استطاع الإعلام الرياضي خلال السنوات الماضية من أن يهيمن على المشهد الإعلامي التونسي ، إلا أن هذا القطاع و رغم تعدد نجاحاته لا يزال رازحا تحت طائلة التهميش و تطفل "المندسين" ما جعله كرة تتقاذفها أهواء أشباه المسؤولين و الجماهير. "التونسية" فتحت الملف فاسحة المجال أمام مستقبل الصحافة الرياضية لنقد واقعهم و اقتراح الحلول فكان التحقيق التالي: * تهميش و دخلاء: يعاني قطاع الإعلام بصفة عامة من مشكلتين بارزتين هما الدخلاء و التهميش لكن خصوصية الإعلام الرياضي تجعل من هاتين النقطتين عنصرين مكبلين للقطاع. إيقاف زحف الدخلاء هي النقطة التي ركز عليها الصحفيون اذ يؤكد "طارق العصادي" الزميل بأخبار الجمهورية أن "خصوصية القطاع تستوجب تكوينا نظريا يمكن من تلقاه من الولوج إلى المهنة لكن الواقع الميداني يبرز مدى نفاذ هذه الطائفة من فاقدي التكوين". و يضيف " شهير الكافي" المعلق الرياضي بالإذاعة الوطنية أن " تواجد الدخلاء يكبل القطاع إذ تجدهم يرتعون في المنابر بين التعليق و التحليل و النقد رغم جهلهم بالأبجديات اللازمة في هذه المجالات". و أكد الزميل "حيدر" بإذاعة موزاييك أن "الدخلاء ظاهرة قديمة و ان نجح القدامى في نسج مسيرة و إعلام رياضي ناجحين إلا أننا اليوم أمام مشهد يندى له الجبين." و بالإضافة الى الدخلاء تبقى مسألة تهميش القطاع بصحفيية أمرا مخزيا يقول العصادي " نحن كصحفيين يقع تسليمنا بطاقات مخبر رياضي في حين أنها درجة أقل شأنا من الصحفي الرياضي. مضيفا أن " القوانين الحالية لا تسمح بنهوض القطاع ما سهل ولوج الدخلاء للمهنة". أما حيدر فيعتبر أن التهميش "سمة القطاع و عليه يجب السعي لهيكلة القطاع من القاعدة و الوقوف أمام كل من يسعى في محاولات الجذب الى الوراء". * منصة الصحافة: ينطلق الزميل بإذاعة موزاييك لدى حديثه عن منصة الصحافة فيقول:" هذه المنصة ليست للصحافيين فلا هيكلتها و لا روادها من الصحافة إذا أن جل الملاعب تفتقر إلى أبسط ظروف العمل الصحفي فملعب رادس الذي يعد أفخر ملاعبنا بنيت منصة صحافة خاصة صلب المنصة الشرفية لجماهير الترجي!" و عن هذه النقطة يستهل "شهير الكافي" حديثه عن المنصة بالمثل العربي "حدث و لا حرج" و يضيف: "ان المنصة واحدة من أبرز العوائق التي نجدها لدى قيامنا بالتعليق الصحفي فالملاعب تفتقر لأبسط وسائل العمل اذ تغيب آلات الفاكس و الانترنت للمراسلات إلى جانب عامل التغطية و زاد إضراب أعوان اتصالات تونس في الوضع حدة". و عرج العصادي على مشكلة المنصة الصحفية فيقول: "ان كنا نريد بطولة محترفة يجب احترام مهنة الصحفي التي تنطلق من تهيئة الفضاء الذي يعمل فيه فمثلا منصة المرسى مساحتها 5 أمتار مربعة!" و المنصات الأخرى يختلط فيها الحابل بالنابل؟... من جهته اعتبر "جمال القاسمي" رئيس الرياضة بإذاعة جوهرة أن : " البنية التحتية و الملاعب التي توجد داخل المدن هي عوائق أمام الصحفي الرياضي الذي يبقى مطالبا بالتقيد بأخلاقيات المهنة ما قد يعرضه لاعتداءات الجماهير و المسؤولين في حالات النقد". * أخلاقيات المهنة و الولوج إلى المعلومة: ربط "طارق العصادي" أخلاقيات ممارسة المهنة بالوصول للمعلومة حيث يقول:" تعترض الصحفي في حالات النقد أحيانا تراجع أداء أو نتائج الفرق عدة متاعب و صعوبات إذ يضيف أشباه المسؤولين على الصحفي الذي ينتقد فريقا ما في كيفية و سبل وصوله إلى المعلومة ما يعرقل عمله". و يستشهد العصادي بما حدث لوسائل الإعلام في ملعب قابس لما منعوا من أداء رسالتهم. و عرج "شهير الكافي" على هذه النقطة قائلا:" لما كنت بصدد التعليق على المباراة التي جمعت النادي البنزرتي بمستقبل المرسى، قمت بالإشارة الى تلقي حارس البنزرتي عرضا من مازمبي الكنغولي و الذي أكده الحارس بنفسه، فوجئت بتهجم أحد أحباء قرش الشمال على شخصي متهما إياي بفبركة الخبر!". هذه العوامل صاغها الزميل في موزاييك ضمن هنات القطاع ليضيف:" هذه العوامل استغلها بعض الدخلاء ليصبحوا ملحقين صحفيين للفرق و اللاعبين فمثلا تطالعك الأخبار المضحكة كوصول عرض من جمعية روما أو أتليتيكو مدريد للاعب أبرز جولاته في المقاهي و العلب الليلية و هنا نتساءل عن كم قبض هذا المندس بدل التساؤل عن صحة الخبر؟ * الحلول و الآفاق أجمع المتدخلون على عدة عوائق تكبل القطاع و قد اقترح العصادي مثلا إجراء استشارة يطرح فيها الصحفيون الرياضيون مشاغلهم و رؤيتهم لواقعهم الإعلامي إلى جانب وقف تدفق الدخلاء لضمان الحد الأدنى من المهنية و الحرفية في الصحافة الرياضية. من جهته أفاد "جمال القاسمي" أن استقلالية المنصة الصحفية من الجماهير أمر ضروري للحفاظ على سلامة الصحفيين من جهة و ضمان تطور القطاع من جهة أخرى. أما "شهير الكافي" فاعتبر أن عمليات الإصلاح يجب أن تنطلق من القاعدة حيث يجب تصنيف الصحفيين إلى درجات يقع معها تحديد مهام كل درجة، كما اقترح إنشاء جمعية للصحفيين الرياضيين تمكن من النهوض بالقطاع في ظل غياب هيكل يشرف عليه. من جانبه أكد حيدر أن الصحفي الرياضي طالما لا يزال تحت مطرقة أخلاقيات المهنة و سندان الجماهير و المسؤولين فلن يتمكن من انجاز عمله على النحو الأكمل لذلك يجب أن تفصل المنصة الصحفية عن منصة الجماهير مع سن تشريعات جديدة تهيكل القطاع و تضمن عدم دخول المندسين و تجرم بعض الممارسات. و إن اختلفت الآراء حول المشاكل التي يعرفها القطاع على خلفية أن لكل مجال مشاكله فالإذاعة تختلف عن التلفزة و كذلك الصحافة المكتوبة الا أن الإجماع كان متمحورا حول ضرورة إيقاف زحف الدخلاء و الإسراع بسن تشريعات جديدة تمكن من هيكلة القطاع ليتمكن الاعلامييون من آداء رسالتهم كما تمليه عليهم أخلاقيات المهنة.