هو في مضمونه كتاب الباكالوريا الذي احتوى على تلاخيص لكل محاور مادة الفلسفة الموجّه لبرنامج الشعب الأدبية والعلمية في 46 صفحة أشّر له مؤلفاه «الزاهي بلعيد» و«حمادي العش» تحت عنوان « جذاذات فلسفية» ليدرك كل من يقبض على جمر هذا الكتاب الموازي أنه سيكتوي حتما بلهيبه طالما هو من خلال عنوانه اسم على مسمّى.. يفضح ويعرّي عن مضمونه حتى أن تلاميذ الباكالوريا استأنسوا به قصد دعم مكتسباتهم واختبار امكاناتهم في هذه المادة لقاء خبرة صاحبيه في الحقل التربوي. والمؤلفان من منطق وعيهما بالصعوبات التي يواجهها تلاميذ الباكالوريا - تنطلق بما شابه الخوف والرهبة من التطرق إلى الموضوع الفلسفي ثم تنتهي إلى الاخفاق في حسن توظيف تقنيات كتابة المقال الفلسفي .. والنتاج ثرثرة ولغو وهراء تدعي أن مادة الفلسفة عسيرة ومركبة.. فلا التلميذ يستوعب محتوياتها ولا الأستاذ يوفق في تقييم مواضيع تلاميذه- .. فقد أصرّا على الإدلاء بدلوهما في هذا الفعل التعلمي قصد درء الخطر الذي يهدّد المادة وقد تحوّلت لدى بعض التلاميذ إلى «فوبيا» الفلسفة. وايمانا من المؤلّفين بأهمية ما يطرحانه لتلاميذ الباكالوريا وبأن الكتب الموازية بدأت تلعب دورها في الثقافة العامة فإنهما أشارا عند تقديم كتابهما بأن هذه الجذاذات لا تعوّض اطلاقا الدرس وليست بديلا عنه ولا هي - من باب التواضع - أشمل منه ولكنها في مضمونها ثريّة بالقرارات الفلسفية حتى يتمكن التلميذ من المراوحة بين ما يهبه له استاذه في القسم وبين هذه الجذاذات التي تدفع بشكلها التلاميذ إلى التفاعل مع المسائل المطروحة ذهنيا قصد تصنيفها وتبويبها واستثمارها في كتابة المقال الفلسفي كتابة تامة الشروط حسب معايير ومؤشرات التقييم وهذا ما يسعى اليه التلميذ في خاتمة المطاف. كتاب في مضمونه واضح وضوح الشمس .. جاء دون تعقيد ولا غموض حتى ييسّر العمل على كل تلميذ استنجد به يتصفح الجذاذات ويستقرئ المحاور مثلما أشرّ لها برنامج مادة الفلسفة لتلاميذ الباكالوريا.. فيبدأ بمحور «الآنيّة والغيرية» وعناوينه «الانسانيّ بين الوحدة والكثرة» ... «الآنيّة بما هي إقصاء للآخر».. «مقام الآخر من الانيّة»..«في حدود القول بالآنيّة».. لتتقاطر المحاور زخّات زخّات في تسلسل منطقي وتمفصل سلس إذ تمرّ تباعا إلى محور «التواصل والأنظمة الرمزية» وعناوينه «في القول بأهمية التواصل ».. «اللغة أداة التواصل»... «في القول بأهمية المقدس»...«في القول بحدود الصورة» «في القول بحدود التواصل».. ثم تتسارع المحاور على نفس الايقاع شكلا ومضمونا. لتنتهي عند محوري الأخلاق والفنّ ومنهما تتناسل شتى المواضيع. جذاذات لها ايقاعها وصورتها تكشف عن المفاهيم الفلسفية مدعمة بمواضيع للتفكير والانجاز في صيغة أسئلة وأقوال ومضاتها ليس إلاّ أعلام الفلسفة وكتّابها الذين دعّموا الجذاذات بأقوالهم ونصوصهم .. «أفلاطون» و«ديكارت» و«سبينوزا» و«هيقل» و«سارتر» و«نيتشه» و«ماركس» و«فرويد» و القائمة تطول تغلقها أسماء «جون لوك» و«كانط» و«ميشال فوكو» و«ميكيا فللي» و«هوبز» و«روسو» وغيرهم من جهابذة التفكير الفلسفي. «جذاذات فلسفية»كتاب يفرض نفسه في الشأن التعلّمي جاء كحصاد لعمل جماعي ينتظران فيه الاستاذان «الزاهي بلعيد» و«حمادي العش» ردود فعل من قبل خبراء وأساتذة الفلسفة حيث النقد البنّاء بما فيه من رصانة وتبصّر وتعقّل خدمة للمادة بكل العناصر التي تحوم حولها فعلا وقولا.