كنا قد أتينا بالتعليق على المرسوم عدد 66 لسنة 2011 المؤرخ في 14 جويلية 2011 يتعلق بتنقيح و إتمام القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1995 المؤرخ في 06/02/1995 المتعلق بالهياكل الرياضية بينا فيه التنقيحات الجديدة التي جاء بها هذا المرسوم كما بينا ايضا مواطن الخلل التي اعترته. في هذه المرة، سنأتي بالتحليل على أنموذج للنظام الأساسي لجمعية رياضية الصادر عن وزارة الشباب الرياضة بتاريخ 15/07/2011. أول ما تجدر الملاحظة إليه في خصوص هذا النظام الأساسي النموذجي أطلق يد الجمعيات في اختيار القواعد و الاجراءات المتعلقة بالمدة النيابية و بقواعد الانتخاب و القواعد الترشح و أعطاها كل الحرية في تحديد الاطار القانوني الذي تنشط فيه الهيئة المديرة وهو شيء محمود و يستحق الثناء. بالاطلاع على محتوى النظام الأساسي، أمكن لنا اخراج بعض الاخلالات من الناحية الشكلية و القانونية، يجدر بنا التوقف عندها أولا نظرا لأهميتها القصوى. الملاحظة الاولى: النظام الأساسي: أنموذج؟؟؟ ام نموذجي؟؟؟ ان صدور هذا الأنموذج كمصاحب للمنشور الصادر عن السيد وزير الشباب و الرياضة يفترض شيئين. الفرضية الاولى: اعتبار أن النظام الأساسي النموذجي مجرد - أنموذج- : إن هذه الفرضية تصح قانونا و يمكن قبولها اعتبار الى ما جاء بالمنشور الصادر عن وزير الشباب و الرياضة الى رؤساء الجمعيات و الذي جاء به حرفيا " هذا و قد أعدت مصالحنا المختصة انموذجا لنظام أساسي لجمعية رياضية نحيله عليكم للاستئناس به في أعمالكم." ان هذه الفرضية هي الأقرب الى العمل ، و اعتبار هذا النظام الأساسي ، مجرد أنموذج فقط حتى تسهل وزارة الرياضة على الجمعيات العمل و توفر عليها الوقت في سن النظام الاساسي مع ترك الحرية لها لتعدله كل جمعية وفق متطلباتها و توجهاتها. لكن أول ما يستوقفنا و يجعلنا لا نواصل في هذا التمشي هو وجود أحكام انتقالية في العنوان الثامن من انموذج النظام الأساسي ، ليجعنا نعتبر ان الامر يتعلق بنظام أساسي نموذجي هو ان الفصل 58 منه سن أحكاما انتقالية تتعلق بتقصير آجال الاستدعاء للجلسات العامة . كما جاء بالفصل 60 من النظام الاساسي النموذجي أنه" يمكن للجمعيات الرياضية التي قامت بعقد جلسات عامة انتخابية أفضت الى تجديد تركيبة الهيئة المديرة في الفترة الممتدة من فيفري الى جوان 2011 أن ترخص في اطار الجلسة العامة الخارقة للعادة للجمعية المنتخبة بمواصلة تسيير الجمعية الى غاية نهاية مدتها النيابية". و جاء بالتوصية في أسفل الصفحة بأنه يجب تحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية القادمة. من الناحية الشكلية كان من الواجب و الاجدى قانونا التنصيص على هذه الاحكام الانتقالية بالمرسوم و ليس بأنموذج النظام الاساسي النموذجي على اعتبارها استثناء لقاعدة قانونية موجودة. الفرضية الثانية: اعتبار النظام الأساسي، نظام أساسي نموذجي يمكن اعتبار النظام الأساسي الصادر عن وزارة الشباب و الرياضة بتاريخ 15/07/2011 نظاما اساسيا نموذجيا مثل ذلك الذي صدر بموجب قرار وزير الشباب و الرياضة و التربية البدنية بتاريخ 19/08/2006 المتعلق بالمصادقة على النظام الأساسي النموذجي لجمعية رياضية. ان التوصل الى هذه النتيجة مرده محتوى النظام الاساسي