توقعت جماهير النادي الافريقي أن ترى ناديها في الصفوف الأولى بعد أن كانت سباقة في تنفس عبق رياح الحرية فور انبلاج فجر الثورة. إلا أن تسارع الأيام والأحداث وضعت هذا الصرح على مشارف أزمة حادة قد تكون لها تداعيات خطيرة على حاضر ومستقبل الفريق خاصة وأن الأزمة كانت عامة بدءا بالجانب الفني ووصولا إلى الإداري، وهو الأمر الذي خاله " شعب الافريقي " قد ولى بفعل الجلسة العامة التاريخية. فماهي أسباب الأزمة ؟ ولماذا عجز الافريقي عن مقارعة أنداده على الألقاب ؟ وماذا ينقصه لذلك ؟ وهل أن العتروس الذي نال ثقة الجماهير غداة الجلسة العامة، هو رجل المرحلة ؟ أسئلة كثيرة ومحيرة لجماهير الأحمر والأبيض، حاولت "التونسية" البحث عن أجوبة لها لدى أبناء النادي و من عايشوا أجواء الفريق، فكان التحقيق التالي: * عادل السليمي كان لزاما استطلاع رأي عادل السليمي ليس لكونه ابنا شرعيا للنادي فقط وإنما لأنه من أشرف على دواليب الفريق الفنية في بداية الموسم، فأفادنا بما يلي: أعتبر أن بداية الموسم هي السبب وراء تذبذب أداء الفريق وذلك بعد أن عانينا أزمة تسييرية خانقة فالجميع يتذكر كيف عين العتروس ثم كيف خلع وعوض ببلامين الذي تعرض بدوره إلى وعكة صحية غيبته عن أداء مهامه في الفريق. أما فنيا، فبدأنا الإعداد للموسم في غياب 12 لاعبا هم من ركائز الفريق بالإضافة إلى أن التحضيرات انطلقت في موعد متأخر ضف إلى ذلك أن الانتدابات التي تكلفت باهظا على كاهل النادي أنجزها المسؤولون بالهيئة السابقة ولم يكن لنا دخل فيها، هذا دون أن ننسى تعاقب المدربين فالافريقي دربه 6 فنيين في موسم لا زال لم يلفظ أنفاسه بعد وبالتالي لم تتوفر الاستقرارية فنيا وتسييريا وهو ما أدى إلى عجز الأحمر والأبيض عن المنافسة على الألقاب. أما ما ينقص الفريق ليعود إلى مداره الحقيقي فهو الانضباط والقطع مع العشوائية في الانتدابات وكذلك الصفقات المشبوهة وأعتقد أن فوزي البنزرتي بفضل ما يكتنزه من خبرة وتجارب واسعة يمكنه اعداد فريق ممتاز بامكانه صنع مستقبل زاهر للنادي الافريقي والأمر نفسه ينطبق على جمال العتروس الذي أظن أنه اختار الطريق الصعب فهو يحاول تطهير النادي وتخليصه من الشوائب ولكنه الطريق الصحيح. * مراد محجوب بعد رحيل براتشي والسليمي جيء بمراد محجوب صاحب الخبرة والذي سبق له المرور بحديقة منير القبايلي من قبل، لكن الأمور لم تنصلح رغم التتويج بكأس شمال إفريقيا. تحادثنا معه في هذه المصافحة فعبر عما يعتصره من ألم لما آلت إليه الأمور في الإفريقي حيث يقول:" الوضع في النادي الإفريقي مؤسف حقا و لا يليق بفريق في عراقته و تاريخه الا أن الأمر يمكن ايجازه في كيفية دخول الفريق معترك الاحتراف منذ 10 سنوات حيث لم يرفع سوى لقب وحيد، فالإدارات المتعاقبة تلهث فقط وراء الظهور الإعلامي و المصالح الضيقة دون التفكير في مستقبل النادي الذي يتطلب برامج و أهدافا. أما هذا الموسم، فالافريقي بدأه بهزائم و تعادلات أخرت اقلاعه رغم اقترابه من كوكبة الطليعة لكنه وقع مجددا تحت طائلة الأزمة." و يضيف محجوب:" العتروس أراد التأسيس لمرحلة جديدة لكنه وجد أناسا يحاربونه في الخفاء و هم الذين يتحكمون في خيوط اللعبة في النادي و ما يحدث منذ مدة أبلغ مثال على ذلك. فالإفريقي ينقصه أناس يعملون لمصلحته بعيدا عن المصالح الضيقة ففترة الميركاتو مثلا تعد الأخطر في الحديقة "أ" حيث تنطلق عمليات "السمسرة " بين وكلاء اللاعبين والمسؤولين لنرى في ما بعد ملايين مبعثرة على أشباه لاعبين لا يمكنهم تقديم أية إضافة للفريق ويتم انتدابهم دون مقاييس فنية ومرد ذلك المسؤولون الذين يجهلون الكرة ويفرضون هذه الانتدابات . وختم مراد محجوب حديثه بتمني الحظ الوفير للإفريقي والعتروس خاصة أمام ما يواجهه من صعوبات . * الطاهر الخنتاش من جهته اعتبر الطاهر الخنتاش أن صفته كعضو جامعي تمنعه من الحديث عن النادي الإفريقي ولكنه من فرط تأثره لوضعية ناديه الأم تحدث إلينا قائلا :"صفتي كعضو جامعي تمنعني من الحديث عن الإفريقي الذي أدين له بالكثير لكن ما يمكنني قوله هو أن الفريق يمر بأزمة خانقة تتطلب تضافر جهود كل العائلة الإفريقية. ورفض الخنتاش الإجابة إن كان العتروس الرجل المناسب للمرحلة مبررا ذلك بالإتهامات التي طالته مؤخرا بعد مباراة الدربي إلا انه يتمنى الحظ الوفير للإفريقي ومسؤوليه لما فيه مصلحة النادي . * كمال إيدير الرئيس السابق للنادي الإفريقي لم يذهب بعيدا عن نائبه السابق أيضا حيث إعتبر أن الأزمة خطيرة وأن الحل في تلافي الخلافات والالتفاف حول الفريق ، فالإفريقي كان سباقا في قطف ثمار الديمقراطية ولديه هيئة إنتخبتها الجماهير وهو ما يتطلب دعمها من الجميع ماديا ومعنويا حتى يعود الإفريقي سريعا إلى الصفوف الأمامية وهو مكانه الطبيعي فمن الإجحاف ان تعاني الجماهير مرارة الخيبة وهي التي وقفت إلى جانب فريقها وشحذت هممه وبالتالي أطالب الجميع بأن يقفوا وقفة الرجل الواحد حتى يكون الموسم المقبل موسما يراهن فيه الفريق إلى الرمق الأخير على مختلف الواجهات . * خالد السعيدي مايسترو الإفريقي في تسعينات القرن الماضي بدا شديد التأثر لما آلت إليه الأمور في فريقه فصرح لنا قائلا : "الإفريقي تنخره الصراعات فمن الغريب أن لا يتوج فريق يعج بالأسماء الرنانة (كوسام بن يحيى والمويهبي والذوادي وغيرهم ...) بالألقاب او أن يراهن عليها على الأقل . الجماهير تعودت رؤية فريقها في الصفوف الأمامية ومتراهنا جديا على الألقاب ومنت نفسها بتواصل هذه السلسلة لكن تحضيرات بداية الموسم ومبارياته الأولى حكمت على النادي بتوديع السباق مبكرا . اما ما ينقصه فهو بالتأكيد انتدابات مدروسة تشرف عليها لجنة مكونة من 3 او 4 فنيين من أبناء النادي إلى جانب توفر عاملي الاستقرار الفني والتسييري بالإضافة لرحيل جمال العتروس و فوزي البنزرتي فكلاهما سبب الصداع للجماهير وفشل على كل الأصعدة وعليه يجب أن يغادرا سويا الحديقة وان يأتي محلهما أناس يريدون خدمة الفريق بعيدا عن المصالح الضيقة وأن يكون ذلك في قادم الأيام خاصة وأن الفريق مقدم على مواجهات كأس "الكاف" الذي يبقى اللقب الوحيد الذي تسعى وراءه الجماهير بالإضافة إلى أن خزينة ألقاب النادي تفتقر إليه . في سياق متصل حاولنا استطلاع رأي المدرب "قيس اليعقوبي" الذي أشرف على الفريق هذا الموسم إلى أننا لم نفلح في اقتناص أية كلمة منه و قد برر ذلك بأنه لا يريد أن يفهم موقفه في سياق تصفية حسابات مع فريقه السابق وهو الذي إلتزم الصمت فور مغادرته الحديقة . ومع ذلك فقد صبت أغلب الاستجوابات في خانة الإمهال دون الإهمال من خلال بوابة الدعم والمساندة على أن تبقى مصلحة الأحمر والأبيض هي المرجع و الفيصل و التي يجب أن تتضافر الجهود من أجلها حتى يعود الفريق الى مداره الحقيقي .