل في مشروع قانون المالية: الدولة تدعم زيت الزيتون المعلّب    حساسية الخريف: حاجات طبيعية تخليك تودع ''العطسة ''و ''احتقان الخشم ''    مباراة ودية: الكشف عن موعد مواجهة المنتخب الوطني ونظيره البرازيلي    الترجي الرياضي: غيابات بالجملة في رحلة بوركينا فاسو    بن عروس: برمجة رش 550 هكتارا من الزياتين بمادة المرجين    بعثة تونس الدائمة في الأمم المتحدة تدعو إلى ضرورة إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية    انطلاق حملة النظافة بموقع أوذنة في اطار برنامج صيانة التراث المادي والمعالم التاريخية    المنستير: تظاهرة ذاكرة حيّة: التراث غير المادي بالمكنين "يوم غد الجمعة بالمتحف الاثنوغرافي بالمكنين    جريمة مروعة: تسلل الى منزلها بهدف السرقة فأنهى حياتها..    مشاركة محافظ البنك المركزي التونسي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي بواشنطن    مدينة تستور تحتضن الدورة التاسعة لمهرجان الرمان من 29 اكتوبر الى 2 نوفمبر 2025    السباحة الأسترالية تيتموس تعتزل بشكل مفاجئ    تصفيات مونديال 2026: مباريات الملحق الافريقي من 13 الى 16 نوفمبر المقبل    أزمة جثث الرهائن.. إسرائيل تقرر تأجيل فتح معبر رفح    قابس: يوم غضب جهوي احتجاجا على تردي الوضع البيئي    الجديد على الفواتير في المساحات الكبرى: كل ما تشري فوق 50 دينار فما معلوم جديد.. شنيا الحكاية؟    لأول مرة منذ 20 عاما.. جواز السفر الأمريكي يفقد بريقه    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 20 و32 درجة    الاحت.لال يستلم جثماني أسيرين    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    باحث تونسي يتصدر قراءات العالم الأكاديمية ويحصد جائزة «Cairn / الفكر 2025»    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المتلاعبون بالعقول
نشر في الشاهد يوم 17 - 11 - 2013

يأتي الكتاب في 248 صفحة من القطع المتوسط، من إصدارات عالم المعرفة، وقد قُسِمَ الكتاب إلى مقدمة وثمانية فصول.
الفصل الأول: التضليل الإعلامي، والوعي المعلب.
في هذا الفصل تطرق هربرت إلى نقاط خمس سماها ( أساطير تؤسس المضمون) ، وهي :
1- أسطورة الفردية والاختيار الشخصي.
يرى بأنه لا يمكن الفصل بين الفرد والمجتمع، وأن بدايات الحضارة تمتد جذورها في التعاون والاتصال، فأساس الحرية كما هم في الغرب، يتمثل في وجود اختيار شخصي جوهري.
طابع الخصوصية هذا يعكس أسلوب الحياة الأمريكية ، ويشملها في جوانبها المختلفة ، أنه ( يعكس تحديدا نظرة إلى العالم مكتفية بذاتها ).
2-أسطورة الحياد:
يرى المؤلف بأن الحكومة استغلت الثقة الشعبية في مؤسساته بأن ما يطرح فيها حياداً، وهذا غير صحيح إذ أن الحكومة الأمريكية لطالما حاولت إقناع الآخرين بحياديتها إلا أنها توظف الوسائل الإعلامية لخدمة مصالحها، وذلك بإيصال رسائلها إلى الجمهور والمتلقين.
ويرى بأن الحياد المزعوم يشابه أقوال الاقتصاديين بأن في السوق مشترين وبائعين يأخذون فرصاً متساوية في الربح والخسارة، ولكن الصحيح أن لأناس الحضوة والقدرة على السيطرة وإيقاع صغار المستثمرين في وحل الخسارة.
وكأن الشعار التي اتخذته السياسة بأنها لا تقع تحت وصاية أحد بدأ يتكشف شيئاً فشيئاً وانزاح الستار عن خفايا هذه المقولة التي كما يقول عنها المؤلف اسطورة خدع فيها جمهور الأمريكيين.
3- أسطورة الطبيعة الإنسانية الثابتة:
يرى المؤلف بأن وسائل الإعلام استغلت جانباً من طبيعة الإنسان لتمرير العديد من القضايا، واستشهد ببث جرائم القتل معللين ذلك بتقديم ما يرغبه الجمهور بناءً على طبيعة إنسانية تتطلب ثماني عشرة ساعة يومياً من الإيذاء والقتل !
