إن الحراك الثوري الذي شهدته تونس ومعاناة معتقلي الرأي والنضال ليس بحاجة لشهادة البيروقراطية الحزبية التي هرولت يوم 13 جانفي لمحاورة الرئيس المخلوع والمشاركة في حكومته تحت سقف إصلاحاته المزعومة وحين كنا نخوض النضالات الميدانية وتعرضنا للسجن لم نجد إلا شباب الثورة يدافع عنا ويحتضننا ولم تلتزم القيادات الحزبية مثل احمد نجيب الشابي الذي لا يطبق الديمقراطية في الحزب ويريد ان يؤبد مدى الحياة، الدفاع عن مناضلي الحزب وقواعده الذين انخرطوا في ثورة 17 ديسمبر بل لم يستشرها في الهرولة للانخراط في الحكومة الأولى والثانية برئاسة الغنوشي. وقد عبرت أنا شخصيا عن رفضي التام ورفض جماهير 17 ديسمبر التي واكبت وغطت منذ اندلاع شرارة الثورة المدنية يوم الاحتراق بالنار المقدسة كما وصفها سميح القاسم وآمنت أنا شخصيا أن إسقاط النظام لن يكون إلا بتحركات ميدانية وحملة إعلامية. فكانت اتصالاتي ب France 24 وبالعديد من الإذاعات الدولية مكثفة جدا لكشف بشاعة النظام الديكتاتوري. وفي مرحلة أخرى عبرت عن رفضي التام ورفض شعبنا لحكومة الغنوشي عبر الفضائيات العالمية في تصريح مشهود ل France 24 أيضا فكانت بداية القطيعة مع البيروقراطية الحزبية المتخاذلة المتمثلة في أحمد نجيب الشابي الذي يتحكم في الحزب وموارده عبر إطار عمودي وعائلي ضيق فأراد من الحزب شبيها بحزب التجمع المنحل. إن محمود غزلاني كان مناضلا ملتحما بالجماهير منذ الحركة الطلابية وخاصة منذ انضمامه للحزب الديمقراطي التقدمي بسيدي بوزيد وقام بحملة من التحركات والمصادمات مع النظام الديكتاتوري أدت به إلى السجن مع مجموعة من رفاقه يوم 24 نوفمبر 2008 وتم اعتقاله في أوت 2010 وفي وقت اتسمت تحركات نجيب الشابي بالمناسبتية كانت الجبهة العريضة ل 17 ديسمبر التي التحمت فيها الكوادر (الحزب الديمقراطي التقدمي بسيدي بوزيد) مع النقابيين القاعديين وشباب الثورة فانتصر الحراك الثوري في جميع المدن التونسية وقمنا بالنضال الميداني والتغطية الإعلامية إلى حين اعتقالنا يوم 11 جانفي 2011 فلم تلتفت قيادة الحزب إلى مناضليها بل سعت إلى الهرولة نحو المناصب لتلبية طموحات سلطوية شخصية وقامت القيادة التي كانت تزعم أنها تاريخية بالتحالف مع أزلام النظام البائد بل تمادت بانتهاج أساليبه عبر استخدام الإشهار الشخصي بلافتات في المدن والصحف وهي لافتات إشهارية شخصية لا تعبر عن أسس العمل الجماعي للحزب بل هي عبارة عن حملة انتخابية على الطريقة الأمريكية وفيها استفزاز للقواعد الحزبية والشعبية وفي بعض الأحيان في نفس الأمكنة التي كانت فيها صور الرئيس المخلوع !!! إن تسيير الحزب عبر الأوامر الفوقية والتفرد بالرأي جعلنا نحث مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بأن يطالبوا بمؤتمر خارق للعادة ويجعل الهياكل القاعدية فاعلة لكي لا يصبح هذا الحزب نسخة من التجمع المنحل. كما أطالب بالشفافية المالية للحزب وكافة الأحزاب الأخرى، كما نطالب بضرورة إنقاذ الجمهورية من طموحات بعض القيادات الحزبية السلطوية التي لا تتورع عن تأبيد سيطرتها مدى الحياة لذلك فإن إنقاذ الجمهورية وتحقيق أهداف الحراك الثوري يكون عبر تسريع الانتقال الديمقراطي باستفتاء على العقد الجمهوري يوم 24 جويلية تليه انتخابات رئاسية وطرح شخصية توافقية نظيفة اليد غير متلهفة بشكل مفضوح لكرسي الرئاسة.
محمود غزلاني الكاتب العام للحزب الديمقراطي التقدمي بسيدي بوزيد وعضو اللجنة المركزية