يقع المركب الفلاحي الصناعي محسن الإمام بمنطقة «الدخانية» التابعة لمعتمدية الكريب وتُقدر ميزانيته الحالية ب5 ملايين دينار، ويمتد على مساحة قدرها 2618 هكتارا، منها 1400 هكتار زراعات كبرى و600 هكتار أشجار مثمرة إضافة إلى المراعي والمنطقة السقوية، وبالرغم من توفر الموارد الأساسية للنهوض فان حالة المركب تسوء من يوم لآخر، الأمر الذي حير المدير وأربك العملة الذين ينتظرون تدخلات فورية من قبل الإدارة المركزية. ولمعرفة الأوضاع الحالية التي يعيشها المركب تحولت «التونسية» إلى المركب وحاولت كشف الإشكاليات المطروحة وملامسة الحقيقة. ذكر مدير المركب السيد مراد شلغومي أن المؤسسة تزخر بعديد الطاقات وأنها تحتوي على 850 رأس بقر و500 رأس غنم ومعمل أجبان ومعمل تحويل الطماطم المجففة المعدة للتصدير بمعدل 60 طن يوميا ومعمل أعلاف وبيوت تبريد طاقة استيعابها 300 طن وتوفر يوميا 6500 لتر من الحليب. وقال إن المؤسسة تتميز بطاقة تشغيلية محترمة حيث تشغل عددا من الإطارات و200 عامل قار و400 عامل موسمي خصوصا في ميدان إنتاج الطماطم إذ يتم جلب يد عاملة من المعتمديات المجاورة. وأضاف مدير المركب أن الأوضاع الحالية للمركب تسير نحو التأزم وأن معاناته بدأت منذ سنة 2000 لما تفاقمت الضغوطات من قبل «الطرابلسية» الذين حاولوا الاستحواذ عليه بشتى الطرق ولئن فشلوا في ذلك فإنهم نجحوا في تدعيم المسار الرامي إلى إضعافه ومنذ ذلك الوقت لم يشهد عمليات تجديد في مستوى التجهيزات والبُنى الأساسية وغابت كل مبادرات الاستثمار والتوسعة. وأفادنا مراد شلغومي أن المركب يفتقر إلى عديد التجهيزات ويشكو من نقص كبير في الجرارات والمجرورات، والآلات الخاصة لرفع الفضلات من الإسطبلات وتهرّم أسطول النقل وهذا ما يشكل عائقا أمام مداواة الزراعات الكبرى والشروع في حصاد الأعلاف وتقليص نسبة المنتوج، إضافة إلى عدم توفّر الموارد المالية في الوقت المناسب وانعدام الاستقلالية في التصرف. وذكر بأن البيوعات والشراءات لا يمكن التصرف فيها إلا بالعودة إلى الإدارة المركزية التي تقوم بإبرام العقود مع مختلف الجهات دون الرجوع إلى إدارة المركب وهذا ما يجعل أسعار البيوعات في أغلب الأوقات غير مطابقة لتكلفة الإنتاج، إذ لا يمكن اقتناء قطعة قيمتها 300 دينار فأكثر إلا بعد تقديم استشارة للإدارة وهذا ما يطيل الإجراءات ويعود بالسلب على المؤسسة حسب رأيه. أما السيد جيلاني الحناشي فقد أكد بأن إطارات وعمال المركّب وعائلاتهم هم من وقفوا أثناء الثورة وضحوا من أجل حمايته من النهب والعبث بممتلكاته، وأفاد بأن الإشكاليات المطروحة اليوم تنذر بالخطر أمام تراجع مستوى الإنتاج سواء في قطيع الأبقار أو في باقي القطاعات بسبب تهرّم التجهيزات مثل الإسطبلات التي بدأت تنهار وخاصة قاعة الحلب التي لم يقع تجديدها منذ سنة 1978 حيث تتسبب يوميا في خسارة ما يقارب 500 لتر من الحليب. وأفادنا جيلاني الحناشي بأن الإدارة المركزية على علم بذلك وسبق أن تم إبرام اتفاقية لتحسين الأوضاع وترميمها قبل فوات الأوان، إلا أن عملية الإصلاح لم تتجسد على أرض الواقع إلى اليوم وهو يستغر غياب السلط الجهوية وخاصة معتمد الكريب ووالي سليانة ومندوب الفلاحة الذين لم يبادروا بزيارة المركب واتخاذ الإجراءات اللازمة وقال: «المسؤولون في الجهة لا يعرفون مركب محسن الإمام إلا في المناسبات وأثناء المعارض.. نحن اليوم لا نريد الزيادات في الشهرية ونرفض المطلبية التي سئمناها على شاشات التلفزة وإنما نطالب بتوفير التجهيزات للعمل.. ولا نستغرب وجود أياد خفية تريد إرباكنا وتسعى إلى تخريب المركب والتفويت فيه لذلك فنحن نطالب بزيارة وزير الفلاحة..». نية في إسعاف المركب تحتاج دفعا من الإدارة المركزية لم يخف السيد مراد شلغومي مدير المركب أن الأوضاع تتطلب التدخل العاجل وقال إنه راسل السلط المعنية في الغرض واعتبر أن النهوض بالقطاع الفلاحي في الجهة لا يكون إلا بتفعيل دور الأراضي الدولية التي صدر في شأنها إسقاط الحق العام بإيجاد آلية قانونية تتيح استعمالها. وهو يطالب بتدعيم المركب بالأراضي المحاذية له والمندرجة في هذه المنظومة والتي مساحتها 800 هكتار لاستغلالها في تكثيف انتاج الحبوب وحفر آبار عميقة وتوسيع المناطق السقوية ومزيد استقطاب اليد العاملة كما قال إنه ينوي توسيع مشروع الطماطم المجففة ومعمل الاجبان والترفيع في عدد رؤوس قطيع الأبقار وانجاز قاعة حلب عصرية لتفادي الخسائر اليومية والحفاظ على سلامة الأبقار والمنتوج. وأكد مدير المركب أن هذا البرنامج يمكن أن يكلل بالنجاح إذا توفرت الاستقلالية المالية للمركب ومرونة في التصرف في البيوعات وتمكين المؤسسة من أسطول عصري جديد وتحديث الآلات وقال: «بإنه إذا تم استغلال الأراضي الدولية بطريقة ناجعة فالمستقبل واعد في الإنتاج والتشغيل في جهة سليانة».