لقد أثبت المؤلف أن هناك تصوراً سائداً بأن الطبيعة الإنسانية تميل إلى جوانب سلبية، أو أنهم عَمِدوا إلى ذلك متجنبين الجوانب المشرقة فيه ، وحاولوا تعزيز فكرة ميل الطبيعة إلى العنف وأن هذه طبيعة غير قابلة للتغيير.
4-أسطورة غياب الصراع الاجتماعي:
صراع كما تصوره الأجهزة القومية لصنع الأفكار والتوجهات العامة ، هو في الأساس مسألة فردية (لا وجود أصلاً لجذور اجتماعية للصراع ) وإن ( سيطرة النخبة تقتضي تجاهل ، أو تحريف الواقع الاجتماعي ) فالمناقشة الجادة للصراع الاجتماعي تصيب الشركات ذات النفوذ الاقتصادي بتوتر بالغ على حد تعبير المؤلف ، وبذلك تستبعد أي برنامج يحتوي مادة ( خلافية ) أو (مثيرة للجدل ) وتستعيض عنه ببرامج الترفيه ، والإنتاج الثقافي ، والتسلية الجماهيرية التي تتبناها الأجهزة الإعلامية .
5-أسطورة التعددية الإعلامية :
على الرغم من التنوع الشديد ، والتعدد الإعلامي الهائل في الولايات المتحدة الأمريكية من حيث المظهر ، وإن حرية الاختيار هي شرط الحياة الأمريكية ، إلا أن الواقع مختلف
فعلى الرغم من هذا الكم الهائل في وسائل الإعلام والثقافة ، يظل المضمن واحد ، والفرق يتمثل في ( وهم ) حرية الاختيار .
تظل وسائل الإعلام الأمير كية ، تجارية احتكارية تنفي وجود الاختيار فيما يتعلق بالمادة الإعلامية ، وان شرط التعددية ، الخالي تماماً من أي تنوع ، يوفر القوة للنظام السائد لتعليب الوعي ، ويفر أيضاً الدعم المستمر للوضع القائم ، و( هذا الإنتاج يجري لتحقيق أهداف متشابهة ، هي جني الأرباح ، وترسيخ دعائم مجتمع الملكية الخاصة الاستهلاكي ).
ومن حيث الشكل فإن النظام التضليلي يستخدم تكتيكين لتشكيل الوعي : أولهما ألتجزيئي بوصفه شكلاً للاتصال ، وهذا هو النظام السائد والوحيد في الواقع لتوزيع المعلومات ( ملء فراغات الاتصال بتوجهات تجارية في طابعها ). وثانيهما : فورية المتابعة الإعلامية ، وهذه الفورية الآنية تطرح مادة إعلامية سريعة الزوال ، تعوق عملية الفهم ، وتضعف القدرة على التمييز ... وتحول العقل إلى غربال
ويخلص المؤلف أن الهدف الأساسي لوسائل الإعلام ، ليس إثارة الاهتمام بالحقائق الاجتماعية و الاقتصادية ، بل تحجيم هذا الاهتمام ، وتخفيف حدته ، وهذا ينطوي على توليد السلبية .
في الفصل الثاني : يدرس العنصر الحكومي لصناعة المعرفة
فيجد أن المعلومات تصب بكميات هائلة ، في الفروع الحكومية ، ويستنتج ( أن حجم الحصيلة الناتجة من المعلومات رغم إثارته للاهتمام من حيث هو نموذج معرفي يؤدي إلى التعمية أكثر مما يؤدي إلى الكشف ... ) ص 44 إن البيروقراطية الفيدرالية في حقل المعلومات ، على المستوى القومي تضع عملية إنتاج ومراقبة المعلومات ، تحت خدمة احتياجات المجمع الصناعي العسكري ، ويؤكد المؤلف ، أن هناك ضعفاً مفتعلاً ، من قبل الحكومة ، بوصفها منتجة وجامعة للمعلومات ، ويحدد ذلك بما يلي :
1 دعم قطاع المؤسسات الخاصة على حساب القطاع الحكومي : والمثل على ذلك ( لقد خصصت الوكالة القومية للطيران والفضاء " ناسا " بلايين الدولارات الفدرالية ، للشركات الخاصة ، العاملة في حقل الفضاء " كومات " أنظر ص 50 .
