تحول صباح أمس رئيس الجمهورية السيد المنصف المرزوقي إلى ولاية سليانة في زيارة رسمية تأجلت قبل ذلك في مناسبتين حيث أشرف على اجتماع بمقر الولاية. وافتتح والي سليانة السيد أحمد الزين محجوبي اللقاء بكلمة ترحم فيها على شهداء الثورة الذين قدموا أرواحهم الزكية فداء للوطن وذكر بأن الثورة كشفت حجم البؤس والفقر والاخلالات التنموية في كل الجهات وخاصة المناطق الداخلية وعلى رأسها ولاية سليانة التي تتصدر أرقاما قياسية في الفقر مشيرا إلى أن أبناءها اليوم يتطلعون إلى هذه الزيارة وما ستأتي به من تطمينات ووعود لتحقيق التنمية الشاملة وخلق مواطن الشغل بالنسبة للعاطلين. وأكد رئيس الجمهورية في الكلمة التي ألقاها داخل قاعة الاجتماعات بمقر الولاية أن الجهة حرمت من حقها في التقدم والتطور لمدة 50 سنة وافتقرت على امتداد تلك الحقبة لأبسط مقومات التنمية والرقي الاجتماعي وتحولت بذلك إلى «منطقة شبه مستعمرة» نتيجة السياسات الجائرة التي وقفت وراء تهميشها. وذكر بأن الحكومة الجديدة تواجه إرثا ثقيلا وهي لا تتحمل وزر المظالم والسياسات الخاطئة وحتى الإجرامية التي ارتكبت في حق هذه المناطق. وقال إن الحكومة اليوم جادة في السعي إلى تحقيق التنمية العادلة لهذه الجهات في ظل إرادة سياسية جدية ونزيهة رغم صعوبة الظرفية التي تمر بها البلاد أمام الإضرابات المتواصلة والانفلات الأمني من حين لآخر. ولم يخف المرزوقي قلة الموارد المادية الموجودة لتنمية الجهات ملاحظا أن الإشكال المطروح اليوم يكمن في كيفية توظيفها حسب الأولويات والإسراع في تنمية المناطق المحرومة أمام ارتفاع نسبة الديون، ونوه بالإمكانات البشرية التي تزخر بها تونس وأفاد بأن البلدان العربية والغربية مستعدة لمساعدة تونس وهناك رغبة في الاستثمار. وأكد رئيس الجمهورية أن الطريق مفتوح للاستثمار وتغيير واجهة المناطق المحرومة رغم صعوبة المرحلة مؤكدا أن الحكومة تقوم بمجهودات جبارة لسدّ الشغورات في الوظيفة العمومية وأن هناك مشروعا لإحداث مناطق صناعية في برقو وسيدي بورويس والروحية ومكثر وبوعرادة بما قيمته 20 مليون دينار بما سيمكن من انتصاب 90 مؤسسة في الفترة المقبلة. أما بالنسبة للجانب الفلاحي فقال رئيس الجمهورية إن الحكومة ستعمل على الاهتمام بشركات الإحياء وإعادة توزيعها بطرق عادلة وموضوعية لتخفيف عبء المعطلين. وأضاف أنه سيقع تفعيل مشاريع الماء الصالح للشراب وتدعيم المسالك الفلاحية وإحداث وتهيئة المناطق السقوية مشيرا إلى أنه تم رصد 28.3 مليون دينار ضمن ميزانية 2012 إضافة إلى 6.6 ملايين دينار مشاريع ممولة من قبل صناديق أجنبية وإذا ما استتب الأمن سيتكثف الاستثمار و«تدور الآلة الاقتصادية". وأمام انشغال عائلات الموقوفين على إثر الأحداث التي شهدتها ولاية سليانة أكد المرزوقي أن 206 ملف سيقع حلها وهو في انتظار صدور الحكم القضائي حتى يتم العفو ووعد الحاضرين بأنهم «سيحتفلون بأبنائهم في سليانة قبل نهاية شهر مارس". غير أنه بمجرد انطلاق المداخلات تعطل الاجتماع وشهد عديد المقاطعات وعجت القاعة بالمداخلات العشوائية إضافة إلى حدوث بعض المناوشات والنقاشات مع رجال الأمن أمام مقر الولاية من قبل ممثلين عن معتمدية الروحية الذين لم يتمكنوا من حضور الاجتماع رغم دعوتهم الرسمية، انسحب الرئيس على إثرها وتحول رفقة الوالي إلى معتمدية مكثر. حلم مكثر بولاية في اجتماعه بأهالي مكثر داخل مقر المعتمدية أكد رئيس الجمهورية للحاضرين أن مكثر ستسترجع حقها التاريخي في ولاية على اثر أول تقسيم إداري جديد ووعد بتفعيل المنطقة الصناعية وذلك بإحداث مصانع اسمنت ورخام وتعليب زيت الزيتون الى جانب العمل على جلب المستثمرين على غرار رجال الأعمال الليبيين الذين سيتحولون لهذه الجهة في الأيام القادمة، وإحداث مستشفى جهوي. وأثناء زيارته للمتحف والموقع الأثري أكد رئيس الجمهورية أنه سيعمل على أن يكون متحفا وطنيا وسيقوم بتدشينه قبل نهاية السنة الحالية في زيارة رسمية. كما قام بتكريم أم الشهيد حسن القروي أستاذ الرياضيات الذي توفي سنة 2010 ولم يحقق حلمه في الالتحاق بالوظيفة العمومية وعانى الأمرّين في ظل حكم الطاغية.