عقدت صباح اليوم بقصر الحكومة بالقصبة بتونس العاصمة ندوة صحفية اشرف عليها السيد الباجي قائد السبسي الوزير الاول في الحكومة الانتقالية التونسية والسيد رجب طيب اردوغان رئيس الحكومة التركية وقد خصصت لتقديم ما تم الاتفاق عليه بين الحكومتين لدفع التعاون بين البلدين ... الندوة كانت انطلاقتها بكلمة الوزير الاول الباجي قائد السبسي الذي رحب ب"أردوغان" والوفد المرافق له الذي يزور تونس في ظروف استثنائية يشهدها العالم وخاصة المتغيرات والتجاذبات التي تمر بها المنطقة بما يستدعي المزيد من التحاور والتشاور لرسم ملامح المستقبل مبديا ارتياحه لما شهدته المحادثات مع الوفد التركي من اتفاق والتقاء في عدة مواضيع... ومن جهة اخرى أكد السيد الباجي قائد السبسي ان تونس وتركيا مع ارساء الديمقراطية ومع ضرورة تحقيق الكرامة للشعب والعدالة بين جميع فئاته و حق تقرير المصير مستشهدا في ذلك بحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإنشاء دولتهم المستقلة على اراضهم باعتبار ان قضيتهم عادلة مذكرا في هذا الصدد بأن تونس كانت من بين الدول السباقة الداعية الى إعلان قيام الدولة الفلسطينية منذ إصدار قرار الاممالمتحدة سنة 1947 وانها لن تتردد يوما في دعم فلسطين ومنظمة التحرير من اجل تحقيق ما يصبون اليه ... وعرج الوزير الاول في الحكومة التونسية على قضية الإسلام والديمقراطية حيث قال انهما ليسا متناقضين وقد تم التشاور مع الوفد التركي وعلى رأسه السيد رجب طيب اردوغان حول هذه النقطة وقد كانت وجهات النظر متقاربة باعتبار ان الدولة العادلة هي التي تضمن حرية المعتقد بعيدا عن التطرف والارهاب مستحضرا في هذا الاطار الآية الكريمة : "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً" ... وفي ختام كلمته ذكر الوزير الاول السيد الباجي قائد السبسي انه تم الاتفاق مع الحكومة التركية على تكثيف التعاون وتبادل الخبرات بين الجانبين في جميع الميادين المختلفة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا... ولدى تناوله الكلمة رحب السيد رجب طيب اردوغان بالصحفيين الحاضرين الذين كانوا شاهدين على احداث 14 جانفي وكانوا طرفا فاعلا في المساهمة في نشر الربيع العربي انطلاقا من تونس الى مصر الى اليمن ومنها الى ليبيا وسوريا ، متمنيا ان لا تأتي الثورات بالدماء والضحايا الأبرياء وإنما بافكار جديدة وبالحريات، معتبرا ان ما حدث في تونس ومصر كان مثالا يحتذى به ومتمنيا ان تشهد تونس انتقالا ديمقراطيا ناجحا بأتم المقاييس وهذا لن يتحقق الا بإرادة الشعب التونسي من خلال احترام افكاره وارائه وهو ما ستعكسه الصناديق في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي يوم 23 اكتوبر كما دعا الى عدم استغلال ارداة الشعب واللعب بها في اطار حسابات ضيقة ومصالح شخصية ...وفي سياق متصل شجع القادة في تونس الى الاستئناس بمشورة الشعب على غرار تركيا ... وبخصوص موضوع الإسلام والديمقراطية أوضح من ناحيته انهما لا يختلفان فهما يصبان في خانة واحدة فالمسلم بإمكانه حكم دولة علمانية لانها تكفل الحريات العامة والخاصة مبينا ان تركيا هي دولة علمانية رغم ان نسبة سكانها المسلمين تقارب 99 في المائة ... مشددا انه مع مبدأ الدولة العلمانية حيث ردّ على سؤال وجه اليه في هذا الموضوع قائلا:" تركيا دولة ديمقراطية اجتماعية حقوقية لائيكية...فالدولة يمكن ان تكون علمانية اما الفرد فلا يستطيع ان يكون كذلك...