2 نشاط المخابرات : توسع النظام الأمريكي القائم على المؤسسات العملاقة المتعددة الشركات ، وأصبحت
عملية جمع المعلومات المتعلقة بالعدو ، أو العدو المحتمل ، عملاً بالغ الضخامة . وهناك وكالات ، أو إدارات
حكومية ، تتعامل مع نوع آخر من التحريات ، منها مكتب التحقيقات الفيدرالية " FBI " ، ووزارة الخزانة ،
وإدارة الأمن الخاص ، كلها تتطلب أموالاً هائلة ، وإن الدوافع التي تؤثر على إنتاج المعلومات في الولايات
المتحدة ، تلعب الدور الأساسي في تشكيلها ، تمارس نفس التأثير في عملية نشر المعلومات ، ويتضح ذلك في ثلاثة مجالات لنشر المعلومات على المستوى الحكومي القومي : الحكومة بوصفها داعية ، ووكيل علاقات عامة ، وجهاز للتحكم والتلاعب في الذخيرة الهائلة من المعلومات المتوفرة لديها .
أما في الفصل الثالث : فيعرض المؤلف دور العنصر العسكري / الصناعي ، في صناعة المعرفة
ويورد إقرار وزير الدفاع الأمير كي ، كلارك . أم . كليفورد ، عام كلارك . أم . كليفورد ، عام كلارك . أم . كليفورد ، عام1988 ( إن وزارة الدفاع تعد من أكبر مدارس العالم ، وينبغي لها أن تكون أفضل مدارس العالم ) والحقيقة كما يصورها المؤلف مذهلة ، فقد رصدت للمؤسسات العسكرية ميزانيات ضخمة ، أتاحت لها أن تصبح القطاع الأكثر ابتكاراً ، وتجريباً في المجتمع الأمير كي ، إذ وسع البنتاكون نشاطه خارج نطاق
دوره العسكري التقليدي ، وتحول رجال الأعمال ، إلى رجال تعليم ، بهدف السيطرة على سوق الوسائل التعليمية ، بغية الحصول على الربح ، فالتحالف العسكري / الصناعي ، مهد لقيام إمبراطورية جديدة في حقل التعليم ، ودفع إلى التقاء عديد من القوى المستقلة ، وبذلك حول الفصل الدراسي إلى موقع تابع لحقل الإنتاج الصناعي / العسكري .
في الفصل الرابع يكشف لنا المؤلف عن الثقافة الشعبية القائمة على الترفيه والتسلية
والتي تصنع في معامل ( مادسون أفيمي ، وهوليود ) بالكلمة والصورة ، تسودها أسطورة مركزية واحدة ، تؤكد أن الترفيه والتسلية مستقلان عن القيمة ، وتوجدان خارج العملية الاجتماعية ، ص 103.
إن طبيعة إيديولوجية الاقتصاد القائم على المؤسسات الخاصة متعددة الشركات تتخم أمريكا بالترفيه الخالص وإن التوجهات الترفيهية المضمن والشكل معاً ، وإفلاسها ألقيمي ، يقصد بها تعزيز وجهات النظر وأنماط السلوك المؤسساتية السائدة ، فالترفيه الشعبي في رأي أريك يارنو : ( هو في الأساس دعاية لترويج الوضع الراهن ) ويسلط المؤلف الضوء على ثلاث مؤسسات ثقافية إعلامية هامة ، هي :
أ مجلة دليل التلفاز : مجلة أسبوعية توزع /17. 5/ مليون نسخة ، حصيلتها /100/ مليون دولار ، من الإعلانات المنشورة ، ويؤكد المؤلف إن مهمتها الأساسية تتمثل في تقديم صورة أسبوعية لبرنامج التلفاز التجاري ، تجسد توزع النزعة التجزيئية الاستهلاكية التي تمثل أحد أهم أدوات سوس العقول في اقتصاد المؤسسات العملاقة متعددة الشركات ، ص 111 .