الصادر و المصاحب لمنشور وزير الشباب و الرياضة و المتضمن للقواعد الواجب التنصيص عليها في النظام الداخلي لكل جمعية. و يتوافق هذا التحليل مع التوقيت و تاريخ صدور المنشور يوم بعد صدور المرسوم الجديد. تتماشى هذه الفرضية مع مقتضيات الفصل 4 من القانون الأساسي عدد 11 لسنة 1995 المؤرخ في 06/02/1995 المتعلق الهياكل الرياضية الذي ينص " تضبط الجمعية الرياضية نظامها الأساسي بالاعتماد على نظام أساسي نموذجي مصادق عليه بقرار من الوزير المكلف بالرياضة ". و بمراجعة محتوى النظام الأساسي النموذجي نجد أنه تضمن قواعد أمرة لا تقبل مخالفتها من قبل نظام اساسي لجمعية رياضية، قواعد اما تنسخ ما سبقها واخرى تنقحها فضلا عن احكام انتقالية تعدل من قواعد منصوص عليها بالنظام الاساسي النموذجي. ما يعزز فكرة أن ما صدر عن وزير الرياضة هو نظام اساسي نموذجي و ليس انموذج ان محتوى النظام الأساسي ينظم بصورة كلية كيفية التسيير بجمعية ر ياضية في كل النقاط بصورة تقطع مع النظام الاساسي النموذجي لسنة 2006 و تجعله غير ذي موضوع في المنظومة القانونية المتعلقة بتسيير الجمعيات الرياضية. تطرح إشكالية قانونية في هذا الخصوص و المتعلقة بمبدأ توازي الصيغ و الأشكال. فمن الأبجديات التي تعلمناها السنوات الاولى من دراسة العلوم القانونية، أن القاعدة القانونية لا تغيررها او تنسخها الا قاعدة قانونية أعلى منها درجة أو على الاقل من نفس الدرجة. فالقانون مثلا لا يمكن تنقيحه بأمر اعتبارا الى ان القانون هو اعلى درجة في السلم الهرمي للقواعد القانونية. في مثل واقع الحال لا يمكن لمنشور صادر عن وزير الرياضة ان ينقح قرار حتى لو كان صادرا عن نفس الجهة. فالقانون الأساسي النموذجي مصادق عليه بقرار من وزير الشباب و الرياضة و ان كانت وزارة الرياضة تعتزم تنقيحه او تغييره كان لزاما أن يصدر النظام الأساسي النموذجي بقرار عن وزير الرياضة و ليس بمنشور اعتبار الى ان القاعدة الصغرى – المنشور- لا يمكن أن تغير أو تنقح قاعدة كبرى – القرار - كان بإمكان وزير الرياضة، و لا شيئ يمنعه من ذلك ان يصدر قرار يصادق فيه على القانون الاساسي النموذجي لجمعية رياضية و يوجه بعدها منشورا الى رؤساء الجمعيات يطلب فيه تعديل النظام الأساسي للجمعية على ضوء النظام الأساسي النموذجي مع ترك الحرية لكل جمعية بان تصيغ نظامها الأساسي وفق متطلباتها كلما سمح لها النظام الأساسي النموذجي بذلك. الملاحظة الثانية: اشكالية الفصل 60 من النظام الاساسي النموذجي : جاء بالفصل 60 من النظام الاساسي النموذجي أنه" يمكن للجمعيات الرياضية التي قامت بعقد جلسات عامة انتخابية أفضت الى تجديد تركيبة الهيئة المديرة في الفترة الممتدة من فيفري الى جوان 2011 أن ترخص في اطار الجلسة العامة الخارقة للعادة للجمعية المنتخبة بمواصلة تسيير الجمعية الى غاية نهاية مدتها النيابية". و جاء بالتوصية في أسفل الصفحة بأنه يجب تحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية القادمة. وهنا، تطرح اشكالية قانونية اخرى ، ماذا لو لم تمتثل جمعية النادي الافريقي و النادي البنزرتي الى مقتضيات أحكام الفصل 60 من " أنموذج" النظام الاساسي؟؟؟ فما تضمنه المنشور أن هذا النظام الأساسي و ليس له أي صبغة الزامية و لا يرتب أي جزاء على مخالفته. خصوصا و ان المنشور نص صراحة على الأنموذج هو لمجرد الاستئناس و لا يلزم الجمعيات في شيء. و ما يثير الاستغراب عند القراءة هذا النموذج أنه يأتي بقواعد جديدة و فيه توصيات وان لم نقل الزام للجمعيات بضرورة التنصيص على مقتضيات معينة وبصورة لا تقبل مخالفتها من قبل النظام الاساسي للجمعيات. في تحليل و تعليق على الفصل المذكور نجد ان جمعيتي النادي الافريقي و النادي الرياضي البنزرتي مطلوب منهما وجوبا عقد جلسة عامة خارقة للعادة لأخذ ترخيص من ثلثي المنخرطين بمواصلة العمل الى تاريخ انتهاء المدة النيابية في 2013. هذا مع تحديد موعد الجلسة العامة الانتخابية لمقبلة من طرف الجلسة العامة. حيث أن هذا الفصل لا يستقيم لا واقعا و لا قانونا لاعتبار أن الهيئة المديرة في شخص الرئيس و نائبه على الأقل بالنسبة الى النادي الافريقي منتخبة قانونا في انتخابات شفافة و ديمقراطية لم يقع الطعن فيها بتاتا و ووفق القانون المنظم لها طبق في ذلك الوقت. حيث ان سن حكم انتقالي بضرورة الاستدعاء لعقد جلسة عامة خارقة للعادة و طلب الترخيص من المنخرطين لمواصلة العمل طيلة ما تبقى من المدة النيابية لا معنى له على اعتبار أن الجلسة العامة الانتخابية المجراة في 25 فيفري 2011 منحت الشرعية للمترشحين الفائزين بالإنتخابات. ثم تطرح اشكالية قانونية من ناحية أخرى ماذا لو لم ترخص الجلسة العامة الخارقة للهيئة المديرة بمواصلة العمل الة نهاية المدة النيابية عندها سنكون امام حتمية اعادة تنظيم انتخابات حال ان الهيئة المديرة منتخبة كيفما يقتضيه القانون. و يمكن أن تطرح فرضية أخرى هو ان تصادق الجلسة العامة على مواصلة العمل لكن الى حدود موفى جوان 2012 مثلا او حتى قبل ذلك اعتبار الى أن النظام الأساسي النموذجي اوجب التنصيص على موعد الجلسة العامة الانتخابية بمناسبة عقد الجلسة العامة الخارقة للعادة. كان الأمر يستقيم وواقعا و قانونا لو نص الفصل 60 على ضرورة عقد جلسة عامة خارقة للعادة للمصادقة على تنقيح القانون الأساسي للجمعية حتى يكون متوافقا مع مقتضيات المرسوم الجديد على ان يمنح استثناء إلى جمعيتي النادي الإفريقي و النادي البنزرتي بان يسمح للهيئة المديرة بان تواصل عملها الى موفى المدة النيابية لكل منهما. أن التنقيح الجديد جاء لاضفاء الشرعية على الهيئات المديرة " المنتخبة – المعينة" قبل 15/01/2011 و ليس بعده، و ليس على جمعية النادي الافريقي على الاٌقل أي موجب لا واقعي و لا قانوني لاعادة الاتخابات او الحصول عل ترخيص حال انها منتخبة شرعيا و بعد الثورة ووفق القانون الموجود في ذلك الوقت. أما بالنسبة الى النادي البنزرتي، فالإشكال يطرح من زاوية أخرى. فمن المعروف أن نائب الرئيس المنتخب استقال. فالهيئة المديرة مطالبة بالدعوة الى جلسة عامة استثنائية لانتخاب نائب رئيس. اليوم و قد تغير القانون كيف سيكون العمل؟؟؟ هل ستدعو الى انتخابات لانتخاب هيئة مديرة كاملة كيفما جاء بالمرسوم ام أن الدعوة ستكون لانتخاب نائب رئيس فقط.؟؟؟ اذا دعت الى انتخابات الهيئة مديرة بأكملها فهذا يخالف الشرعية التي تبحث عنها الوزارة لان الرئيس منتخب شرعيا. اما اذا دعت الى انتخابات جزئية لمنصب نائب الرئيس فهي تخالف بذلك أحكام الفصل 5 من المرسوم !!!!! اشكالية قانونية كان بإمكان الوزارة تفاديها بأن تقتضي في الحكم الانتقالي انه بالنسبة الى النادي البنزرتي يمكنه بصفة استثنائية أن يجري انتخابات جزئية لمنصب نائب الرئيس فقط لما تبقى من المدة النيابية. اذا سبق كل من النادي الافريقي و النادي البنزرتي " عصرهما" و ذهبا الى الشرعية طوعا، فمن الواجب تكريمهما بجعل استثناء لهما، لا سن احكام قد تجعل امام هيئة كل منهما فرضية الخروج من دائرة التسيير كرها. الملاحظة الثالثة : اشكالية الفصل 43 المتعلق أعضاء اللجنة المشرفة على الانتخبات: تولدت هذه الاشكالية من الخطأ الذي وقعت فيه المصالح المختصة بالوزارة التي أعدت هذا النظام الأساسي النموذجي بأن حورت النظام الاساسي لجامعة رياضية ، بنظام أساسي لجمعية رياضية دون ان يتم تغيير أو تحوير المقتضيات الخاصة بالجامعة و ملاءمته مع المقتضيات الخاصة بالجمعية التي تختلف عنها جوهريا . ما يجعلنا نتوصل الى هذه القناعة نقطتين من النظام الأساسي نفسه. النقطة الأولى : جاء بالفصل 15 أن الجلسة العامة تلتئم بدعوة من رئيس الجامعة . كان من الممكن ان نسلم بأن الامر يتعلق بغلطة مطبعية الا أن هذا الخطأ تكرر في الفصل 18 مرتين بأن التقرير المالي و الأدبي المعروض من المكتب الجامعي . و تكرر أيضا في الفصل 35 بأن ملف الترشح يودع بكتب الضبط للجامعة حال ان اننا في اطار جمعية و الجمعية لها كتابة عامة. النقطة الثانية: صدر بالفصل 3 من المرسوم عدد 66 بأنه بمناسبة انعقاد الجلسة العامة الخارقة للعادة تتكون لجنة من أعضاء الجمعية و من شخصيات رياضية و مستقلة. أعاد الفصل 43 من النظام الأساسي النموذجي نفس المقتضيات. ما يتوقفنا في هذا الفصل عدد 3 من المرسوم و الفصل 43 أن هذه اللجنة لا يمكن في اطار جمعية رياضية أن تضم الا أعضاء من الجمعية و تحديدا من محبيها . ولا يمكن تفسير لفظة " مستقلة " بأن يكون المعنى المراد الوصول اليه هو الاستقلالية ازاء المترشحين. فمن بين الشروط الواجب توفرها في عضو اللجنة بان عضوا بالجمعية و يشترط ان لا يكون مترشحا الى الانتخابات او عضو في الهيئة المديرة المتخلية. الأقرب الى المنطق في المقصود بالعضو المستقل وهو ان يكون شخصية رياضية مستقلة ، خارج عن اطار أعضاء الجمعية. و هنا تطرح إشكاليتين: أولا: و لا يمكن منطقا الالتجاء كما هو الحال بالنسبة الى جامعة رياضية الى شخصيات رياضية مستقلة لا تنتمي عاطفيا الى الجمعية للاشراف على الانتخابات. فالجمعية الرياضية ملك لمحبيها فقط و لا يمكن قبول شخصية "غريبة " عن الجمعية على الأقل بالنسبة للأندية الكبيرة. ثانيا: لا يتصور منطقا أن يكون عضو اللجنة من ناحية شخصية رياضية و مستقلة و من ناحية اخرى منخرط بالجمعية. اذا كانت هذه الشروط تنطبق على أعضاء اللجنة اذا ما تعلق الأمر بانتخابات مكتب جامعي فإنها لا يمكن استساغتها متى تعلق الأمر بانتخابات في جمعية رياضية. كان بإمكان الوزارة التحري أكثر، بفتح باب الاستشارة لأهل الذكر من شخصيات رياضية و قانونية، كما كان لها ان تفتح قنوات الحوار مع الجامعة التونسية لكرة القدم و الأندية حتى ولو كان ذلك مع ودادية رؤساء الاندية كهيكل ممثل للجمعيات حتى تخرج نصا متينا من الناحية القانونية و مستجيبا للواقع و متلائما مع متطلبات المرحلة.