وبذلك تضمن حرية التعايش فيها بغض النظر عن اختلاف الاديان والمشارب والاراء ... وبخصوص تبادل الاستثمارات اشار طيب اردوغان الى ان حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين يبلغ قرابة 1 مليار دولار وهو مستوى دون المأمول سيتم السعي الى تطويره اكثر خصوصا وان تونس وتركيا منسجمتان بفضل العلاقات التاريخية وخير دليل على ذلك وجود قرية في تركيا اسمها تونس وتحديدا في مقاطعة كاستمينا التركية ..دون نسيان التشابه الكبير بين العلمين فاللون الاحمر هو نفسه كما يوجد داخلهما هلال ونجمة وهو ما يترجم العلاقة الاخوية الضاربة في القدم ... وأكد ان تركيا، وهو شخصيا، سيدعوان المستثمرين الى انجاز مشاريع في تونس وستصاغ قوانين لتبادل الطلبة بين البلدين وذلك في اطار ارساء مشروع "مولانا" لتبادل الطلبة ، الى جانب هذا سيقع فتح خطوط بحرية تربط بين البلدين من شانها ان تنمي مسار المبادلات هذا وستضع تركيا تجربتها السياحية على ذمة تونس للاستئناس بها قصد الارتقاء اكثر بالتبادل السياحي بين البلدين وخير دليل على ذلك ارسال تركيا لرئيس غرفة السياحة الى تونس مباشرة بعد ثورة الياسمين لبحث سبل التعاون في المجال المذكور خصوصا وان حجم السياح الاتراك يقدر ب7.5 ملايين سائح في المقابل يزور تركيا سنويا 30 مليون سائح مضيفا بان السياحة لن تقتصر على سياحة الرمل والشاطىء والشمس وانما هناك سياحة المؤتمرات والسياحة الصحية والغولف.... وفي المجال العسكري سيتم تعزيز التعاون بين البلدين خاصة وان تركيا تمتاز في مجال التصنيع الدفاعي وستوضع خطط في الغرض في وقت لاحق ... وفي اسئلة تمحورت اساسا حول علاقته شخصيا وعلاقة تركيا بحركة النهضة التونسية صرح رئيس الحكومة التركية انه لا توجد اية علاقات خاصة... فتركيا تحترم الافكار التونسية واختيارات الشعب التونسي وارادته وايّ حزب سيأتي لاحقا بعد انتخابات المجلس التأسيسي ستكون معه العلاقات جيدة وعلى قدر من المسؤولية ... وبخصوص مسائل الشرق الاوسط وتحديدا القضية الفلسطينية وحماية البواخر التركية المحملة بالمساعدات الى الفلسطينيين اكد السيد اردوغان أن تركيا من حقها حماية رعاياها وسفنها عسكريا ...وهي ايضا بصدد انتظار اعتذار اسرائيل عن قتل شهداء سفينة مرمرة وتعويض عائلاتهم والا فان العلاقات ستبقى معلقة هذا ان لم يقع قطعها نهائيا ..مؤكدا ان ما تقوم به اسرائيل في غزة هو ظلم ويطالبها برفع الحصار عن القطاع في اقرب الاجال والا فإن القنوات الديبلوماسية ستظل مجمدة وستتمسك تركيا بحقها في ملاحقة اسرائيل امام المحاكم الدولية لرفع المظالم عن الشعب الفلسطيني والاعتذار ودفع تعويضات لاهالي شهداء سفينة مرمرة وللتذكير فقد حل مساء امس الأربعاء بتونس رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في زيارة رسمية تستغرق يومين تلبية لدعوة الوزير الأول في الحكومة الانتقالية الباجي قائد السبسي. وكان في استقبال رئيس الوزراء التركي والوفد المرافق له بمطار تونسقرطاج بالخصوص الوزير الأول. ويرافق اردوغان في هذه الزيارة التي تندرج في سياق جولة بدأها من مصر، وفد وزاري رفيع المستوى يضم بالخصوص نائب الوزير الاول المكلف بالعلاقات الخارجية باكير بوزداك ووزير الخارجية احمد داوود اوغلو الذي سبق له زيارة تونس في 22 فيفري الماضي وكذلك وزراء "الدفاع" و"الموارد الطبيعية والطاقة" و"الاقتصاد" و"النقل". ويضم الوفد أيضا قرابة 200 رجل أعمال تركي.