نشرت مجلة «فورين بوليسي» تقريرا عن تونس بعد الثورة، مسلطة الضوء على جهود الحكومة التونسية في استرداد أصول أموال النظام القديم المهربة، وكيفية معالجتها الأمور التي تتعلق بمطالب الثورة كمحاكمات بقايا النظام البائد ومطالب الحرية والعدالة الاجتماعية. وذكرت المجلة أن بلحسن الطرابلسي وصل إلى كندا على متن طائرة خاصة، وتملك عائلته مبلغ 2.5 مليون دولار في مونتريال أو على الأقل هذا هو المبلغ الذي صادرته الحكومة الكندية. واستعرضت المجلة تاريخه وملفاته في ظل النظام السابق والتهم التي تلاحقه، ووفقا لبرقية سربها موقع ويكليكس فبلحسن الطرابلسي «أكثر أعضاء الأسرة من حيث السمعة السيئة»، وأشارت البرقيات المسربة من ويكليكس إلى العائلة كلها بأنها «شبه مافيا» مشيرة إلى أن للطرابلسي تكتيكات «ليّ أذرع» وانتهاكات صارخة من نظام حاز على الكراهية، ووصفته الصحافة الفرنسية ب«السفاح»، واستفاد الطرابلسي من زواج شقيقته 1992، باستغلال المؤسسات العامة والموارد اللازمة لإنشاء إمبراطورية تجارية في تونس شملت الفنادق الفخمة، وشركة طيران، ومحطة إذاعة، وصحفا وبنوكا. فر الطرابلسي إلى مونتريال بعد أن خرج التونسيون إلى الشوارع في شتاء 2011 لإسقاط نظام بن علي، على الرغم من طلب الحكومة التونسية بتسليمه حتى يتمكن من مواجهة العدالة، السلطات الكندية من جهتها أسرعت باتخاذ إجراء قانوني مصمم لحماية حقوق طالبي اللجوء السياسي المشروعة، وقد سمح له بالبقاء في وقت سابق من هذا الشهر، وفشل الطرابلسي في محاولته للحصول على إقامة دائمة في كندا، ورأت المجلة الأمريكية أنه من المرجح أن يبقى في كندا لسنوات وهو يناشد السلطات للحصول على صفة لاجئ. وأشارت «فورين بوليسي» إلى أن الفساد في تونس لازال أحد التحديات الرئيسية لخلق نظام ديمقراطي، وقالت: «أحرزت تونس تقدما في هذا الشأن الخاص بالجبهة الداخلية، عن طريق مصادرة الأصول المحلية لبن علي وسجن بعض من ينتمون إلى النظام القديم، ووضع آليات لمكافحة الفساد، ومع ذلك فإن الحكومة الجديدة لا تزال تكافح لتحاسب على تجاوزات الماضي»، وأضافت المجلة أنه من أكبر هذه التحديات إحضار جميع شخصيات النظام القديم السابق إلى العدالة، واستعادة الأصول المالية التونسية – أكثر من 15 مليار دولار حسب بعض التقديرات- التي تم تهريبها بعيدا وإخفاؤها في جميع أنحاء العالم. ورأت المجلة أنه – حتى الآن- أعاق التعاون الكامل من قبل الدول التي تحتفظ بعلاقة جيدة مع عائلة بن علي عملية استرجاع الأصول الأجنبية، وجلب شخصيات النظام القديم إلى العدالة، وهذه الدول تشمل كندا والسعودية وقطر، التي لاتزال تؤوي أفراد عائلة النظام السابق، وكذلك سويسرا وفرنسا. وقالت المجلة إنّ بعض هذه البلدان سار في الطريق الصحيح في قليل من الأحيان، فكندا استولت على قصر لعائلة زين العابدين بن علي وحساب في البنك بقيمة 100 ألف دولار، وسويسرا وقطر والاتحاد الأوروبي جمدت الحسابات المصرفية التي كانت مملوكة مباشرة لبن علي وزوجته، ولكن المسؤولين التونسيين يقولون أن هذه الخطوات تمثل جزءا صغيرا فقط من أصول النظام السابق، ويعتقدون أنه لا يزال هناك الكثير من الأصول إما أنها نقلت إلى أفراد آخرين، أو انتقلت من الحسابات المصرفية إلى صكوك مالية أكثر تعقيدا. وفي ما يتعلق بالأصول الداخلية أشارت المجلة إلى أن الحكومة التونسية تمكنت من مصادرة مئات من الشركات والبنوك وشركات التأمين، وبعض العقارات التي كان يسيطر عليها النظام السابق. ومن جهة أخرى قالت المجلة إن حكومة تونسالجديدة تجد صعوبة في تقديم المسؤولين عن الفساد إلى العدالة، ونقلت «فورين بوليسي» عن سمير العنابي الرئيس الجديد للجنة الوطنية التونسية لمكافحة الفساد واختلاس الأموال قوله « نواجه صعوبة رئيسية مع هؤلاء الناس الذين استفادوا من النظام القديم» وأضاف «إنهم يحاولون الدفاع عن أنفسهم، إنه استمرار للنظام القديم». وأشارت المجلة إلى أن اللجنة هي إحدى الأدوات الموضوعة تحت تصرف الحكومة التونسية، عين فيها العنابي في الفترة الأخيرة، ولديه أكثر من 6000 ملف فساد يعمل على تقصيهم، هذه الملفات بها شكاوى تم جمعها في ظل الحكومة الانتقالية السابقة من المواطنين والمسؤولين على حد سواء، وعلى الرغم من ذلك فهناك ملفات تفتقر إلى الوضوح، وقال عنابي «وراء كل ملف إنسان يبحث عن العدل». وذكرت المجلة أن تقريرا صدر مؤخرا عن منظمة الأزمات الدولية أشارت فيه إلى أن السلطات التونسية تنتهج سياسة تصالحية «تدرجية» مع الماضي وعيوبه، ولاتتجاوب مع المطالب التي تتردد على نطاق واسع في تونس بالعدالة والمساءلة.