انطلق أمس المؤتمر الخامس عشر لأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب بنزل البلاص بقمرت استجابة لمقترح تقدمت به السيدة وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة. وحضر المؤتمر حمادي الجبالي رئيس الحكومة وعدد هام من كبارالمستثمرين العرب ومحافظي البنوك العربية وعدنان قصّار رئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية وممثل عن جامعة الدول العربية وعدة ضيوف من رجال ونساء الأعمال وقد فاق الحضور نحو 500 ضيف من مصر وليبيا والسعودية ولبنان. وقال حمادي الجبالي رئيس الحكومة ان تونس تحتضن هذا المؤتمر لتفعيل العمل العربي المشترك وهي بصدد شق الطريق بكل ثبات في وضع يأمن فيه المستثمر على ماله وأعماله. ولئن كانت الظروف التي ينعقد فيها المؤتمر صعبة للغاية بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية وحالة الانكماش الاقتصادي التي تشهدها مختلف البلدان فإنه رغم ذلك وبعد مضي سنة ونصف على الثورة يمكن تعداد بعض المكاسب التي تحققت للشعب التونسي ومن ركائزها ترسيخ الانتقال الديمقراطي والذي لا يزال العمل عليه متواصلا لإرساء دولة القانون والمؤسسات مما يفتح أبواب المستقبل أمام أبنائنا. وأضاف الجبالي: «لا مجال للرشوة والمحسوبية خاصة أنه طالما ضيعت مثل هذه التجاوزات فرص الاستثمار على تونس». ووعد الجبالي باتخاذ كافة الإجراءات لمراجعة المنظومة القانونية وإتاحة الفرص والآليات للمستثمرين وتجميع كافة الخدمات التي يحتاجها المستثمر والذي أطلق عليه اسم «بيت المستثمر» ممّا يتيح تطوير الأسواق المالية وتسيير تنقل العباد والسلع لبناء تكتل إقتصادي قوي. وقال ان تونس تتطلّع لإعطاء المزيد من الدفع للتعاون مع الدول الشقيقة، واعتبر رئيس الحكومة ان ثروة تونس الحقيقية هي شعبها وسيتم العمل على إيلاء مناخ الاستثمار العناية اللازمة بتوفير المناخ الملائم للأعمال. فبالإضافة إلى المزايا التفاضلية التي توفرها تونس وموقعها الاستراتيجي والإطار القانوني الشفاف والمحفزّ فإن الشراكة مع المؤسسات التونسية قد تفتح الأبواب أمام المستثمرين العرب لبلوغ الأسواق العالمية. وقالت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ان مطلب التونسيين كان واضحا وشرعيا وهو حقهم في العيش الكريم والذي لن يتوفر دون عمل لائق وتنمية عادلة في كل الجهات. وقالت: «كان التشغيل هو العنوان الأبرز لثورة 14 جانفي وهو ما يقدره أصحاب وصاحبات المؤسسات جيدا خاصة أن ثورة شباب تونس حررت أصحاب وصاحبات المؤسسات وفتحت أمامهم آفاقا جديدة وواعدة سيعملون على حسن استثمارها لأنها جاءت لتجاوز كل سلبيات الماضي في مجال الأعمال ولتؤسس لمرحلة جديدة قوامها الشفافية والنزاهة وسيادة القانون بين الجميع وهي ميزة ستساعد على استقطاب المستثمرين العرب وأصدقائنا الأجانب». وأشارت السيدة وداد إلى أن نتائج الجهود المبذولة في العمل المشترك وخاصة الاقتصادي ظلت أقل بكثير مما يتوقع وما تتطلع إليه الشعوب العربية. فأرقام البطالة في الوطن العربي في تصاعد مستمر ومصاعب التنمية تتفاقم أما حجم الاستثمارات المشتركة والتبادل التجاري البيني فيكاد يرواح مكانه في حين تتشكل التكتلات الاقتصادية في كل أنحاء العالم ويشتد عودها يوما بعد يوم. وأضافت ان تونس في حاجة اليوم إلى قدر كبير من الاستثمارات وخاصة في المناطق الداخلية في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة والخدمات والبنية التحتية وستمثل أغلب المشاريع المعروضة للإنجاز أو التمويل خلال هذا المؤتمر فرص استثمار واعدة والأمل أن تأخذ طريقها نحو التجسيد. وعلى هامش المؤتمر تم تخصيص عدة جلسات للعمل والنقاش وتناولت الجلسة الأولى موضوع «مناخ الاستثمار في الدول العربية» والتي أشرف عليها الأستاذ أحمد الكرم مدير عام بنك الأمان بتونس وبحضور الأستاذ مصطفى كمال النابلي محافظ البنك المركزي والدكتور «الصديق الكبير» محافظ مصرف ليبيا المركزي. وتناول السيد مصطفى كمال النابلي موضوع « كيفية تحسين مناخ الاستثمار وخلق مواطن الشغل» خاصة أن تونس تعيش حاليا مرحلة انتقالية مشيرا في الإطار ذاته إلى أن التحولات السياسية ستكون ناجحة وهذا النجاح حسب قوله هو مرتبط أساسا بتطور الاستثمار. كما أكد النابلي أن الركيزة الأساسية لتحقيق النجاح وإنجاح هذه المرحلة الانتقالية هي الحوكمة الرشيدة وضرورة التركيز والسهر على حيادية الإدارة وقضاء عادل ومستقل وهو ما سيساعد المستثمر على الخروج من خوفه ويضمن احتراما لحقوقه. من جهته أكد فيصل إبراهيم العقيل مدير إدارة تطوير الأعمال ورئيس دائرة المشاريع الاجتماعية (شركة مواد الاعمارالقابضة من المملكة العربية السعودية) ان مستقبل اقتصاد البلدان العربية يتوقف على زيادة التجارة فيما بينها وأنه يجب التحول من الانتقال بالربيع العربي إلى ربيع اقتصادي. ودعا إلى ضرورة توحيد الصفوف بين القطاعين العام والخاص والمراهنة على رأس المال البشري والذي إعتبره كفيلا بالارتقاء باقتصادات البلدان العربية وبتحديد مسارها التنموي. وأشرف عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي والمالي بتونس على الجلسة الثانية بحضور الأستاذ رضا السعيدي الوزير المكلف بالملف الاقتصادي لدى رئيس الحكومة والذي قال إن فرص الاستثمار الحالية هي نجاحات تليها نجاحات أخرى على المستويين الاقتصادي والاجتماعي. وأشار رضا السعيدي إلى أن هذه النجاحات لا يمكن أن تتحقق إذا ما غابت البرامج الواضحة والاستثمارات المدروسة في مختلف القطاعات الموجودة وذلك بغاية خلق ديناميكية تنموية في كافة الجهات. وأكد السعيدي على ضرورة رفع العراقيل التي تواجه الاستثمارات الأجنبية عموما والتي تعد من استراتجيات الحكومة الحالية مشيرا في السياق ذاته إلى ضرورة مراجعة مجلة الاستثمارات وإعطائها جرعة من الإصلاحات. وقال السعيدي إن بلادنا تسعى إلى تحويل تونس إلى قطب رائد في صناعة الذكاء وصناعة الطاقات الجديدة والمتجددة إضافة إلى محاولات خلق المزيد من الدينامكية وتحسين فرص التشغيل.