في برنامج «الأحد السياسي» على قناة «نسمة»، فاجأ الباجي قائد السبسي الحضور بوضوح مواقفه وإن كان تدخله مشوبا ببعض الحذر في إعادة صياغة كلامه والمسألة مفهومة بالرجوع إلى سنه السياسي الذي لا يختلف تقريبا عن عمره البيولوجي. راوح السبسي بين مبادرته وتواصلها ب «نداء تونس»، وبين رغبته في نجاح حكومة الجبالي ، مصرا على أنّ فشلها يعني أنّ حكومته فشلت أيضا لارتباط المرحلة الثانية الحالية بسابقتها التي كان مسؤولا عنها. عن «نداء تونس»، حاول السبسي اختصار إجابته بالقول إنّ مبادرته منذ بيانه الأول في 26 جانفي الفارط وصلت لعامة الشعب رغم تشويهها وتأويلها على أنها ضد الحكومة الحالية . ورغم تأكيده على أنه يتمنى النجاح لحكومة الجبالي فإنه حاول في نفس الوقت (و ليس مجالنا التأويل هنا) النأي مجازيا عن «نداء تونس» بقوله إن الشخصيات التي اقتنعت ببيانه الأول اجتهدت وحاولت تبني ما قاله سابقا،كما شكرهم على ثقتهم في أهدافه بما حملهم على إصدار ندائهم. ولم يضف السبسي الشيء الكثير لحواراته السابقة وأهمها مطالبة الحكومة بتاريخ واضح للانتخابات القادمة مؤكدا على أنّ البقاء بعد 23 أكتوبر القادم هو انقلاب واضح على تعهدات الحكومة ومبينا أنّ شرعيتها الانتخابية تنتهي بذلك التاريخ. وفي رده على سؤال يتعلق بتصريحات الرئيس الحالي ورئيس الحكومة عن تحديد موعد لا يتجاوز سقف ربيع أو صيف العام المقبل، قال إنّ التصريحات على إيجابيتها لا تعكس حقائق الأمور التي لا تؤكّد صدقية هذا المسعى ودليله على ذلك تنكّر حركة «النهضة» لإمضائها مع عشرة أحزاب أخرى على ميثاق أخلاقي بعدم تجاوز مدة السنة، كما أنّ التاريخ يجب أن يكون محدّدا بدقة ووضوح لا أن يبقى «هلاميا» والدليل هو عدم تشكيل لجنة جديدة مستقلة للانتخابات التي يتطلّب عملها على الأقل 8 أو 9 أشهر قبل تاريخ الانتخابات. واستنتج السبسي أنّ الحكومة الحالية تبدو غير راغبة في مواصلة المسار الديمقراطي. وعن تواصل الاعتداءات على المثقفين والصحفيين ، أعلن رفضه لكل محاولة تدجين جديدة، معتبرا أن قضية قناة «نسمة» تدخل ضمن هذا الإطار ولو كان قاضيا لحكم بعدم سماع الدعوى. كما أشار إلى قضية مدير «التونسية» بالقول «لقد حبسوه في ليلتها كأنه خطر على الأمن العام بينما من ينادي جهرا في الشارع بقتل فلان (ويقصد بوصرصار حين قال الموت للسبسي) مازال في حالة سراح». ونبّه إلى أنّ القائل بكون الشرعية الانتخابية خط أحمر (والقصد واضح فقد قالها رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي) تناسى الحدود الزمنية لهذه الشرعية ومتطلّباتها. وعن العنف مرة أخرى، فاجأ السبسي الحاضرين بدفاعه عن جلال بريك بقوله إنّ هذا الشخص كان وما يزال أكثر من شتمه وسبّه بالكلام البذيء الذي لا يقال ولكنه (السبسي) يرفض التعرّض له بالعنف ويدين كل اعتداء حصل على جلال بريك معتبرا أنّ القانون يجب أن يبقى الفيصل الوحيد بين الجميع . وكان السبسي أوضح في حديثه عن مشروع إقصاء التجمعيين من الانتخابات المقبلة ،تأكيده على ضرورة المحاسبة القانونية لكل من تورط بأي شكل من الأشكال ومهما كان اتجاهه السياسي ومشيرا إلى أنّ الإقصاء السياسي خارج العدالة الانتقالية التي تأخرت صياغة منطلقاتها لن يكون إلا إعادة فجّة للاستبداد، والمحاسبة القانونية العادلة تفترض سحبها على الجميع بما فيهم بعض الحكّام الحاليين!. ولا نعرف هل يشير إلى أحداث باب سويقة وتفجيرات نزل المنستير في القرن الماضي ، أم أنّ كلامه عام مع إدراكنا بعدم نطق السبسي عن «الهوى»؟ خاصة بقوله «آخي هوما زادة ، كلّهم نظاف؟» . وختم السبسي كلامه بالدعوة إلى إنجاح هذه المرحلة الشرعية الانتقالية وذلك بضرورة الوصول إلى توافق وطني بعيدا عن لغة الأغلبية والأقلية.