"سنوات البروستاتا" هو عنوان الرواية الجديدة للكاتب والصحفي التونسي الصافي سعيد، الصادرة عن "عرابيا للإعلام المتعدد"و هي من جنس الأعمال الإبداعية الميتافيزيقية، من حيث إسقاط الأحداث و التأليف، من خلال التواري وراء عالم الموتى لنقل صور من واقعية الحياة. يوظف الكاتب أحداثا ووقائع تمثل أبرز مسارات حياة "زين العابدين بن علي" الرئيس المخلوع"النعمان في الرواية"، سيرة حياته من الطفولة إلى الشباب، إلى سنوات الحكم أو "الملك"، مرورا بالمناصب التي تقلب فيها سواء في الجيش أو في الحياة المدنية، وقصته مع النساء وخاصة زوجته الأخيرة "نجلاء في الرواية"التي رافقت سنوات حكمه المستبد وكانت شاهدة على قصة صعود سريعة، كما عايشت بل كانت سببا وراء الانهيار والهروب وبكاء ملك ضائع. "سنوات البروستاتا" ينظر إليها النقاد على أنها عمل روائي لا يرجع بالأحداث على طريقة الفلاش باك من الكبر إلى الصغر بل في هذه الحالة يكون الرجوع من الموت إلى حدث الولادة وصولا إلى السلطة والحكم ثم الانهيار..من الموت إلى البعث والنشأة الأولي، وقصة الصعود نحو القمة والخروج المذل من سدة السلطة والتاريخ، يحاول الصافي سعيد وبأسلوب روائي شيق، شد القارئ بل أنه يدفعه إلى الاستمرار في القراءة وعدم التوقف ، من أجل معرفة تفاصيل ومعلومات وأسرار أكثر وخاصة تلك المتصلة بعلاقة الحب بل العشق التي جمعت بين "النعمان" و"نجلاء"، بجميع تشعباتها من السرية إلى العلنية. ونجلاء، عشيقة النعمان ثم زوجته/ لم تكن تنتمي لبنات العائلات الكبرى، ولا إلى عائلات الأغنياء الجدد وهو أمر لا تخجل منه أبدا لان ما من احد يخطر على باله بأنها لم تتزوج النعمان عن حب... أو ليس من عبقرية نجلاء إنها استبدلت زوجا سجينا بزوج قادر على وضع كل البلاد في السجن.../ يستدعي الصافي سعيد في هذه الرواية تراث وأسلوب تيار الواقعية الجديدة في الرواية العربية، الذي أسس له الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ، وهي مدرسة تعمل على تحويل الواقع كما هو ماثل أمامنا إلى عمل إبداعي وفني، في محاولة للكشف عن أحداث ووقائع وكذلك شخصيات كان لها الحضور الأوفر في الفضاء العمومي المشترك بكل حيثياته وخاصة تلك السلبية والمؤلمة في مسار المجتمع والدولة.