مكتب القيروان " التونسية " تشهد ليالي القيروان هذه الأيام توافد أعداد كبيرة من العائلات على المحلات والمساحات التجارية الكبرى بغية اقتناء ملابس العيد... ولمعانقة النسيم البارد هروبا من حر البيوت الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة التي يعرفها شهر الصيام -مؤخرا- ناهيك عن الشعور بنشوة التسوق ليلا التي تصاحب الشهر الكريم. ارتفاع درجات الحرارة دفعت بالكثير من ربات البيوت إلى العزوف عن التجوال نهارا بين المحلات لاقتناء ملابس العيد للأطفال وكذلك بعض لوازم حلويات العيد، واكتفين بزيارة طفيفة إلى الأسواق نهارا بغية اقتناء ما هو ضروري للمائدة الرمضانية والعودة سريعا إلى المنازل وهو ما يفسر التوافد الكبير للعائلات عقب الإفطار على المحلات التجارية و"البازارات" التي فتحت ابوابها بشكل كبير منذ الأسبوع الثاني من شهر الصيام وهو ما أكدته لنا السيدة ريم، بائعة بأحد المحلات التجارية بالمدينة العتيقة، حيث جاء على لسانها أن التجار المتواجدين بالسوق لاحظوا توافد محتشم للزبائن على محلاتهم خلال النهار وقد ذهب الكثيرون إلى تفسير ذلك بعدم القدرة على التجول في ظل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، خاصة خلال الأيام الأخيرة من رمضان. وأضافت محدثتنا قائلة ''ما إن تفتح أبواب المحلات على الساعة التاسعة ليلا حتى تبدأ العائلات في التوافد بأعداد كبيرة مشكلة في بعض الأحيان طوابير عند المدخل الرئيسي، وترجع المتحدثة السبب في التسوق ليلا إلى مشاق الصوم والخوف من الشعور بالعطش، الأمر الذي قلب حركة التسوق، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال، فالبحث عن ما يناسبهم مهمة شاقة وتتطلب البحث بصورة مكثفة، لاسيما مع الارتفاع الكبير الذي تعرفه أسعار ملابس الأطفال ولأن عملية البحث قد تطول ما يفسر اختيار البعض من العائلات للتسوق ليلا''. خلال فترة وجيزة من تواجد ''التونسية'' باحد المحلات الكبري بحي الصحابي بالقيروان ، وقفت على الأعداد الكبيرة من العائلات التي توافدت على المكان إلى وقت متأخر من الليل، البعض منهم التف حول ملابس الأطفال، والبعض الآخر راح "يتسكع". اقتربنا من بعض المتسوقين فحدثتنا السيدة عفاف التي كانت رفقة أبنائها قائلة ''لست متعودة على اقتناء ملابس العيد في الأيام الأولى من رمضان، ونظرا لعدم قدرتي على التجول نهارا بسبب الحرارة الشديدة قررت هذه السنة أن أتسوق ليلا فعلى الأقل إن شعرت بالعطش بإمكاني أن أشرب، كما أن مهمة البحث عما يناسب الأطفال ليس بالأمر السهل لذا بمجرد أن نفطر نقصد المحلات المتواجدة هنا وهناك''. وهو نفس الانطباع الذي لمسناه عند أغلب المستجوبين فهذا السيد عادل يقول: ''بحكم أن بعض ربات البيوت يعملن طيلة اليوم ويقصد السوق في زيارة خاطفة لاقتناء ما هو ضروري لإعداد المائدة الرمضانية، لا يتمكنّ من التسوق مطولا بسبب الحر وضيق الوقت نتيجة لما يقع على عاتقهنّ من التزامات، يخترن الخروج ليلا لشراء ما يليق بهن وبأبنائهم من ملابس. ويعتبرن أيضا المناسبة فرصة للسهر خارج المنزل خاصة أن القيروان ليلا في رمضان تلبس حلة جديدة على غير العادة''. فرصة للتنزه وإذا كان البعض قد اختار التسوق ليلا هروبا من الحر وخوفا من الشعور بالتعب والعطش فإن البعض الآخر من العائلات اعتبروا التسوق ذريعة للخروج من المنازل والتنزه بين المحلات و الفضاءات الترفيهية وأكل بعض المثلجات في الهواء الطلق وهو ما وقفنا عنده لدى دخولنا الفضاء الترفيهي المتاخم لمقام سيدي الصحبي، حيث لاحظنا إقبالا كبيرا لبعض العائلات على التنزه إلى حد تعطلت فيه حركة المرور. تركنا ساحة سيدي الصحبي التي تحولت في ظرف قياسي إلى مكان يصعب فيه الوقوف و المرور بسبب الأعداد الكبيرة للعائلات التي تواجدت بالمكان للترفيه وقصدنا الحي التجاري احد اهم الاحياء الحيوية و النشيطة حيث تبين لنا من خلال احتكاكنا ببعض المواطنين أن السبب الرئيسي وراء تواجدهم بالمحلات هو ابتياع ملابس العيد والعودة المدرسية للأطفال إلى جانب التنزه في الشوارع بسبب عدم القدرة على الخروج نهارا نتيجة لدرجات الحرارة المرتفعة التي حولت الليل إلى نهار. من جهة أخرى، عبرت بعض المواطنات المستجوبات عن شعورهن بالتسوق في الليل بكلمة احدة وهي أنهن يشعرن بالمتعة وهن يخرجن من منازلهن ليلا خاصة وأن هذه الميزة لا تتوفر لديهن إلا في رمضان تقريبا، كما أن التجول في القيروان ليلا لديه طعم خاص وهو ما أكدته لنا السيدة كلثوم التي قالت ''حقيقة شتان بين التسوق نهارا وليلا، فعند التسوق ليلا وعلى الرغم من الزحمة الكبيرة التي تشهدها بعض المحلات التجارية إلا أن المتعة تكون حاضرة، كما أن الوقت يفقد أهميته ليلا برمضان فالتسوق ليلا يكون عبارة عن مزيج بين السهر والتنزه والخروج عن المألوف، كما أننا نتمتع بظاهرة تحدث مرة واحدة في السنة وتحديدا في رمضان فقط وهي تواجد المحلات مفتوحة ليلا''.