قدم المخرج المسرحي المنصف السويسي أمس الأول العرض الثاني لمسرحية «طورغوت» بمسرح مدينة تونس وسط حضور جماهيري غفير . وقام بأدوار البطولة كل من فيصل بالزين ومعز حمزة ويحيى الفايدي ورمزي بالرحومة وحبيب العياري ونور الدين العياري ومحمد كوكة ويسرى الطرابلسي وعماد الوسلاتي وأيمن النخيلي والطيب الوسلاتي ،الياس العبيدي ومحمد علي مداني والبشير خمومة وعامر المثلوثي وبسام العلوي وكوثر البحري وحافظ زليط والمنصف السويسي وميساء خبوشي ومروى سالمي ونسرين دباب وصابرين بن جمعة. وبدأت المسرحية بوقوع «درغوث» في الأسر، وصولا إلى تشييده برجا من جماجم أعدائه مرورا بتخليصه عن طريق الأميرال «بربروس» من براثن الأعداء وتمتد الرحلة في مسرحية «طورغوت» أو«درغوث باشا» في نسق متسارع تتلاحق فيه الأحداث وتنقلب الوضعيات ويتداول كلا القطبين المتصارعين – العثماني والصليبي على مواقع النصر والهزيمة ومشاعر النشوة والانكسار ذلك أن المسرحية وهي تستعرض جملة الوقائع التاريخية المجسدة للصراع القائم في القرن السادس عشر بين الإمبراطورية العثمانية المسلمة من جهة والحلف المقدس الصليبي من جهة ثانية، لا تسعى إلى التأريخ بقدر ما تسعى إلى الوقوف على جملة المفارقات المحيطة بهذا الصراع. فسواء تعلق الأمر بالرايس «درغوث» والأميرال «بربروس» ومن لف لفهما من الشخصيات مثل العثمانيين أو القائد الشاب «جيانتين دويا» وعمه القائد العجوز «أندريا دوريا» وحلفائهم من الكورسيكيين والمالطيين والفرنجة المكونين للحلف المقدس... سواء تعلق الأمر بهذا الطرف أو ذاك فان الحقيقة الوحيدة الثابتة هي أن لا احد اكبر من قدره وهو ما يؤكده «طورغوت» (الشخصية المحورية في المسرحية) تصريحا لا تلميحا في لحظة مودة وصفاء مع صديقه الأميرال «بربروس». والمسرحية إذ تقر بسطوة القدر وجبروته إنما تفعل ذلك من باب الواقعية ليس أكثر أي أنها لا تنفي مسؤولية الإنسان عما يتلقاه من مصير فإذا بها تمجد الفعل الإنساني البناء وتشجب نقيضه الهدام من دون اعتماد أسلوب الوعظ والإرشاد، بل على العكس من ذلك تماما، فهي توكل للمتفرج مهمة استخراج هذه المعاني من خلال وقوفه على عضوية العلاقة بين القرارات والأفعال الصادرة عن أي طرف وما يترتب عن ذلك من نتائج. ولأن تركيبة الشخصيات المقدمة لا تخلو من تناقض شانها في ذلك شان العلاقة الدرامية والأحداث الدائرة على امتداد العرض كان لزاما على الأسلوب أن يتماشى مع هذه السّمة اللامنطقية والحيوية في نفس الوقت ... فإذا بالتراجيديات تنقلب إلى كوميديا ساخرة والكوميديا تتحول الى مأساة قاتلة. المنصف السويسي ابدع في "درغوث باشا " وتلاعب بمشاعر الحاضرين كما شاء ناقلا اياهم من الفرح الى الحزن والالم وما انطباع الجمهور بعد نهاية المسرحية الا احسن دليل على ذلك.