كنت أتوقع أن تصلني ردود فعل مختلفة عما كتبته في هذا الركن تحت عنوان «أحب النجم كما أحب البلاد» لذلك لم أفاجأ عندما رنّ هاتفي الخاص في بداية الحصة الصباحية ليوم الخميس... وجدت على الخط أحد الأصدقاء ممن لم أسمع صوتهم منذ زمن بعيد... سلّم وهمهم وتمتم.. ولما أدركت أنه يريد أن يقول شيئا ولكنه محرج، قلت له: دعك من اللفّ والدوران وأطلق عنان اللّسان.. فهات ما عندك! ولم يكن ينتظر سوى هذه السانحة لينطلق بسرعة البرق، قال كلاما كثيرا مفهوما حينا ومُبهما أحيانا وختمها بالقول: «شنوّه دوّرتها ايتواليسْتْ؟» أجبته باقتضاب: «إي.. كانْ عجبك!» وأقفلت الهاتف. لهذا الصديق ولغيره ممّن ينظرون إلى الرياضة بألوان معيّنة إنني ايتواليست واسبيرانتيست وكلوبيست وستاديست وسياييست.. وإيست.. إيست.. من الشمال إلى الجنوب عبر الأوتوروت والبيستْ! أنا هكذا منذ البدايات.. تعلّمت أن من حقي أن يكون لي فريقي المفضل وفي الآن أن من واجبي أن أتعامل مع كل الأندية بأكثر ما يمكن من الحيادية والموضوعية. ومن هذا المنطلق واعتبارا للضوابط المهنية فإنه لا مناص من التعامل مع الجميع بالزاد ذاته من المحبّة والاحترام. إن «النجم» وغيره من الأندية التونسية الكبرى تمثل فاصلة مهمة في النسيج الرياضي في بلادنا وهذا يحمّلنا جميعا واجب الدفاع عنها (أي هذه الأندية) والغيرة عليها ومتابعة مسيرتها والدعوة إلى إنقاذها باعتبارها مطمورة المنتخبات الوطنية التي تمثلنا في مختلف المحافل الرياضية. إني أؤمن إيمانا قاطعا أن الفريق الأوحد لا يصنع الإنجاز الأفضل على المستوى الوطني تماما كما الحزب الواحد في السياسة فهو لا يصنع ربيع الديمقراطية. لذلك فإن الميل إلى ناد معيّن لا يعني بالضرورة أن نناصب كل الأندية الأخرى العداء أو أن نقف شامتين ومهلّلين لعثراتها. يجب أن ندرك جميعا أن قوّة منتخباتنا من قوة أنديتنا... والأندية الضعيفة لا تلد سوى المنتخبات الضعيفة. في المحصلة... يمكن القول: إن الدفاع عن مختلف أنديتنا ليس خيانة للخيارات الشخصية الضيّقة بقدر ما تنبع من حسّ وطني يدفع إلى تحصين المنتخبات عبر تقوية الأندية. ويبقى نصف الكلام... ومنّي عليكم السلام.