نظم صباح امس عمال التعاضدية العمالية بسوق الجملة اعتصاما دام ساعات للمطالبة بتسوية أوضاعهم المادية وتحسين ظروف عملهم. هذا الاعتصام رافقه غلق أبواب السوق مما أدى الى تعطيل الحركة وإلحاق خسائر في صفوف الفلاحين الذين جاؤوا لبيع بضاعتهم بسبب تعرض البعض منهم الى عمليات ابتزاز و«براكاجات» امام السوق في حين عاد البعض الآخر أدراجه من حيث أتى بعد ان تخلص من سلعه بأثمان زهيدة . ولمزيد الاستيضاح حول اسباب هذا الاعتصام تحولت «التونسية» الى سوق الجملة ببئر القصعة فكان الريبورتاج التالي: طالب عمال التعاضدية من خلال هذا الاعتصام بتسوية وضعياتهم المادية ومحاسبة «الفاسدين في الادارة» التي اكدوا انها ادارة النظام السابق ومازالت تعمل بنفس العقلية القديمة وتقوم بعديد الخروقات إلى جانب الفساد المالي والاداري على حدّ تعبيرهم. الإدارة فاسدة وتستغل عرق العمال أكد جل المعتصمين ان اسباب اعتصامهم متعددة خاصة مع عدم استجابة الادارة لمطالبهم المشروعة. وقال ادريس العدلي احد المعتصمين «ان الادارة اكلت حقوق الناس ومازالت الى الان كما ان هناك سوء تصرف وعدم دراية بالتنظيم مما جعلنا في حيرة من امرنا ونحن الذين نشتغل هنا منذ 8 سنوات والى الآن مازالت حقوقنا مهضومة». في نفس السياق قال عبد الله «نحن 1200 عامل ننتخب 12 عضوا ولكن هؤلاء لهم 16 سنة في مكانهم ولم يتزحزحوا من اماكنهم كما ان هؤلاء لم يحاسبوا الى اليوم رغم ان من فيهم كان من رموز الفساد في النظام السابق». وأضاف «هناك أطراف تتدخل لعدم تغيير الامور ليبقى هذا المكتب هو الذي يسير». وقال: «هناك فساد مالي رهيب كما اننا لا نتمتع لا بامتيازات ولا بمنح.. ومن المفروض ان يكون راتبنا 950 دينارا لكننا لا نحصل الا على 440 دينارا». أما شكري (أحد المعتصمين) فقال بدوره: «هذه الادارة لا تهتم بحالنا فاضافة الى السرقة فحقوقنا كعمال مهضومة وغير محسوبة اضافة الى ان ارضية العمل ليست في المستوى والاخطر من كل هذا اننا كلما طالبنا بحقوقنا يتم تهديدنا من قبل ميليشيات مسلحة بالعصي والسكاكين». من جانبه كشف ادريس عن وثيقة خلاص لحارس يتقاضى اكثر من العمال بكثير وهو امر لم يستسغه العمال. كما اكد لنا شكري ان الادارة تكرّس الجهويات بين العمال اضافة الى ان هناك الكثير من الاشخاص الذين لا يشتغلون ويبقون في منازلهم يتقاضون مرتبات. الفلاح يتذمر الاعتصام الذي نفذه اعوان التعاضدية يبدو أنه أضرّ بأطراف اخرى مساهمة في عمليات البيع والشراء في السوق حيث عبر لنا الفلاحين عن استيائهم من عملية الغلق هذه التي كلفتهم كثيرا. وفي هذا السياق قال محمد: «جئت امس منذ العاشرة ليلا ووبضاعتي هي الفراولو وبوصولي قيل لي أن السوق مغلقة ولن تفتح فعدت الى نابل والصباح تم اعلامي بان السوق فتحت أبوابها فعدت ولكن لا يوجد من يشتري لان الوقت قد فات (كنا في السوق الاسبوعية مع الساعة العاشرة ونصف صباحا) فهل يعقل هذا بضاعة ب 8 ملايين تتلف من سيستفيد انا او المواطن او الدولة؟ من الرابح يا ترى؟». تركنا محمد في حيرته وتساؤلاته وانتقلنا إلى وسط السوق الذي كان فارغا الا من بعض من ينتظر رزقه رغم ان الجميع اكد ان الوقت صار متأخرا جدا على البيع والشراء. ونحن نتجول التقينا فتحي الذي ضرب كفا بكف وهو يتحدث الينا قائلا: «ماذا تريدني ان افعل؟ ماهو ذنبي بضاعتي بستة ملايين ضاعت، من يتحمل خسارتي؟ الا يكفي غلاء الاسعار والكل يتهمنا بالجشع ففي عهد بن علي كنا نخضّر الهكتار ب 25 الف دينار واليوم ب 35 الف دينار اضف الى ذلك هناك من يحتكر السوق ويصبح هو المتحكم في كل شيء ويبيع بالسعر الذي يرضيه. ونحن الله يعلم بحالنا ثم نأتي للسوق فنجده مغلقا وتفسد بضاعتنا من المسؤول؟». حرشي يقول: «جئت من قفصة فوجدت الازدحام غير عادي اضافة الى «البراكجات» التي ازدهرت امام السوق فمنّا من خسر بضاعته ومنا من تم سلبه امواله ففي عهد بن علي لم يكن هذا موجودا كنّا نشعر بالامن والنظام والانضباط اما اليوم فالفوضى العارمة». بعض الفلاحين وجدوا في البيع على قارعة الطريق افضل طريقة لتفادي الخسارة كما اكد لنا البعض ان هناك بعض النزل التحقت بالفلاحين الى الزهراء واشترت منهم البضاعة. الإدارة توضح وبعد الجولة في السوق واخذ رأي العمال والفلاحين انتقلنا الى ادارة التعاضدية العمالية لسوق الجملة وتحدثنا مع السيد الطاهر خميرة امين المال الذي اكد لنا ان هذا الاعتصام ليس له مبرر قائلا: «منتخبون بطريقة ديمقراطية ونتحلى بالشرعية فمدتنا النيابية 5 سنوات واليوم بتنقيح القانون ستصبح 3 سنوات فقط». وأضاف: «على من يتهمنا بالسرقة والفساد ان ينظر للعمل الذي قمنا به فالمؤسسة كانت مديونة للقباضة بمليارات وصلت بالخطايا الى 5 مليارات والحمد لله قمنا بخلاص كل الديون كما اننا قمنا بعديد الانجازات للمؤسسة التي تعود فوائدها على كل المنضوين تحتها فنحن نملك اسهما في الشركة التونسية لاسواق الجملة بقيمة 600 مليون وايضا اسهما في شركة الغزالة كما قمنا ببعث صندوق لتأهيل المؤسسة فيه مدخرات هامة تصل الى 1.5 مليار. وهذه انجازات تحسب لادارة المؤسسة . واما من يتحدث عن الفساد فأقول لهم هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين فنحن مستعدون للمحاسبة ونطالب بجلب مدققين في الحسابات من خارج المؤسسة رغم ان لنا محاسبين اكفاء». واضاف السيد الطاهر خميرة ان هناك جهات واطرافا خارجية تقوم بتحريك العملة لغاية في نفس يعقوب. واكد ان مؤسستهم مستقلة عن كل التجاذبات السياسية ولا دخل لها في السياسة. وحول خفايا الاعتصام اكد ان طموح المنخرطين مشروع للصعود الى الادارة وتحمل المسؤولية لكن ليس بهذه الطريقة فهناك جلسة عامة وانتخابات و«الرابح الف مبروك له». وقال «اذا كنا فاسدين لماذا يتم افتكاك الجناح الرابع ومده للطرابلسية ولكننا الحمد لله قمنا باسترجاعه بعد الثورة والعاملون به اضفنا لهم 150 دينارا الى مرتباتهم. فكيف نتهم بالفساد؟». وختم السيد الطاهر بالقول «يمكن ان نختلف ولكن وجب علينا ان نحافظ على مؤسستنا وعلى ديمومتها». أين الامن؟ عبّر جل الفلاحين عن امتعاضهم من غياب الامن خاصة أن «البراكاجات» في الليل وقرب السوق اصبحت مهنة المنحرفين الذين اصبحوا يشترطون على الفلاح ان يدفع الجزية حتى تمر سيارته سالمة وان لم يرضخ فالويل والثبور في انتظاره كما اكد كثيرون ان هؤلاء مسلحون بالسكاكين والخناجر والعصي والغاز المشل للحركة يرتعون ويرعبون الناس دون خوف او وجل نظرا لغياب الأمن او عدم تدخله لذلك يقول هؤلاء «وفروا لنا الأمن قرب السوق وداخل السوق لننعم بالآمان ونشتغل بأريحية».