في مثل هذه الفترة من كل سنة يتهيأ التوانسة لبرمجة الصيف.. المهرجانات والبحر والزيارات والسياحة وحتى الأعراس فوق السطوح.. وفي الأثناء تمطر المنغصات لتعكر صفو الحالمين بعطلة مريحة.. ما أن تخمد نار تشتعل نار أخرى.. فوضى في كل مكان.. على الطريق القاتل.. اعتصامات.. اضرابات.. عنف مجاني.. طرد مسؤولين.. حرق مقرات.. حتى مؤسسات الرئاسة نالت نصيبا من الاضراب.. وها هو المجلس التأسيسي يشهد تململا من البرمجة والتسيير.. ويستعد ليوم تصحيح المسار.. لما غلبت الهوامش والمناكفات القضايا الحقيقية.. الطقس حار والمواطن حائر.. آخذها أو لا آخذها.. تلكّؤ بسبب فقر الجيب أو بسبب هشاشة الأمن.. أو بسب حجب الرؤية لما هو قادم.. والمجهول رديف الخوف وصانعه.. الخطب والتصريحات صارت عاملا أساسيا في مرض ضغط الدم.. فقد الكلام معانيه.. يتكرر ليبرر.. يتكرر ولا يحرر.. صارت المشكلة تفرخ وتتناسل وتبث الإحباط في الناس.. على الأرض لم نر انجازا يرفع المعنويات.. في المجلس التأسيسي لم نر تقدما يذكر.. فكيف يتفاءل التونسي وهو يرى الفوضى في كل مكان.. مؤسسات الدولة لم تستعد هيبتها وأخشى أن يطول هذا حتى نفقد مفهوم الدولة.. هناك قوانين لم تفعّل لأسباب «بيداغوجية» أو لأسباب انتخابية.. ولكن النتيجة هي تراكم التجاوزات والفوضى وهذه رسالة خاطئة لأننا لا نعيش في مجتمع أفلاطون.. والدليل هو أن المواطن صارت تسرق منه لقمة العيش.. فوضى الأسعار في مقدمة التجاوزات.. احترام الآخر والقطع مع الثلب.. واحترام إشارات المرور التي تحمينا.. واحترام القانون بالذات هو أساس العمران والتمدن.. وبدونه نشرع للغاب.. وعلى النخبة التي تتصارع في التلفزات أن تعطي المثال الحسن وإلا على الدنيا السلام.. الطقس حار.. والمواطن حائر.. ومن يؤزم الأوضاع جائر.. هذا الشعب «عمل صولد» في طموحاته ومع ذلك مازال المواطن يشقى ماديا ونفسيا.. فمتى تنتهي عذاباته..