- الحرب على المناصب وراء التجاذبات في الاتحاد - لماذا لا يستثمر العرب في ما بينهم؟ تسلمت رئاسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في ظرف دقيق وحسّاس، اتسم بكثرة الاعتصامات وشهدت خلاله الساحة الاقتصادية الكثير من التراجع والركود، هذا إلى جانب تراجع الاستثمارات . وعلاوة على ذلك فقد كانت الأجواء داخل الاتحاد لا تخلو من مشاحنات وتجاذبات وصل صداها إلى أروقة المحاكم للمطالبة بوضع متصرف قضائي انتهى بتثبيتها على رأس الاتحاد، لتكون بذلك السيدة وداد بوشماوي أول امرأة عربية تتقلد هذا المنصب في ظروف يمكن القول إنها «استثنائية» . هي سليلة عائلة عرفت بمجال الأعمال والشركات البترولية في تونس والخارج، ومع ذلك تحدت كل العراقيل والصعوبات وتركت عالم الأعمال والمحيط العائلي لتتفرغ للاتحاد غير عابئة بالانتقادات ولا بالرافضين اعتلاءها هذا المنصب . ورغم الأجواء التي لا تخلو من توتر ومشاحنات فقد تمكنت من فرض سياسة جديدة قوامها «العمل» وإيصال صوت المعنيين بمجال الأعمال والاستثمار إلى الأطراف الحكومية .تقول إن شعارها «الصراحة» وتبليغ المشاغل بلا تملق ولا تزييف. عرفناها، في المدة الأخيرة، كثيرة اللقاءات والزيارات سواء كان الأمر داخل تونس أوخارجها ورغم الملفات العالقة والنقائص التي يرى البعض أنها بحاجة للمراجعة والإصلاح فإنها تقول إن مدة العمل قصيرة ولا يمكن إصلاح كل شيء في ظرف سنة ونصف . التقيناها على هامش المؤتمر الخامس عشر لأصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، والذي التأم أول أمس وأمس بجهة قمرت، لنسألها عن حقيقة التجاذبات داخل الاتحاد وأسباب فتح الأبواب أمام المستثمرين العرب وكذلك عن آخر تطورات ملف المصالحة مع رجال الأعمال... فكان الحوار التالي : لاحظنا تحركا كبيرا للسيدة وداد في المدة الأخيرة، زيارات إلى ليبيا... لقاءات مع الوزراء...البعض يتساءل عن سرّ هذه التحركات ؟ الظروف هي التي دفعتنا للتحرك. فقد سبق وصرحت أننا منظمة مستقلة ولكننا لن نتوانى عن تقديم المقترحات. كان لا بدّ من التحرك وكلما وجدت مشاكل نريد أن نبلغ صوتنا ونكون باتصال مباشر و شعارنا الصراحة في تبليغ صوتنا لنتحدث عما هو موجود، فنحن في لقاء مستمر برجال الأعمال ونتحدث معهم باستمرار ونستمع لمشاكلهم وبالتالي نسعى لتبليغ أصواتهم ونقدم مقترحات عملية للأطراف المعنية و للحكومة ولا بد من القيام بمهمتنا لكي تتجسد المقترحات على أرض الواقع وبالتالي كانت مختلف هذه التحركات وكانت هذه أبرز دوافعنا الأساسية. في المدة الأخيرة كثرت التجاذبات داخل الاتحاد فكيف تنظرين لما حدث وهل من شأنه أن يؤثر على عملكم؟ التجاذبات أخذت حجما أكثر من اللازم، وسببها الرئيسي ليس ما يظهر للعيان بل هي حرب على المناصب. فقد تسلمت الاتحاد في ظرف صعب للغاية وعديد الناس طلبوا مني عدم الإقدام على هذه الخطوة. البعض قال «مغامرة» ولكني حبّا في تونس وحبّا في الوطن وحبّا في المنظمة، أقدمت على هذه الخطوة وقد ساعدتني كثيرا عائلتي في المدة الأخيرة وساندتني كثيرا وهم متفهمون لطبيعة عملي . وتسلمت الاتحاد في ظرف صعب للغاية ودقيق والآن شعر البعض أن الاتحاد أخذ مساره الصحيح والطبيعي، لذلك هم يحاولون «العرقلة» وبدؤوا يتكلمون فلماذا لم يتحركوا سابقا ؟