مرة أخرى تكون الأندية التونسية عرضة للانتهاكات كلما لعبت في افريقيا وآخرها ما حصل للترجي مساء السبت في أم درمان أمام مضيفه المريخ السوداني الذي استقبله بالحجارة وباعتداءات صارخة لا صلة لها بكرة القدم فما بالك بالروح الرياضية ... هذا السيناريو أصبح منتظرا من قبل الفرق التونسية التي باتت تتأهب لمثل هذه الظروف مثلما تحضر الجوانب الفنية والتكتيكية للمباراة والدليل على ذلك ان سجل انديتنا التونسية في هذا المجال يزخر بأحداث سوداء تجاوز وقعها حدود المباراة لتحرم الأندية التونسية من ألقاب كانت في المتناول وأشهر تلك الأحداث ما حصل مع الترجي في نهائي رابطة أبطال افريقيا حين خاض المباراة ضد قلوب الصنوبر الغاني في أجواء تشبه الإنقلاب، ثم اكتوى النجم بنفس نار التجاوزات الافريقية الصارخة في نهائي 2004 أمام إينمبا النيجيري حينما افتك منه اللقب بإرادة كوفي كودجا وتحت غطاء جوي من الظروف الخاصة جدا ثم جاء الدور على النادي الافريقي أمام نفس المنافس وفي اطار نفس المسابقة، حيث انهزم بخماسية أمام إينمبا وكأن الافريقي كان مطالبا بتحقيق تلك النتيجة والا لن يعود سالما .. الأمر تجاوز الأندية وشمل المنتخب الوطني الذي بات يتعرض في كل مناسبة قارية الى مظلمة ترتقي في بعض الأحيان الى مستوى المؤامرة المدبرة ونذكر جميعنا كيف حرمنا من الفوز بكأس إفريقيا للأمم في 1996، وما تعرضنا له في بوركينا فاسو سنة 1998 في الدور ربع النهائي أمام صاحب الأرض والأمثلة عديدة قد تحتاج منا الى صفحات وصفحات لكي نأتي على ذكرها جميعها ولكن ما نتفق عليه أننا بتنا لقمة سائغة لكل من يريد ان يستأسد أمامنا ويستعرض عضلاته في استعمال النفوذ وخرق القوانين كل هذا ونحن مازلنا متمسكين بأقوال المسامحين وأفعال أهل الضيافة ... واذا كان ما يحدث تجاه الأندية التونسية في بعض الملاعب العربية يعتبره البعض لا يتجاوز اطار المباراة بظروفها وحيثياتها فان الأمر في نظرنا أعمق من ذلك وقد يعود في وجه من أوجهه الى غياب التمثيل التونسي على صعيد هياكل الاتحاد الدولي والاتحاد الافريقي لأن لعبة التنافس واستعمال أوراق الضغط وحسب المناصب والكراسي تبرز في حال رفع شكوى الى الفيفا او الكاف ولنا مثال في قضية الحال ما حصل بين مصر والجزائر وموقف الضعف الذي يعيشه الجانب المصري ممثلا في «الكاف» بهاني أبو وريدة أمام قوة ونفوذ محمد روراوة ويكفي ان نقول ان هذا الرجل هو نائب أول للاتحاد العربي لكرة القدم ورئيس لاتحاد شمال افريقيا وعضو في المكتب التنفيذي للكاف ويرأس العديد من اللجان في الاتحاد الافريقي لكرة القدم منها لجنة الشؤون القانونية ولجنة قانون اللاعبين ولجنة الاعلام فأين نحن من هذا الرجل وأمثالهم ونفوذهم ؟ التمثيل التونسي في المكتب التنفيذي للكاف مفقود واقتصر التواجد على لجان ليس لها ثقل في تحريك الأمور داخل الكواليس مثل سليم علولو وخالد صانشو ومحمود الهمامي وكمال بن عمر .. أما على مستوى الفيفا خسرت تونس المقعد لصالح مصر ممثلة في شخص هاني أبوريدة الذي نجح بطريقته الخاصة في كسب المقعد وهو ما مثل دعامة للكرة المصرية في عدة مناسبات. المثال الشهير في لعبة الكراسي داخل الهياكل الرياضية الدولية وقدرتها على تغيير حتى القوانين ما حصل مؤخرا بإلغاء القانون الذي كان ينص على أن أي لاعب تجاوز 21 سنة لا يحق له اللعب لصالح منتخبه الأصلي بعد ان تقمص زي منتخب آخر انتهي اليه في الأصناف الصغرى ليلغى هذا القرار ويصبح من حق اللاعب أن يغير وأن ينتهي لأي منتخب بعد التحالف الافريقي مع أمريكا الجنوبية لفرض هذا القرار على الفيفا. «الشروق» فتحت الملف وطرحت تساؤلات عديدة على أهل الذكر في مثل هذه المواضيع، فإلى متى تظل فرقنا ومنتخباتنا تتعرض لهذه المظالم؟ وكيف نوقف هذا التجاوز، وأي دور للتمثيل التونسي على الصعيد القاري والعالمي في تقوية موقفنا الضعيف؟ محمد الهمامي عامر البحري (الترجي الرياضي): الكنفدرالية تتحمل المسؤولية.. أعتقد ان الأحداث التي تشهدها الملاعب الافريقية لا تقتصر على أنديتنا فقط ولا أعتقد ان المسألة لها ارتباط بتمثيلية هذا البلد او ذاك في الكنفدرالية الافريقية والدليل ما تعرضت له الأندية المصرية والجزائرية في ملاعب افريقية رغم توفّرها على ممثلين في الهيكل المذكور والحل يبقى بأيدي الكنفدرالية التي هي مدعوة الى تشديد العقوبات ضد الأندية المذنبة وأودّ ان أذكر هنا كيف أنها تغاضت عن تسليط عقوبة ضد الفرق التي لعبنا ضدها في أكرا وباماكو رغم خطورة الأحداث وشخصيا أرى ان مثل هذه الأحداث تقلل من سمعة الكرة الافريقية لدى الفيفا وتحدّ من تطوّرها. فريد كعباشي محيي الدين بكّار: «الفيفا» خسرت شيبوب... و«الكاف» خسرت الفضيلي «... لا أتصور أن غياب التمثيل التونسي في اي هيكل دولي هو السبب الرئيسي في ما يسمى مظالم او لما تتعرض اليه أنديتنا في بعض المباريات على غرار ما حصل للترجي في «أم درمان» بالشقيقة السودان باعتبار ان التونسيين وإن غابوا عن المكاتب التنفيذية فإنهم حاضرون ولهم شأنهم في اللجان المتفرعة عن تلك المكاتب التنفيذية سواء كانت «فيفا» أو «كاف» او غيرهما... أما على مستوى القرارات والاجراءات المتخذة ضد اي فريق او منتخب فإنها وإن كانت ناتجة عن ظروف كبيرة وخطيرة فتبقى من مشمولات لجنة الانضباط التي لا تجتمع في كل يوم او في كل أسبوع بقدر ما تجتمع حسب المعطيات والأوضاع وقد تتطلب الوقت الكثير باعتبار ان كل عضو من بلد فضلا عن ضم التقارير اللازمة بما في ذلك تقرير المراقب. ... وهنا لابد من التوضيح أن لجنة الانضباط لا يمكن ان يحضرها عضو من تونس مثلا والسودان ايضا اذا كانت المسألة التي سيتم تناولها تهم فريقا تونسيا وآخر سودانيا على غرار «الترجي والمريخ» وذلك لتوفير المصداقية أكثر للجنة خاصة انها لا تجمع اعضاء من كل البلدان الافريقية. ومن جهة أخرى فإن «الفيفا» خسرت سليم شيبوب مثلا كما خسر الاتحاد العربي الاستاذ منصف الفضيلي وذلك لما لهما من خبرة وقدرة على تقديم الاضافة الفعلية لتطوير الكرة... وهو ما يدعوني في اشارتي الى هذا التأكيد على ان القرارات المتخذة ليس لها اي ارتباط بالتمثيل في الهياكل كما ان «المظالم» ان صحت العبارة ليست الا تجاوزا من بعض المسؤولين في الفرق ولا في الهياكل الدولية قارية كانت أو غيرها...». علي الخميلي الجمهور: حان الوقت لإيقاف هذه التجاوزات ومراجعة التواجد التونسي في صلب الاتحادات... لو تأملنا مليا في ثنايا تاريخ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم سنلاحظ على الفور السيطرة التي فرضتها بعض البلدان في صلب الاتحاد الإفريقي منذ تأسيسه في أواخر الخمسينات وسنلمس سيطرة واضحة للمصريين والسودانيين على مستوى الكتابة العامة لهذا الهيكل القاري قبل أن يصل الكاميروني عيسى حياتو إلى رئاسة الاتحاد منذ سنة 1988... وذلك مقابل تواجد محتشم للشخصيات الرياضية التونسية ومؤكدا أن الذين كانوا على علم بعمليات التصويت داخل هذا الهيكل يدركون جيدا سيطرة إفريقيا السوداء وهو ما قد ينعكس سلبا على مغامرات الأندية التونسية خاصة خلال تنقلاتها داخل مختلف أنحاء القارة السمراء وما واجهته من تجاوزات خطيرة منذ أواخر الثمانينات إلى حد اللحظة كان آخرها ما حدث لفريق الترجي بملعب «أم درمان» بالسودان. «الشروق» نزلت إلى الشارع ورصدت الآراء فكانت كالتالي: حافظ المحاط: التونسي اعتاد أن يكون مسالما... «شخصيا أعتقد أن التجاوزات وأحداث العنف والمظالم التحكيمية التي لحقت بالأندية التونسية خلال مشاركتها في مختلف المسابقات الإفريقية تعود بالأساس إلى تركيبة التونسي الذي يتميز بكونه مسالما لذلك لا يتردد في حسن استقبال مختلف الأندية الأجنبية ولكنه في المقابل يتعرض إلى شتى أنواع المظالم والتجاوزات ولذلك يتبقى إعادة