ب المجلة القومية للجغرافيا : تصدر عن الجمعية القومية للجغرافية ، وصل معدل توزيعها عام 1972 إلى /7. 2 / مليون نسخة ، تسهم في تنشئة / 17 / مليون قاريء ، ، وتمثل نموذجاً لتعليب الوعي ، فالإيديولوجية تتخل مواد المجلة ، وهي نوع من ممارسة التوجيه السياسي ، يتم فيه استخدام تركيبة متنوعة الأشكال من التقديم البارع للموضوعات ، والإخفاء والحذف ، لتقديم وجهة نظرها ، المتمثلة في إيمانها الكامل بالنظام الرأسمالي القائم على المشروع الخاص ، ص. 116
3 شركة والت ديزني المتحدة للإنتاج الفني : إمبراطورية التسلية بلا منازع ، وتعد من أكبر المشاريع الصناعية في أمريكا ، بلغ حجم مبيعاتها عام 1972 / 329 مليون دولار ( حاشية ص 124 ) ،وبعد تحليل موسع للعمل الترفيهي لديزني يخرج المؤلف بالنتيجة التالية معتمداً على رأي ماتيلارت : ( إن الطفلية الخيالية التي تخصص فيها ديزني تمثل اليوتوبيا السياسية لطبقة ما ، ففي كل الهزليات ، يستخدم ديزني الحيوانات والصبيانية ، والبراءة ، لتغطية النسيج المتشابك من المصالح الذي يؤلف نظاماً محتوماً من الوجهة الاجتماعية والتاريخية متجسداً في الواقع الملموس ، أي إمبريالية أمريكا الشمالية ، ص 132.
وفي الفصل الخامس يبحث المؤلف في صناعة استطلاع الرأي / تلك الصناعة الاجتماعية التي تمثل أحد العناصر البالغة الأهمية في صناعة الوعي
ويركز على الجوانب التالية : 1 التاريخ الحديث لاستطلاع الرأي في الولايات المتحدة . 2 استخدام الاستطلاعات في الداخل والخارج . 3 تقويم دور الاستطلاعات في مجتمع منقسم اجتماعيا . ثم يوضح تجربة ما وراء البحار ، والتي تعالج مسألة " إعلاء شأن أمريكا " ، ثم يرد على مزاعم المشرفين على استطلاع الرأي ، والذين يقرون بوظيفتين : تدعيم الديموقراطية ، وتوفير المعلومات الموضوعية . وبعد ذلك يخرج باستنتاج هام مفاده : أن استطلاعات الرأي لم تقصر في خدمة أهداف الديموقراطية ، بل خدمتها بطريقة تؤدي إلى كارثة ، فقد كرست مظهراً خادعاً من روح الحياد والموضوعية ، كما عززت وهم المشاركة الشعبية ، وحرية الاختيار ، من أجل التغطية على جهاز لتوجيه الوعي والسيطرة على العقول ، يتزايد توسعه وطوره يوماً بعد يوم ، ص 160 .
وفي الفصل السادس ، يبحث المؤلف في تصدير تقنيات الاستمالة إلى ما وراء البحار
فيستعرض الشركات القومية الأكثر إعلاناً عن منتجاتها ، والدور الواسع النطاق ، في اتصالات ما وراء البحار ، لإغراق المجتمع العالمي بسيل من الرسائل التجارية ، ولاختراق الاتصالات ذات الجماهيرية الملموسة ، من أجل السيطرة الكاملة عليها ، وتحويلها إلى أداة للثقافة التجارية ، ولتحدث تغيرات أساسية في المحيط الثقافي للبلاد ، لتتوافق مع متطلبات الإنتاج السلعي للشركات متعدد الجنسيات ، ويؤكد أن الوكالة الأمريكية للإعلان ، تلعب دوراً كبيراً في هذا المجال ، وأنه ليس هناك مكان في العالم يسلم من تغلغل وكالة الإعلان الأمريكية العاملة على النطاق الدولي ، ص 186 ، ثم يستعرض المكاتب الاستشارية ، ومكاتب السمسرة الأمريكية في الخارج ، ودور النشاط التجاري الصناعي في السوق العالمية ، الذي أخذ يؤثر في عملية صنع القرار ، على المستوى القومي ،في عدد لا يحصى من البلدان ، في كل القارات .
