أجرت صحيفة "الشروق" المصرية الحوار التالي مع الفنانة هند صبري وقد تحدثت هند عن موقفها من النظام السابق، والتوقيع المنسوب لها دعما لبقاء الرئيس المخلوع فى السلطة، عن رسائلها على «تويتر» لمناشدة رجال الأمن عدم إطلاق النار على شباب تونس الغاضبين، وأيضا عن موعد زيارتها الأولى إلى الوطن بعد كل هذه الدراما لماذاصمتت هند منذ بداية الأحداث؟ أنا شخصيا أتعجب من مثل هذه الأقاويل، خصوصا أنني ومنذ بدؤوا في إزهاق الأرواح ومع تزايد أعداد القتلى كتبت على الصفحة الخاصة بى في موقع الفيس بوك رسالة مفتوحة للجميع بعنوان «لا تطلقوا النار» وضعتها منذ أسبوعين وختمتها بعبارة هي بالحرف الواحد «أكتب هذه المقالة والخوف يعتريني، الخوف من أن أفهم خطأ، الخوف من أن تتعرض أسرتي في تونس للمضايقة، الخوف من عدم قدرتي على العودة» وذلك على الرغم من انه لا يوجد شيء في هذه المقالة يشير إلى ما يسيء إلى الوطن، بل على العكس، فهذه بادرة حب للوطن الأكبر، وطننا، دون حقد وبكل الاحترام والمنطق. بادرة يحلم بها الملايين من الشباب. لماذا تخافين إذن؟ كتبت هذه الرسالة في قمة الاحتجاجات، والنظام السابق كان لا يزال قائما وهو نظام قمعي نعرفه جميعا ولا يعترف أبدا بحرية التعبير وخصوصا عندما تكون فنانا واسمك معروفا لعامة الشعب. وكان مثل هذا الخطاب وقتها خطرا جدا، وخصوصا أن وقتها لم يكن أحد يتخيل أبدا أن هذا سيحدث وأن زين العابدين سيهرب. للعلم اندهش جدا من بعض ردود الأفعال هذه التي سببها تساؤلك، فالرسالة قرأها على الفيس بوك أكثر من 200 ألف شخص وشاهدها عبر موقع التوتير 2000 شخص، والبعض يقول إنني لم أتحدث ولكن هذا الخطاب تحديدا صنفه البعض على أنه فاتر ومحايد أكثر من اللازم؟ هذا حديث عار من الصحة فهؤلاء الذين يتحدثون الآن بكل شجاعة عن حياد خطابي كانوا يرتدون اللون الذي يرمز ل«بن على» ويهتفون له ويدعون الناس لانتخابه. دعنا نتجاوز مثل هذه الأحاديث الفارغة ونهتم أكثر بمصلحة الوطن وهى التي يجب أن تعلو فوق أي اهتمامات، وخصوصا انه وحتى عدة أيام مضت كان الجميع خائفين وكنت أنا أيضا خائفة لو أراد البعض محاكمتي على خوفي فليحاكموا 11 مليون تونسي تحملوا هذا النظام لمدة 23 عاما، فدعونا نتجاوز هذا الجدل ونركز فقط في مستقبل تونس وما سيحدث خلال الأيام القادمة، وما قد تحمله من مخاطر. يجب ألا نسمح لبعض الانتهازيين بخطف الإنجاز الذى تحقق وخصوصا اننا لن نبدأ من الصفر فلدينا نسبة متعلمين عالية ويجب أن يتخلص كل مواطن حاليا من شعوره أنه قاصر وللعلم هذه الاحتجاجات التى بدأت لدينا بدأت من المحافظات الجنوبية البعيدة عن الثروة والمليئة بالفقر لو تحدثنا عن خطابك الثانى والذى حمل اعترافك بخوفك وحتى جبنك؟ اعترف اننى كنت خائفة، خصوصا أن أسرتى ما زالت تعيش هناك وأنا لا أمتلك طموحا كي أصبح لاجئة سياسية واعترف أننى خفت وهو ضعف إنسانى مشروع ولكن توقيعك موجود على اللائحة التى سموها بلائحة ال65 شخصية تونسية عامة وهى القائمة التى طالبت زين العابدين بن على بترشيح نفسه لفترة رئاسية جديدة عام 2014؟ لقد شرحت الموقف فى رسالتى الثانية على الفيس بوك وسأشرحها لك هنا ببعض من الاختصار.عندما اتصل بى شخص يدعى بلحسن الطرابلسى قائلا «نحن نبني الآن قائمة بأسماء الفنانين الداعين للرئيس لتمثيل نفسه فى 2014، وأنا أعلمك لأنه ليس من المناسب وضع اسمك دون علمك».وانتهت المكالمة.لن أنسى الخوف الذى انتابني ذلك اليوم. اتصلت بالطرابلسى فى وقت لاحق. بعد أن استجمعت كل قواي، قلت له مع كامل الاحترام وبخوف: «لا أريد أن يساء فهمي، ولكن أود البقاء بعيدة عن ذلك. واعتقد جازمة أن الفنانة يجب أن تظل محايدة إذا... من فضلك، أريد أن أظل محايدة. أنا لا أمارس السياسة. قاطعنى السيد الطرابلسي وقد غير لهجته قائلا: ماذا؟ أولا فات الأوان وإلى جانب ذلك ما ماذا يعنى أن تبقي محايدة هل أنت شيوعية؟»قلت: لا. سألنى: أنت إسلامية؟. أجبته: لا. قال: حسنا، ليست هناك مشكلة. هذه هى كل القصة وهذا النظام كان يستغل شهرتنا كفنانين لعمل دعاية لنفسه وأنا شخصيا لم أطلب منهم أبدا شيئا، حتى عندما منحونى وسامين كانا بعنوان الجمهورية التونسية وليس الرئاسة وكنت أعتقد وبكل سذاجة أنني أحصل عليهما لأنني خدمت بلدي بما أقدمه من فن ولكننى كنت واهمة. ما هى رؤية المواطنة هند صبرى للوضع التونسى الحالى؟ - لدينا إنجاز بكل المقاييس، بلد تحرر بفعل ثورة شعبية ولكن فى الوقت ذاته لدينا حالة من الزعزعة الأمنية لابد أن نتحد أمامها وأن نصبح يدا واحدة وخصوصا مع وجود 60 يوما فقط تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية وهناك اشياء كثيرة مهمة يجب أن نركز عليها. من وجهة نظرك.. ما الذى تحتاجه تونس فى مثل هذه الظروف؟ - الاولوية الحالية لنا جميعا هي الناحية الأمنية ولابد أن نعيد الهدوء والاستقرار لبلادنا وللعلم الأمور بدأت فى التحسن نسبيا فيوما عن يوم تتحسن الأحوال وانا شخصيا أحيي النضال الشعبي التونسي وشعبنا حقق بطولة فوق مستوى تخيلنا ولن أنسى أبدا الموقف البطولى للجيش التونسى الذى رفض أن يقوم بانقلاب عسكرى وفضل أن يتلاحم مع صفوف الجماهير وأن يحرس الوطن وأيضا موقف افراد الشعب الذين رفضوا النوم ونزلوا للشوارع كي يقوموا بحماية شوارعهم وبيوتهم بأنفسهم وهو ما أثبت أن الهم التونسى واحد وخصوصا أن بن علي وبعد رحيله ترك مجموعة من الميليشيات لتقوم بإخلاء تونس من أهلها وهو يفعل حاليا مثلما فعل نيرون عندما قام بإحراق روما ولكن الشعب التونسى هو من يقرر مصيره الآن. متى ستعود هند صبرى لتونس؟ - أنا الآن حامل فى شهري السادس وبمجرد ولادتي سأحمل طفلي واذهب ليرى تونس حرة وهو ما سأقوم بكتابته على موقع تويتر. والسفيرة هند صبرى.. هل ستحاول توفير أي دعم لبلدها؟
بالطبع سأحاول هذا ولكننى الآن أتحدث كهند صبري المواطنة التونسية والتى قررت أن تتبرع ومن مالها الخاص دون إنتظار لأية تبرعات لجهود إعادة الإعمار والبناء فى مناطق جنوب ووسط تونس التى دمرتها الاحداث وخصوصا انها هي المكان الذى شهد بداية كل هذا وأهل الجنوب الفقراء هم من صنعوا الثورة وليس من يجلسون الآن أمام المواقع ومن حق من صنع ثورتنا أن ينعم بحياة كريمة.