نشر موقع «ميدل إيست بريفينغ» مقالًا عن الوضع في سوريا في ظل دعم الرئيس الروسي بوتين لبشار الأسد. وذكر التقرير أن بوتين كان قد وافق على خيار وقف إطلاق النار خلال مفاوضاته مع وزير خارجية أمريكا جون كيري، لكن مصالح الرئيس الروسي تقتضي استمرار نفوذه داخل سوريا. ونقل المقال عن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي بن رودس يوم 22 أفريل الماضي بأن أي تحرك عسكري روسي داخل سوريا لن يكون متسقًا مع هدفهم المشترك وهو سير العملية السياسية. وصرح العديد من المسؤولين الأمريكيين لوكالة الأنباء العالمية «رويترز» أنه على الرغم من قيام روسيا بسحب بعض الطائرات ثابتة الأجنحة في مارس الماضي، فإنّها عززت قواتها بطائرات هليكوبتر متطورة، وأعادت مدفعيتها بالقرب من مدينة حلب، وشنّت غارات جويّة على جماعات المعارضة المعتدلة. وأشار المقال إلى تقرير لوكالة رويترز تحدث عن انقسامات متفاقمة في الإدارة الأمريكية حول نوايا بوتين في سوريا مشيرة إلى أنّ علاقة إيران الحالية مع روسيا مشروطة بدعم بوتين للأسد، وبالتالي فإن الوجود الروسي داخل سوريا مؤمن في ظل وجود الأسد في السلطة. ويؤكد المقال أنه على أية حال، فإن خيار وقف إطلاق النار لا يهدد الوجود الروسي في غرب سوريا بأية صورة، وبالتالي فإن بوتين لديه حرية اختيار أي الحلين. ولكن لماذا قد يختار بوتين الحل السياسي ويهدد علاقته مع إيران؟ وحسب ما ذكر موقع «ميدل إيست بريفينغ» في مقال سابق، فإن بوتين لن ينسحب شبرًا واحدًا من سوريا ما لم يضمن تحقيق مصالحه في بلد آخر. يعني ذلك أن الحرب في سوريا مستمرة، ما لم تجد الولاياتالمتحدة حلًا ديبلوماسيًا يوافق عليه بوتين. أهداف مشتركة وأشار المقال إلى وجود أهداف مشتركة بين روسياوأمريكا في سوريا، وهي هزم تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» وإعادة الاستقرار للبلاد. ولكن من المهم معرفة الأهداف الحقيقية التي تسعى إليها روسيا، فكل دولة لديها أهدافها التي تجد أي إجراء تتخذه متسقًا مع هذه الأهداف. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لروسيا. فقد أبدى الرئيس بوتين موافقته على وقف إطلاق النار أثناء مفاوضاته مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، إلا أن قيامه بتعزيز قواته بالقرب من حلب يثبت غير ذلك.ويعتقد بوتين بأن الأسد يستطيع البقاء في السلطة عن طريق استخدام القوة الغاشمة وبراميل النفط المتفجرة. أما عن السؤال لماذا لا يسعى بوتين لإيقاف ذلك؟ فإنّ الإجابة هي أنه غير مضطر لفعل ذلك، لأنه إذا قام بتنفيذ خطة الولاياتالمتحدة فسيخاطر بعلاقته مع إيران. كما أنه في كلتا الحالتين، سواء استمر الأسد في الحكم أم لا، فإن لديه التزامًا من الولاياتالمتحدة بالحفاظ على مصالحه في سوريا. ويعقب الكاتبان بالقول إنه سواء كان بوتين صادقًا في نواياه أم لا، لا يجب أن يشكل ذلك فارقًا، فقدرة الدولة على تحقيق مصالحها يتعلق بحجم نفوذها، لذلك كان على الولاياتالمتحدة من البداية أن تقوي نفوذها في سوريا.لم تقم الولاياتالمتحدة بفعل أي شيء منذ البداية، حتى أن الإدارة الأمريكية لم تعتقد أن بوتين سيتدخل بقوة في سوريا للدرجة التي تجبر أمريكا على تعويض بوتين في مكان آخر إذا ما أرادت منه اتفاقًا على حل ما. في الواقع، يبدو من المنطقي قيام بوتين بتقوية نفوذه في سوريا. ما يبدو غير منطقي هو رفض الولاياتالمتحدة التدخل في سوريا طوال خمس سنوات. لا للتدخل الحقيقي ونقل المقال ما أوردته وكالة رويترز حول كون مسؤولين آخرين بمن فيهم مستشارة الأمن القومي الأمريكي سوزان رايس قد اعترضت على أي تدخل حقيقي للولايات المتحدة في سوريا متسائلًا عما إذا كانت رايس هي السبب؟ أم الرئيس أوباما؟ وقد صرّح الرئيس أوباما من قبل بأنه أمام معضلة؛ إما أن يساعد المعارضة وبذلك يكون مشاركًا في حرب بالوكالة ضد روسيا، أو لا يفعل ذلك وبالتالي ستوسع روسيا من نفوذها في الشرق الأوسط. ويتساءل الكاتبان حول السبب الذي دفع أوباما إلى اعتبار أن مساعدة المعارضة تعتبر حربًا بالوكالة ضد روسيا مؤكدًا أن الرئيس الروسي يساعد الأسد على قصف جماعات تتلقى دعمًا من الولاياتالمتحدة، فلمَ لا يعتبر ذلك حربًا بالوكالة ضد الولاياتالمتحدة كذلك؟ ليخلصا إلى أن ما يفعله الرئيس أوباما هو أنه يحاول إيجاد تبريرات للسياسة التي اختار اتباعها. ورأى المقال أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تسلح بعض الجماعات مع إحكام سيطرتها على تحركات تلك المجموعات لإيقافها عند اللزوم. كما يجب عليها الاتصال بتلك الجماعات بشكل مباشر لا عن طريق حلفاء. يجب على الولاياتالمتحدة أن تساعد المعارضة المعتدلة بكامل قوتها حتى تتزن القوى، ويقبل كل من الأسد وبوتين وإيران بحل سياسي مناسب ليحافظ على الدولة السورية ويوقف حمام الدم.ويؤكد المقال ختامًا أنه لا يمكن التوصّل إلى حل سياسي مناسب دون أن تؤيده القوى الموجودة على الأرض. وأن محاولة وقف قتل المدنيين ليست كافية، فالمهم هو كيف تحاول، فقد تؤدي تلك المحاولة إلى تفاقم الوضع خاتمًا بالتعقيب أن الوضع الحالي في سوريا ليس مواتيًا لحل سياسي مناسب، وأنّه على الرئيس أوباما أن يعي ذلك جيدًا.