أما في الفصل السابع فيرى المؤلف توجيه العقول في بعد جديد : من قانون السوق إلى السيطرة السياسية المباشرة
لقد اضطر النظام الصناعي الغربي نتيجة لإدراكه المتنامي لضعفه الخاص ، إلى البحث في مبدأ
تدخل الدولة ؛ ومع تقدم التنظيم والتحكم ، نمت البيروقراطية الحكومية ، ونمت طبقة أخرى ، شاغلها الأساسي ، هو الحفاظ على التوازن الاقتصادي ، والمزيد من الاعتماد على التكنولوجيا ،وبعد الحرب العالمية
أصبح الاقتصاد الأمريكي ، يعتمد على زيادة القوى العاملة ، في مجال الخدمات ، وليس الإنتاج ، فكانت النتائج ، سيكولوجية ثقافية أكثر منها اقتصادية ، ص 192 .
أفرز هذا الاتجاه ، صراعا لا حل له ، بين التراث الخاص للعامل المؤهل ، وبين وضعه بوصفه مجرد أجير .
فكان لابد من استخدام وسائل الإعلام ، وفي مقدمتها التلفاز ، والإذاعة ، كأدوات بالغة الأثر على القوة العاملة ، وإحكام السيطرة عليها .
إن كبت الحريات ، أصبح الموضوع الرئيس ، على المستوى المحلي في الولايات المتحدة ، فيضرب المؤلف أمثلة كثيرة على ذلك ، منها اغتيال مارتن لوثر كنج ، والإنفاقات الاختيارية ، بين المحطات المختلفة ، على تكتم أنباء الاضطرابات العنصرية ، ويضيف ، أن هناك جهوداً محسوبة ، ومخطط لها ، في البيئة الفكرية ، على المستوى القومي ، يجري تعليبها بصورة بالغة الفعالية ، ص 211 . لقد أصبح ( الحدث المعد بصورة مسرحية ) وسيلة هامة يجري استخدامها الآن للفت أنظار الأمة ، وتنظيم وعيها ، مضافاً إلى ذلك ، استطلاعات الرأي ( عملية تخليق الرأي ) التي تديرها وكالة الاستعلامات الأمريكية ،لأن السيطرة الإعلامية ، قد أصبحت جزءاً لا يتجزأ ، من السياسة القومية ، وأصبحت أساليب تعليب التصورات ، والأفكار ، أدوات يجري استخدامها ، للتأثير على الرأي العام ، من أجل كفالة التأييد الشعبي ، لتصرفات الحكومة ، ص 218 .
في الفصل الثامن يدرس التكنولوجيا الإعلامية بوصفها قوة مضفية للطابع الديموقراطي
لقد دخلت الولايات المتحدة عصر ما يسمى بوفرة المعلومات فالمعيار الحقيقي المتعلق باحتمالات التكنولوجيا الإعلامية ، في رأي المؤلف ، يعبر عنه هذا التساؤل : لمصلحة من ... ، وتحت سيطرة من ... ، سيجري استخدامها ... ؟
إن أغلب الوسائل الآلية الضخمة ، ظهرت عبر نشاط القوات المسلحة ، وسيطرت على تطور التكنولوجيا الإعلامية الجديدة ، فالقدرة على التحكم لا تتطابق مع الاحتياجات القومية ، أو الأحتماعية الحقيقية ، ويضيف
( تتوزع السلطة في تخطيط النظام القائم على المعالجة بالكومبيوتر ، مابين : العميل ... ومخطط النظام ، ومبرمج الكومبيوتر ... والجهات المصنعة للمعدات الآلية الضخمة ، ومع ذلك فإن الاستخدام الآلي عاجز عن
تحقيق مشاركة شعبية أصيلة ، ص234 .
ثم يستعرض المؤلف احتمالات المستقبل ، ويؤكد وجود حركات معارضة ، تتمثل في العدد المتضاعف من العمال المتعلمين ، ويؤدي الجمع بين الضغط ، أو الضيق الاجتماعي ، وبين التجمع المتزايد العدد ، من المنتجين المتعلمين ، والطلاب ، إلى مزيد من عدم الاستقرار ، ص 241 .
لقد ظهرت التعاونيات الإعلامية ، لتقوم بتحليل ، ونقد ، ومعارضة الهياكل الإعلامية التقليدية ، كما أن مشاركة العديد من الناس في النشاط الإعلامي ، بمبادراتهم الخاصة ، هو أقوى دفاع على الإطلاق ، يمتلكه
أي مجتمع ، في مواجهة السيطرة الإعلامية ، وتوجيه العقول
تأليف: هربرت أ. شيللر
ترجمة: عبدالسلام رضوان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.