لماذا لم يتكلموا سابقا ؟ الآن عندما تحسنت الظروف يريدون وضع أيديهم على الاتحاد . فأحيانا أقوم بزيارات للجهات ولا أعرف من رشح نفسه في الجهات ولا أبحث في مثل هذه الجزئيات. اقول لهم المؤتمر قريب ومن يريد «الاتحاد» فليرشح نفسه ومنذ أول يوم تسلمت فيه الاتحاد طالبت بالاستقلالية والشفافية ولم أدخل في التجاذبات ولا الطعونات و لا الخلافات ...وهذا مبدأ انتهجته وسأتبعه إلى آخر وقت لي. ومن يريد تقديم رأيه فليقدمه بوضوح وليس بالتجاذبات فلماذا التجاذبات؟ وعلى ماذا؟ صراحة لا أدري؟ فتونس تستحق تضافر الجهود، لا بد أن نكون جميعا ملتفين حول تونس لتطوير الاقتصاد. هذا ما أراه وأقول دائما «ربّي يهديهم» . استقطاب المستثمرين العرب مسألة صعبة للغاية، فماهي التطمينات التي من الممكن أن تقدم لهؤلاء لتشجيعهم على الاستثمار في تونس؟ لقد أصبحت الرؤية بعد الثورة أكثر وضوحا وشفافية والمستثمر لم يعد لديه خوف من وضع أمواله أو من أن تحصل تدّخلات تعوق مشروعه وتلهف أمواله ، لأن المستثمر العربي، عندما يرغب في الاستثمار، يريد أن تكون الأبواب مفتوحة. كذلك يعتبر موقع تونس الجغرافي ممتازا ولدينا كفاءات عالية وعلاقات صداقة مع بلدان الجوار وتونس يمكن أن تكون سوقا للبلدان المجاورة وهو ما يميزها، فغموض الرؤية الذي كان سائدا لدى المستثمرين العرب نأمل ان ينزاح، لأنه أصبح اليوم بإمكان المستثمرين القدوم إلى تونس والاستثمار بلا خوف ولا مشاكل . تحدث رئيس الحكومة عن إزاحة العراقيل لكن لا أحد ينكر وجود عراقيل لم تتم إزالتها بعد من امام المستثمرين ؟ لدينا سنة ونصف فقط منذ انطلاق الثورة وبالتالي لا يمكن أن تزاح كل العراقيل في هذه الفترة القصيرة، نحن مطالبون بجلب الاستثمار وكنت قد أكدّت مرارا سواء من خلال لقاءاتي بالحكومة أو بالوزراء على ضرورة سن قوانين بسيطة وسهلة التطبيق لتشجيع المستثمرين، لأنه وبالمقارنة مع عدة بلدان أخرى فإنه وبواسطة الأنترنات فقط تتكون الشركة وتنطلق في العمل' فإن كانت الأموال «نظيفة» و الإنسان يرغب في الاستثمار فلماذا لا نشجعه ولينطلق في العمل لأن تونس تستحق اليوم المزيد من الاستثمارات؟ . ماهي نوعية الاستثمارات التي تحتاجها بلادنا في الوقت الراهن ؟ نعرف أن البلدان العربية لديها استثمارات كبيرة في مجال الزراعة وفي تونس نحتاج إلى تطوير هذا المجال وخاصة بالنسبة للمواد الغذائية ومن الممكن الاستثمار في هذا القطاع، كذلك السياحة والتي من الممكن النهوض بها لتكون أكثر مردودية لأنها متطورة جدا في الكثير من البلدان العربية، أيضا تطوير البنية التحتية فهناك اتصالات مع عدة بنوك لإيجاد مشاريع ضخمة ومن الممكن الحصول على استثمارات في هذا المجال . شهدنا بعد الثورة فرار بعض المستثمرين للبلدان المجاورة فكيف يمكن تجاوز مثل هذه الثغرات؟ العدد لا يعتبر كبيرا جدا وهذا طبيعي بعد الثورة فكل ما حدث مرّده الظروف التي مرت بها البلاد، صحيح نحن بتقاربنا مع اتحاد الشغل نحاول إيجاد حلول وتسهيل الاستثمار لكن حتى الموجود لا نريد أن نفرّط فيه او ما يحدث من سلبيات يكون هو الطاغي. لا بد أن نكون إيجابيين، فالشباب الذي أنجز ثورة ينتظرنا ولا بد أن نوفر له الظروف وخاصة في المناطق الداخلية، لذلك دائما رسالتي موجهة للحكومة لا بد أن تنطلق لينسج على خطاها الخواص وتكون الرؤية واضحة والبرنامج واضحا والمشاكل لا تتقلص في يوم وليلة، لأنها مرتبطة بعقلية والتي يلزمها وقتا ولكن نحن مع النقاش والحوار وأكيد سنجد لها حلا . تم الحديث عن الاتحاد «القمروكي» العربي :كيف ستستفيد تونس من هذا الاتحاد؟ الاتحاد العربي المشترك أو السوق المشتركة بلا حواجز قمروكية من شأنها أن تساعد على دخول السلع بأسعار تفاضلية وتكون السلع أرخص من التي تأتي من بلدان أخرى و تمر عبر الديوانة .كذلك تنقل الناس بلا «فيزا» يساعد على تشغيل اليد العاملة في كلا البلدين والسوق ستكون واسعة. وقد أكد أحد الحضور في المؤتمر الخامس عشر للمستثمرين العرب على أنه لو استثمرت البلدان المصدرة للبترول 10 في المائة فقط من مداخيل إنتاجها في البلدان العربية لخفضت من نسبة هامة من البطالة، وكلما كانت النسبة أرفع كانت النتائج أفضل فإن استثمر الإنسان بلا تعطيل «قمروكي» وبلا أعباء الأداءات وبلا «فيزا» وبلا بيروقراطية فمن شأن ذلك أن يجلب المستثمر ليستثمر في تونس . لماذا التركيز على الاستثمارات العربية ؟ البلدان العربية بإمكانها الاستثمار في تونس ونحن أيضا بإمكاننا الاستثمار في البلدان العربية لدينا الكفاءات والخبرات وبالنظر لحجم الاستثمارات العربية مع البلدان الأجنبية، فهي ضخمة جدا ولكن بالنسبة لتونس لا تمثل الاستثمارات شيئا، فلماذا لا نستثمر فيما بيننا، ويستفيد الجميع؟ بالإمكان خلق قوة تماما مثل الكتل العالمية فلم لا نفكر في اتحاد اقتصادي عربي؟ . كثر الحديث عن المصالحة مع رجال الأعمال فإلى أين وصل هذا الملف ؟ لقد التقيت وزير حقوق الإنسان و العدالة الانتقالية وعدة مسؤولين، ووعدوني بحلول في القريب العاجل، ونأمل الحسم في هذا الملف. فمن يستحق المحاسبة فالقضاء سيأخذ مجراه ومن لديه إجراءات مع الديوانة لا بد أن ينظر فيها ويجد لها حلولا. واكرّر للمرّة الألف أنه لا بد من النظر في هذا الموضوع لأنه ليس من المعقول أن تستمر المسألة أكثر من سنة ونصف وتبقى الملفات معطلة .نريد اليوم من الناس أن تستثمر. نريد أن يقوم القضاء بدوره و تأخذ العدالة الانتقالية مجراها لنتمكن من النهوض بالاقتصاد وتشغيل العاطلين ولخدمة تونس . وماذا عن تحجير السفر عن 460 رجل أعمال تونسيا؟ هذا الرقم أعتبره كبيرا جدا وليس لدينا في الحقيقة معطى دقيق ولكن طالبنا من وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أن يوضّحوا لنا هذه الأرقام و يفسروا لنا لماذا أيضا ؟ وتلقينا وعدا بالحسم في هذا الملف .