يبدو أن ما خفي في ما يتعلق بالنجم الرياضي الساحلي أعظم بكثير مما تحمله صورة الواقع فبالنظر إلى حدة التجاذبات و الصراعات الخفية والتي تدور في الكواليس وفي محيط النادي نستطيع أن نؤكد بل نجزم أن هذا الفريق العريق لن يستقيم حاله إلا بتوحد الصفوف و تحرك عاجل لأهل الدار لكن العارف بخفايا الأمور وطبيعة العلاقة التي تجمع أفراد الأسرة الواحدة يقر علنا أن هوة التصدع والشروخ اتسعت إلى حد كاد الأمر يكون مستحيلا. إن النجم في السنوات الأخيرة فقد توازنه بشكل لافت للانتباه و أصبح خارج سيطرة الكبار الذين مثلوا في الماضي القريب مصدر قوة و وحدة و لعبوا دورا رياديا زمن الخلافات والمزايدات لدرء الانشقاقات ولملمة الأوضاع بهدف التهدئة و تجنب التصعيد . النجم ضحية غياب الكبار لقد مارس السيد محمد ادريس لسنوات عديدة دور المؤطر والمدعم والراعي لهذا النادي ومارس سلطته الادبية وما تفترضه أحيانا من تدخل حكيم ورصين لأجل إرجاع الأمور إلى نصابها في حال الانفلات و الأزمات إلا أن وضعه الصحي في الفترة الأخيرة وكبر السن أبعداه عن دواليب التسيير لينصرف إلى شؤونه الخاصة وعليه مرر المسؤولية إلى السيد حامد القروي هذا الأخير فقد الكثير على إثر ثورة الرابع عشر من جانفي فلم يعد يحظى بنفس المكانة التي يحوزها ولم تعد كلمة الكبير لها نفس الوقع ففضل الصمت والانزواء حتى يحفظ نفسه من الوقوع في آفات اللسان ومنكرات الأقوال في زمن كثرت فيه العواصف اللفظية يقذف فيها الانسان بكلماته في كل اتجاه دون ضوابط. إن السيد حامد القروي بدوره اختار ان يلعب دور المتفرج مخافة ان تطاله سهام الثوريين في زمن انقلبت فيه الموازين و اصبح كل شيء يسير عكس تيار الحياة كل يفتي على مزاجه و وفق اهوائه المثيرة . ان هذا الصمت الرهيب او غياب الكبير ولد فراغا في التسيير لتطلق بعض الاطراف العنان لخيالها لتسبح في بحر من الطموح دون قبطان او رقيب و تلطمها الامواج العاتية احيانا بلا هدف و لا دليل حتى تجد لها مرسى علها تخرج الى بر الامان . هل أصبح جنيح وحيدا؟ لقد تفاقمت المشاكل وتراكمت و اصبح الصراع ازليا و علنيا بين عثمان جنيح الذي ساءه الخروج من النجم وعز عليه فراقه لكرسي الرئاسة وهو الذي حرص لسنوات على حمايته من كل طامح للجلوس عليه سواء بالانقلاب او الانتخاب وبين معز ادريس الذي يحدوه طموح الشباب والذي نحت لنفسه مكانة اجتماعية هامة خولت له مقارعة الكبار في حنكة التسيير وحسن التدبير لكنه لم يكن الوريث الشرعي بالنسبة لعثمان جنيح مما ولد اختلافا كبيرا في وجهات النظر وتصدّعا لم يكن مخفيا على العارفين بشؤون النادي رغم الروابط الاسرية التي تجمعهما. إن هذا التوتر بين الرجلين ولد جبهتين الاولى مساندة لسياسة القطع مع الماضي و نظرية الزعامة الابدية وأظهرت من الولاء والطاعة الكثير لمعز ادريس والثانية كانت وفية لجنيح والتي اعتبرته الرجل القوي الذي لا يطوله التغيير ومن هذا المنطلق بدات التجاذبات والصراعات بين الكتلتين في الكواليس وداخل اسوار