في مواصلة لسلسلة الاستقالات التي تعصف ب«التكتل» وبعد استقالة حوالي 21 عنصرا من دائرتي تونس 1 وتونس2 والضجة التي أحدثها خبر استقالة «خميس قسيلة» عضو المجلس الوطني التأسيسي، أعلن عضوا المجلس الوطني التأسيسي عن حزب التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات السيدان «صالح شعيب» و«عبد القادر بن خميس» هما الآخران عن قرار انسحابهما من الحزب، لتأخذ هذه الظاهرة التي اجتاحت الحزب منحى آخر أخذ ينخر حتّى في صفوف ممثليها بالمجلس الوطني التأسيسي... هي استقالات اتفق عليها جميع المنسحبين، معلّلين إيّاها ب«الحالة المتردّية التي بات عليها الحزب خلال الآونة الأخيرة وخاصة في ما يتعلق بطريقة التعامل الفوقية التي تتوخاها القيادة الحزبية في تعاملها مع مناضلي ومناضلات الحزب من انعدام الديمقراطية واعتماد سياسة التهميش والإقصاء والضبابية في الميزانية...» -على حدّ تعبيرهم-. من ناحيته، كان رئيس المجلس الوطني التأسيسي وأمين عام حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» السيد «مصطفى بن جعفر»، قد نفى في مناسبة سابقة «ما تروّجه الصحف من أخبار مفادها أن «مصطفى بن جعفر ترك في حزبه وحيدا»-على حد تعبيره-، قائلا «اليوم فقط تأكدت أني لست وحيدا خلافا لما تروّجه الصّحف»... ليهمّ قطار الاستقالات بالانطلاق من جديد حاملا معه ركابا جددا وليخلط بذلك كل الأوراق ويفسح المجال أمام كل الاحتمالات والتخمينات حول حقيقة الوضع الذي يعيشه الحزب ومستقبله! صالح شعيب عضو المجلس الوطني التأسيسي والعضو السابق بالمكتب السياسي للحزب الديمقراطي من أجل العمل والحريات أكد ل«التونسية»، أن سبب إعلانه الأخير عن قرار الاستقالة من الحزب بمعية زميله عضو التأسيسي عن «التكتل» بولاية الكاف السيد «عبد القادر بن خميس»، يعود إلى «ما بات يعيشه الحزب من حالة متردّية خلال الآونة الأخيرة ميزتها انعدام الديمقراطية واتخاذ القرارات الفردية والسرية دون الاحتكام إلى النقاش كما كان الشأن بخصوص الائتلاف الحكومي وعقد التحالف مع حركة «النهضة» (لتكوين الترويكا) في خطوة سابقة، بالإضافة إلى الضبابية التي تغشي ميزانية الحزب والانحراف بمبادئ الحزب وقيمه خدمة للمصالح الذاتية الضيقة»-حسب قوله-. "نزيف الاستقالات لن يكفّ وانتظروا المئات منها" ! كما أكد السيد «صالح شعيب» أن نزيف الاستقالات لن يكف حتى يتضح للعيان ما يعانيه هذا الحزب من الداخل خلال الآونة الأخيرة رغم مساعي البعض إلى طمس الحقائق» -حسب قوله-، مضيفا «انتظروا المئات من الاستقالات خلال الأيام القليلة القادمة حتى تتأكدوا من أن الحزب بات عاجزا عن المحافظة على قواعده للأخطاء العديدة التي صار يرتكبها خاصة فيما يتعلق بمنحى المفاوضات التي يتبعها مع الائتلاف الحكومي والحياد عن القيم والمبادئ التي جمعتنا بالحزب وناضلنا من أجلها سويا». أما بخصوص ما راج حول استقالته من «التكتل» للالتحاق بكتلة «العريضة» وخاصة بعد حضور عدد من ممثليها