النظر فورا في مسألة التمثيل التونسي على مستوى الهياكل القارية والإقليمية والدولية». زياد البكري: لن أنسى ما حدث للنادي الإفريقي «أنا من جماهير النادي الإفريقي وأذكر جيّدا المظالم التي تعرض لها فريقنا خلال رحلاته الإفريقية خاصة أمام فريق انمبا ومؤخرا في تيزي وزو الجزائرية ولا بد أن وزن التمثيل التونسي داخل الهياكل الرياضية يحظى بتأثير خاص في مثل هذه المسابقات». محمد أمين شوشان: مسألة عقلية فحسب «أعتقد أن الأمر ينحصر في مسألة العقلية فحسب فالمواطن التونسي عموما متفتح على الاخر على عكس بقية الأفارقة مثلا وهو ما جعل فرقنا تتعرض إلى العديد من المظالم ولا شك أن تدعيم التواجد التونسي داخل الهياكل الرياضية سيكون له دور كبير في ضمان سلامة أنديتنا التونسية في مختلف تنقلاتها داخل إفريقيا». عبد الرؤوف العبّاسي: حان الوقت لمراجعة التواجد التونسي في الاتحادات «لا يختلف اثنان في درجة التقدم والوعي التي تميز كل التونسيين دون استثناء وهو ما انعكس على أرض الواقع من خلال حسن تنظيم مختلف التظاهرات الرياضية ببلادنا لكن يتحول الأمر إلى الضد بمجرد أن تنتقل فرقنا إلى خارج الديار وآخر ما حدث من تجاوزات كان في ملعب أم درمان بالسودان عندما تعرض الترجي إلى تجاوزات خطيرة لذلك أعتقد أنه حان الوقت لمراجعة مسألة التواجد التونسي في صلب مختلف الهياكل الرياضية لدعم فرقنا في المسابقات القارية والإقليمية». قيس النفطي: حان الوقت لإيقاف هذه التجاوزات «لا شكّ في أن التونسي متأثر للغاية بالعقلية الأوروبية لذلك يحسن وفادة مختلف الفرق الإفريقية والعربية دون استثناء لكنه لا يمكن أن يتقبل مستقبلا هذه التجاوزات التي لحقت بالأندية التونسية وآخرها ما حدث لفريق الترجي». ياسين خيرات: أصبحنا نشعر بالرهبة.. «مؤكد أن ما حدث لفريق الترجي في السودان السبت الماضي يجعلنا نشعر بالرهبة إزاء ما قد يصيب أنديتنا من تجاوزات خلال الأيام القادمة». سامي حمّاني شاهدان على أكثر من حادثة خالد الحلاّق (محب للترجي): لن أنسى ما حدث في مالي... خالد الماجري (شهر الحلاّق) خبر الأجواء الافريقية وخفايا افريقيا السمراء منذ عام 1993 أثناء مختلف رحلات فريقه الترجي او كذلك مع المنتخب الوطني التونسي تحدث عن الموضوع قائلا: «لا يمكن ان ننسى الأحداث المؤلمة التي عشتها مع الترجي في مالي امام فريق «دجوليبا» عندما تم نقلنا عبر السيارات العسكرية عند منتصف الليل بعد ان تمت محاصرتنا كما وقع التهجم على طاقم التحكيم وكاد الأمر يتطوّر الى ما هو أسوأ عندما حاول أحدهم استهداف السيد سليم شيبوب رئيس الفريق آنذاك بواسطة الحجارة... أما حادثة «أم درمان» فهي خطيرة أيضا ولكن ليس بتلك الصورة لحادثة مالي.. وأقول بكل صراحة ان هذه الأحداث من الصعب جدّا القضاء عليها حتى وإن كان لدى الفرق التونسية ألف رجل في صلب الاتحاد الافريقي لأن هذه افريقيا السوداء كما عهدناها منذ العديد من السنوات». لطفي زيدان (محب للافريقي): تعودنا على مثل هذه التجاوزات دأب لطفي زيدان على التحول مع فريق النادي الافريقي خارج حدود الوطن منذ عام 1989 وهو ما جعله بكل تأكيد يعايش العديد من الأحداث الدامية أثناء المشاركات التي خاضها الأحمر والأبيض وعن ذلك تحدث لطفي قائلا: «بكل تأكيد لا يمكن ان أنسى ما حدث للافريقي خلال موسم 1996 1997 بمالي أمام فريق دجوليبا عندما تم اقتحام حجرات الملابس وتمّ الاعتداء على المهاجم السابق للنادي الافريقي فوزي الرويسي على مستوى الأنف... هذا بالإضافة الى حادثة قطع التيار الكهربائي بملعب السودان خلال موسم 19901991 والذي أثار رهبة جماهير الفريق ولن أنسى أبدا ما حدث معنا عندما تحوّلنا لمساندة المنتخب الوطني في مصر عندما انهال علينا قرابة 30 ألف متفرّج بالمقذوفات داخل احدى قاعات كرة اليد بمصر وقد تعوّدنا على مثل هذه التجاوزات في القارة الافريقية».