النادي لتؤثر بشكل او باخر على استقرار وتوازن الفريق وكانت الجولة الاولى من نصيب جنيح فلم تشفع لادريس حزمة الالقاب التي تحصل عليها و لا المرتبة العليا التي بلغها ولا مقارعة الكبار في كأس العالم للاندية في محافظته على دفة التسيير فكان الخروج من الباب الصغير واصبح الحديث مشروعا في تلك الفترة عن المؤامرات والمليشيات ليصبح العداء كبيرا بين الرجلين ولم يعد اسم النجم ملتصقا بال جنيح وانما الصعود الصاروخي لمعز ادريس اربك الجميع و لخبط الاوراق ليصبح هذا الاخير صاحب الشرعية العائلية والميدانية. صراع جنيح و ادريس اضر بالنجم إن الفيتو الذي تم رفعه في الماضي في وجه عثمان جنيح لالزامه على الخروج والاستبعاد المفاجئ لمعز ادريس اقصيا الرجلين من التسيير المباشر ولكن بقيا يتحكمان في كل كبيرة و صغيرة واصبح للنجم رئيس فعلي وآخران يحاولان فرض نفوذهما واملاء قرارهما فان اطاع الرئيس المباشر والتزم بقرا ر احدهما غضب الاخر وزمجر وأصبح عدوا له باعتباره مواليا للجبهة المقابلة وعليه تشتت الفريق ودخل في ازمة لاحل لها سوى التعجيل بعقد جلسة عامة انتخابية لتأتي بالبديل ويتكرر السيناريو في كل مرة وبنفس الطريقة و لن تتغير سوى الاسماء ليبقى وضع النجم على حاله . إن معز ادريس لم يعد ذاك الشاب الوديع الذي غامر برئاسته لفريق في حجم وعراقة النجم الرياضي الساحلي بل اصبح يتمتع بنفوذ كبير وشبكة علاقات اكبر واكتسب من الخبرة الشئ الكثير واصبح يتمتع برضاء وولاء من كانوا في السابق من انصار عثمان جنيح ليفقد هذا الاخير الكثير لفائدة منافسه الجديد. إن «البوح المثير» لجنيح في الفترة الاخيرة على اعمدة «التونسية» كانت ردود الفعل بخصوصه متباينة بين مبارك ومؤيد لكل ما قيل و ما ورد على لسان محدثنا معتبرينه لحظة صدق حادت عن المالوف واماطة اللثام عن اشياء بقيت غامضة دون اجابة لفترة طالت نسبيا فاشفت غليل الرأي العام في الشأن الرياضي وبين شق اخر معارض لكل كلمة قيلت و وردت علنا على اعمدة «التونسية» او كانت مبطنة ومخفية بين السطور معتبرين بدورهم ان مابدر عن عثمان جنيح صراحة او تلميحا تجاه اطراف وشخصيات ساهمت من قريب او بعيد فيما يعرف بقضية النجم الرياضي الساحلي جانبت الصواب و الحقيقة ولا اساس لها من الصحة متهمين ضيفنا بتحريف الحقائق و تزييف الوقائع وتجن مجاني طالهم دون مبرر بحيث غابت البراهين الدامغة والحجج المقنعة و هو ما يؤكد ان جنيح فقد الكثير من انصاره . وقد بلغنا ان الاستياء مما قيل في تلك التصريحات كان كبيرا من السيد حامد القروي وأيضا من الرئيس السابق حمادي المستيري و من الاسرة القريبة والبعيدة الذين ساءهم الحديث في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه الفريق و اعتبروا ان جنيح لم يحسن التعامل مع الاحداث . لقد تتالت ردود الفعل وهو ما يؤكد على اهمية و قيمة هذا الهرم الرياضي من جانب و حدة التجاذبات والصراعات الموجودة في محيطه و داخله من جانب اخر . من أتى بعبد الجليل بوراوي؟ هذه الصراعات تأججت وأخذت منحى جديدا وخطيرا ببروز طرف ثالث في قضية النجم لم يقرأ له حساب وهو حافظ حميد الذي تكلم بصوت عال فقد كانت المواجهة هذه المرة مباشرة بينه وبين جنيح مستعملا لذلك كل الاسلحة اللفظية الجارحة والعنيفة وغيرها من اساليب المقاومة المشروعة على حد تعبيره وعاش النجم على إثرها منعرجا خطيرا وانزلاقات وعرة لم يعهدها النادي على مر التاريخ حتى كان القضاء فيصلا لانهاء هذه المرحلة الجديدة التي لم تعمر طويلا وكانت سابقة في الشان الرياضي اخرجتنا عن المالوف . إن الفترة الانتقالية التي يؤمنها الاستاذ عبد الجليل بوراوي املتها الاحداث ولكن ايضا هندستها اياد عجلت بالتغيير و ارتات ان بوراوي هو رجل المرحلة مؤقتا حتى يتم الاتفاق على اسم يستجيب و تطلعاتهم وسياساتهم في ظل عزوف الكثيرين و ندرة الاسماء التي تستطيع تحمل المسؤولية في هذا الظرف العصيب وفي ظل الضائقة المالية التي يعيشها النادي لكن يبقى الصراع داخليا بما ان الاجماع مستحيل في غياب التوافق بين الاطراف الفاعلة في عائلة النجم على اختيار اسم تؤشر له القوى الفاعلة والمسيرة للفريق من بعيد. جنيح و القروي رئيسان مع تأجيل التنفيذ إن ما يخرج للعلن مخالف تماما لما يجول في النفوس وما ترتضيه و تشتهيه القلوب فقد برز في السنوات الاخيرة جيل جديد كان من المفروض ان يتسلم المشعل حسب رأيهم باعتبار أحقيتهم في الاضطلاع بشؤون النادي بالنظر الى الشرعية العائلية و الجهوية والتاريخية وهو ما أسس له من سبقهم في المسؤولية فبرز اسم حسين جنيح الذي تم ادماجه في الهيئة السابقة لحامد كمون كما طفى على السطح اسم ماهر القروي ابن الرئيس السابق حامد القروي وكان دخوله الى ميدان التسيير في نفس الفترة التي دخل فيها نجل جنيح الا ان الاختلافات بين الرجلين كانت واضحة في طرق التسيير والرؤى المستقبلية وهو ما ولد حربا باردة انتهت بخروجهما من الفريق و قد سبقهم في ذلك معز ادريس من نفس الجيل عله بدوره يتمكن من ضمان مقعد في الصفوف الاولى لسد الشغور ونيابة محمد ادريس باعتباره حاملا اللقب العائلي وما يحمله هذا اللقب من مكانة ورمزية في الجهة الا ان هذه الموجة الشابة لم يكتب لها المواصلة في ظل تشابه الاهداف والطموحات بين كل الاطراف التي تعمل داخل نفس الهيكل او المؤسسة الرياضية وعليه استحال العمل بالنظر الى اختلاف وجهات النظر واستحالة تحقيق التوافق بين مصادر القوة ودوائر القرار ليؤجل بذلك هذا المطمح الى اجل غير مسمى في انتظار ان تتوضح الامور وتوزع الادوار من جديد ويصعد الزعيم القادر على الاستحواذ على فردية القرار ليفرض ما تشتهيه النفس و يرتضيه القلب . رضا شرف الدين «مصلحة النجم فوق كل اعتبار» إن هذا التأجيل دفعهم الى البحث عن البديل الاني القادر على التفاوض والتحاور والاستجابة ومن هذه النافذة اطل علينا اسم رضا شرف الدين المرشح البارز لخلافة حميد في رئاسة النجم و لئن حظي هذا المقترح برضاء الاغلبية رغم انتمائه الى منطقة اكودة الا ان المعني بالامر بقي