تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراها، حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات، رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفنا اليوم هو السيد محمد الكيلاني أمين عام الحزب الاشتراكي اليساري، متزوّج وأب لثلاث بنات وولد هم: بيرم وميّة وميساء ورشا. تحدث عن حياته الجامعية فقال: " دخلت الجامعة التونسية سنة 1970 ودرست اختصاص «الرياضيات فيزياء» بكلية العلوم بالمركب الجامعي بالمنار. ومكثت بالجامعة ثلاث سنوات وكنت طالبا متفوّقا، إلا أن حلم الدراسة انتهى بعد أن تمت ملاحقتي وإيقافي بتهمة انتمائي إلى منظمة "العامل التونسي". كانت سنتي الأولى بالجامعة مخصصة للدراسة فقط، وحقيقة كانت الأجواء بكلية العلوم ملائمة للدراسة والتفوّق فإضافة إلى المكتبة المخصصة للمطالعة والمراجعة، كانت على ملك الطلبة قاعة صغيرة تتسع لثلاثة طلبة على الأقل وأذكر أني كنت أعدّ بحوثي مع الهادي بن سعيد ونور الدين الشابي ونجتمع في تلك القاعة الصغيرة لمراجعة بعض المسائل الشائكة، كما كانت علاقتي بالأساتذة جيّدة جدا وكذلك بالعميد وكان الأساتذة مجنّدين لخدمتنا في كل وقت حتى خارج أوقات الحصص الرسمية للدراسة. وكان الطالب الذكي صاحب الرأي والمواقف مبجّلا من طرف الأساتذة". ويضيف السيد الكيلاني: «في سنتي الجامعية الثانية أصبحت ناشطا سياسيا بارزا وخاصة بعد انقلاب مؤتمر قربة 1972، وكان لي دور فاعل في انعقاد المؤتمر 18 الخارق للعادة لاتحاد الطلبة. كما دعوت سنة 1973 إلى مقاطعة الامتحانات والدخول في إضراب عام وكان المبيت الذي أقمت به وهو مبيت «رأس الطابية» محلّ مداهمة من قبل قوات الأمن في نفس السنة. وأذكر أنه في 28 ماي 1973 دارت بيننا وبين رجال الأمن مواجهة كبرى اضطررنا فيها إلي رميهم بالحجارة حتى نتفادى رميهم لنا بالغاز المسيل للدموع، وذلك في الغابة المحاذية لمبيت رأس الطابية الذي كان يعتبر مركزا لكلّ نشاط طلابي سياسي أو نقابي". وعن المنحة الجامعية قال محدّثنا: «كنت أتمتع بالمنحة الجامعية وكانت تساوي 35 دينارا وهي أعلى من راتب المعلّم في تلك الفترة لذلك كانت كافية. وكنت أخصصها للسكن والأكل وكانت الأكلة الجامعية جيّدة وأذكر أن بعض الموظفين كانوا يشترون تذاكر الأكل منّا ليحصلوا على أكلة جامعية ب«100 مليم» سعرها الحقيقي 3 دينارات".