عقب أحداث العنف الدموية التي شهدها الأسبوع الفارط سوق الجملة ببئر القصعة، لسبب أرجعه بعض المحتجين إلى مواصلة تحكم «أزلام النظام البائد المنضوين تحت لواء مجلس الإدارة في تسيير السوق وإخضاع العاملين به إلى تنفيذ أوامرهؤلاء ورغباتهم عنوة وقسرا»-على حد تعبير بعضم-، وهو الأمر الذي جر عمال التّعاضدية العمالية بسوق الجملة إلى تنظيم اعتصام دام ساعات، أغلقت على إثره أبواب السوق ليحدث ما حدث من مواجهات عنيفة سفكت فيها الدماء وسقط فيها عدد من الجرحى. وبغية توضيح بعض خفايا الأمور حول المسسببات الحقيقية التي أدت إلى تفجر الأوضاع ونشوب مواجهات دموية، اتصل ب«التونسية» عدد من عمال التعاضدية، معربين عن عميق انزعاجهم مما ألت إليه الأوضاع داخل السوق من «تفشي الفساد المالي والاداري وهضم حقوق أعوان التعاضدية من طرف مجلس الإدارة حد استعبادهم»-على حد تعبيرهم-. ونفى أعوان التعاضدية ما تردد على لسان بعض المسؤولين كونهم المتسببين في احداث العنف التي جدت بالسوق، وقال (ا.ق) «إنه من العيب ان يسعى احد المسؤولين بالاتحاد العام التونسي للشغل الى طمس الحقيقة والتستر على هول الفساد الموجود في السوق، بزعمه أن عددا من اعوان التعاضدية لا يتجاوزون الخمسين عاملا عمدوا إلى غلق باب السوق بلا أي سبب يذكر، والحال أن عدد المعتصمين آنذاك تجاوز 900 عامل والسبب الذي دفعهم الى ذلك هو الاحساس بالظلم وبالتهميش وعدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة». وتساءل محدثنا قائلا «أيعقل أن ننسب لأعوان التعاضدية مسؤولية الاعتداء والتعنيف والحال أن أغلبهم تعرض للعنف الشديد؟»، ليضيف زميله (30 سنة عملا بالسوق) «ذنبنا الوحيد اننا طالبنا المجلس الإداري بتسوية أوضاعنا المهنية وتوفير ابسط الحقوق التي يتمتع بها العامل بهذا السوق الكبير، كما كان من ضمن مطالبنا ان يمدنا هذا المجلس بتقرير مالي لمعرفتنا الجيدة بحجم الفساد المالي الذي ما فتئ ينخر موطن رزقنا لسنوات عدة.. ولكن يبدو ان مطلبنا هذا لم يعجب المجلس الإداري المتورط هو الآخر في قضايا الفساد ويريد أن يتستر عنها مما اضطره الى استئجار «بلطجية» لاجبارنا على الخضوع والخنوع لاوامره فكان ما كان». ومن جانبه، أكد (م.ع) ما روأه زملاؤه، معربا عن تخوفه من نتائج تقرير المراقبة المالية ومن نتائج الجلسة العامة وانتخابات مجلس الادارة المزمع عقدها يوم 28 من الشهر الجاري، قالا: « إن إرسال مراقبين وخبراء من طرف الاتحاد العام التونسي للشغل سيخلص حتما الى تقديم تقرير مشكوك في أمره، كيف لا واعضاء مجلس الادارة هم بدورهم اعضاء النقابة التابعة للاتحاد؟ كما اننا قلقون بشان نتائج جلسة 28 ماي ومن أن يترشح اعضاء مجلس الادارة الحاليون الى الانتخابات من جديد رغم تعهدهم الشفوي بانهم لن يقدموا ترشحاتهم..."