مترددا بشان قبول المسؤولية خصوصا وانه قريب من محيط النادي وعلى بينة بما يدور في الخفاء و العلن وهذا ما جعله يشترط توحد الصفوف والعمل في اطار المجموعة من اجل اخراج الفريق من هذه الازمة وهو صراحة مطمح صعب المنال ان لم يكن مستحيلا . إن السيد رضا شرف الدين (59 عاما) رجل اعمال ناجح اشتغل ضمن مجموعة حافظ حميد حيث تم تكليفه برئاسة لجنة الكرة الطائرة و كان من المدعمين البارزين للفريق اثناء الحاجة وقد تم الاستنجاد به في هذا الظرف باعتباره الحل الامثل لما يتمتع به الرجل من رصانة و مكانة اجتماعية تخولان له النجاح في هذه المهمة . و قد صرح للتونسية ان المحادثات جارية من اجل وضع خطة عمل واضحة تساعد على تحقيق افضل النتائج من خلال قائمة توافقية تضم كل الاطراف القريبة والبعيدة والتي تجتمع على هدف واحد وغاية وحيدة هي مصلحة النجم بعيدا عن الحسابات الضيقة كما أكد المرشح البارز لرئاسة هذا الهرم الرياضي انه لو كانت الظروف أخرى لما قبل بخوض هذه التجربة وتحمل هذه المسؤولية نظرا لتراكم المشاغل والالتزامات المهنية الا ان الوضع العصيب وعزوف الكثيرين هو الذي شجعه على الاقدام على هذه الخطوة باعتبار ان ذلك يمثل واجبا على عاتق كل محب للنجم . كما اشار الى ان نهاية هذا الاسبوع ستكون حاسمة من اجل ضبط الخطوط العريضة والاستقرار النهائي على المجموعة التي ستؤسس للمرحلة القادمة مؤكدا في الان نفسه على مبدإ التطوع والمثابرة وحب الفريق والتي يجب توفرها في كل عضو من اعضاء تركيبة الهيئة وبخصوص تردده في الترشح أوضح ان ما عاشه الفريق في الفترة الاخيرة ويعانيه الان من مشاكل على جميع المستويات يفترض التريث وتأجيل النظر الى حين توفر الحلول الكفيلة بضمان أوفر حظوظ النجاح». ويبدو ان اطرافا عديدة سعت الى اقناع شرف الدين بتحمل المسؤولية باعتباره يستجيب لكل المقاييس المطلوبة ويعتبر حسب رأيهم رجل المرحلة القادمة وهذا ما جعل سحابة التململ والتردد تنقشع مقابل ضمانات فرضها هذا الرجل باعتباره خبيرا بما يحاك ويدور داخل وخارج اسوار النجم و هو على اقتناع تام بانه لا يستطيع بمفرده تحقيق المطلوب والمجازفة بالاقدام على هذه المسؤولية في هذا الظرف العصيب و في ظل الارقام المفزعة والخيالية التي تسربت بخصوص العجز المالي و الديون المتراكمة التي تخلدت بذمة الفريق . وقد علمنا في السياق ذاته ان رؤوف دعلول الذي كان مرشحا بارزا لخطة نائب رئيس قد ترك مكانه لجلال كريفة رغم احتراز البعض على وجود هذا الأخير داخل التركيبة المرتقبة. آخر لحظة ... في نفس الصياغ علمت «التونسية» أن قائمة رضا شرف الدين التي تأكد دخولها سباق رئاسة النجم ستتكون من الأسماء التالية: جلال كريفة رضا عطية رضوان زروق وكريم القرناوي وما يميز هذه الأسماء أنها قد سبق لها العمل تحت قيادة الرئيس السابق للنجم عثمان جنيّح مما يعني أن هذا الأخير قد يكون له دور كبير في تثبيت ملامح قائمة شرف الدين ويؤكد أن جنيح سيكون العنوان الأبرز في حياة النجم الفترة القادمة.