فدّينا... تمر الأيام رتيبة.. محملة بالأخبار التي لا تفرح.. وما أشبه اليوم بالأمس... ولولا «الخبزة» لما تجرأ واحد على مغادرة فراشه والذهاب الى الشغل.. هل أن السياسيين يدركون الضغط الذي يمارس على المواطنين... هل يدركون ان صمتهم مريب عندما يجب الكلام وان صراخهم لا يطمئن وأن العنف المستبطن في التصريحات يكهرب الساحة... هل يدركون انهم كلما أجابوا عن تساؤل زادت الأسئلة.. عنف يسري باللفظ وبالإيحاء.. وفي الشارع يحدث ما يحدث ولا رادع.. حمايتنا الوحيدة .. هي «ربي يستر».. ما الحل!؟ وفطورنا سياسة وغداؤنا سياسة والعشاء سياسة.. والتجاذبات تشد الأعصاب حتى وان كانت عادية فان هذا الشعب لم يتعود على هذا الزخم من الحرية في الاختلاف والتباين.. والتعبير عن الرأي.. هي ثقافة وسيأتي يوم نشاهد فيه حوارات هادئة خالية من التشنج يعلو فيها المنطق لا الصياح.. كلّنا نمر بمرحلة دربة.. سلطة وشعبا ونوابا.. وإذا كان الإعلام هو حامل الخبر فهذا قدره.. ولا يمكن كسر المرآة.. حضورها مزعج وغيابها كارثة.. ولا أظن ان احدا يتجاسر ويبعث قناة أو صحيفة عنوانها «الأخبار السعيدة»... أولا سلعتها تبور لأن الاثارة والمآسي والأخبار السيئة هي التي تجلب الانتباه.. وتثير الحوار في العائلات والمقاهي.. وسيلة اعلامية تقول كل شيء على ما يرام عليها ان تكون عناوينها كالآتي: اليوم لم نسجل حوادث مرور.. ولم يحرق أي سائق الضوء الاحمر.. اليوم لم تقع حتى سرقة او اعتداء بالعنف.. اليوم لم نسجل عملية تحيّل أو رشوة .. أو طلاق... او تهريب... اليوم لم يكذب تونسي واحد.. والقطارات كلها وصلت في الوقت.. اليوم هو أجمل يوم وغدا سيكون اجمل ولو على لسان الساسة.. ولكن من يصدق ومن يقبل على هكذا اخبار.. والعالم كله يغلى ويتطور ولكن العذابات لا تنتهي والحروب لا تنتهي والامراض لا تنتهي.. فمن أين يأتي الفرح.. ومع ذلك البشر قادر على صنع البسمة من الدمعة.. و«تلك أيام نداولها بين الناس» على حلوها ومرّها.. ومع ذلك نتشبث بالحياة ونتفاءل بالقادم رغم أن البشر هو المخلوق الوحيد الذي يعرف أنه ميت لا محالة..