لندوة الإعلان عن الاستقالة من حزب «التكتل»، فقد نفى السيد «صالح شعيب» هذه المزاعم،قائلا «لم يكن حضورهم إلا بغاية مساندتي وإثبات ما يتميز به هؤلاء من احترام وتقدير لشخصي، ولكنني سأعمل بذات القيم والمبادئ التي دخلت من أجلها حزب التكتل حتى وإن خرجت منه وهو ليس في أحسن حالاته". "التكتل" على أحسن ما يرام ! خلافا لما صرحت به العناصر المستقيلة عن الحزب، أكد الناطق الرسمي باسم حزب «التكتل من أجل العمل والحريات» السيد «محمد بنور»، ان الحزب لا يعاني من المشاكل التي تعلل بها المنسحبون كمسببات للاستقالة، معتبرا ان ظاهرة الاستقالة لا تعد ظاهرة غريبة خا صة أن «موجة عدم الاستقرار التي تجتاح البلاد لا يمكنها ان تبقي الاحزاب في منأى عن هذه الاحداث»، مضيفا «انه امر طبيعي فحتى الاحزاب الأخرى مثل «النهضة» و«المؤتمر» لا تخلو من هذه الظاهرة». وفي ذات الاطار أكد «جمال الدين العامري» مرشح من مرشحي حزب «التكتل» بولاية سوسة، ان الحزب «على أحسن ما يرام وفي أفضل حال» -حسب قوله-، قائلا: «لا أعتقد ان الحزب قد يتأثر سلبا فيما يتعلق بالدور الذي يلعبه داخل «الترويكا» الحاكمة او داخل المجلس التأسيسي اذ ان حزبنا لا يرتكز على الاشخاص بقدر ما يرتكز على المبادئ والقيم التي ارتأيناها فيه قبل دخول الانتخابات وبعده ايضا". وفي رصد لمواقف طرفي «الترويكا» الآخرين («النهضة» و«المؤتمر من أجل الجمهورية») وانطباعاتهما بشأن ما يحدث داخل حزب «التكتل» باعتبارهما حليفين هامين وشريكين رئيسيين في صياغة القرارات، وصف المنسق العام لحزب حركة «النهضة» السيد «عبد الحميد الجلاصي» ما يشهده حزب التكتل من استقالات ب«الظاهرة البديهية»، مضيفا «بمناسبة اقتراب الموعد الانتخابي وفي ظل العمل الحثيث الذي تقوم به الأحزاب بحثا عن التموقعات المناسبة ان ما يحدث داخل التكتل أمر بديهي". كما أكد المنسق العام لحركة «النهضة» ان لا دخل ل«النهضة» في ما يحدث داخل حزبي «الترويكا» الآخرين كما لا يمكنها أن تتدخل في أوضاعهما الداخلية، مؤكدا حرص الحركة (النهضة) على أن لا تؤثر هذه الاستقالات في الخط العام لحزب التكتل باعتباره حزبا كبيرا وطرفا مسؤولا في «الترويكا الحاكمة»، مشيرا إلى سعي حركة «النهضة» إلى إدارة حوار واسع قد يتم خلاله التطرق إلى هذه الاستقالات، آملا في أن لا يكون لها تأثير سلبي على نسق عمل حزب «التكتل". وعن ثالث أطراف «الترويكا» (حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، أقرّ العضو المكلف بالإعلام داخل «المؤتمر من أجل الجمهورية» السيد «سليم بوخذير» أن ما يحدث بحزب «التكتل» لا يمكن أن يكون له أي انعكاس أو تأثير يذكر على ما يعيشه «حزب المؤتمر من أجل الجمهورية»، قائلا «ما بيننا وبين حزب «التكتل» هو ائتلاف وليس انصهارا مما لا يعني انه بتأثر حزب التكتل قد يتأثر حزبنا ! وفي السياسة لا يمكن أن نتحدث عن عدوى قد تتنقل من طرف إلى طرف آخر حيث ينحصر تعليق هذا المصطلح على الحقل الطبي".