الاعتصام .. مفرد لغوي دخل قاموسنا الاجتماعي مع انطلاق الثورة التونسية وأصبح عنصرا فاعلا في التحركات الاحتجاجية ويكاد لا يغيب عن مفكرة أعمالنا اليومية . فلا يمرّ يوم واحد دون أن نسجل حالة اعتصام في مكان ما من البلاد، وتطور استعمال هذه التقنية التعبيرية الى درجة أصبح فيها غيابه عن يومياتنا مثيرا للتعجب.. وبذلك، يمكن القول إنه يشكل لوحده الوجه العصامي للثقافة الاعتصامية المستحدثة بفعل المد الثوري. وقد تعددت مظاهر الاعتصام وتنوعت الغايات والاهداف وتراوحت بين السياسي والاجتماعي ومن المطالبة بالتشغيل الى الدعوة لتحقيق التوازن بين الجهات الخ.. ومع مرور الأشهر اصبح الاعتصام أداة يسيرة الاستعمال يقع الالتجاء اليها بسبب ومن دونه في ظل الروح الديمقراطية التي هبت على البلاد فحركت رياح الحرية والتحركات العشوائية.. وعلى ذكر العشوائية فقد استرعى اهتمامنا خروج الفن الاعتصامي من دائرة السياسة ليدخل ميدان الرياضة وبين هذه وتلك قاسم مشترك يتمثل في التجمهر والتجاهر بالشعارات البليغة والجوفاء أيضا. وهذا يجرنا الى التوقف عند الاعتصام الذي ينفذه عدد من احباء النجم الرياضي الساحلي للمطالبة برحيل الرئيس الحالي للنادي حافظ حميد. ولئن نقدر غيرة الاحباء على جمعيتهم دون أن نمتلك المعطيات الكافية لاتخاذ موقف محايد وموضوعي من حميد، فإننا نتحفظ على استعمال مثل هذا الأسلوب في المجال الرياضي وذلك لعدة أسباب. وسأكتفي بالتوقف عند النقطة المتعلقة بعلاقة الأحباء بالنوادي في ظل الاحتراف الكروي.. فإلى حد علمي لا يمكن إطلاق صفة محب في هذا الإطار طبعا الا على من يؤكد انتماءه باقتناء اشتراكه السنوي وبالتالي دعمه لجمعيته.. ولهذا فإن صفة المحب لا تطلق على كل من يرفع صوته أو يستعمل كفه. ولكن في ظل الاحتراف الكروي الهاوي (بكل المعاني) يمكن ان نعتبر جمهور الكرة ضمن الاحباء.. ومن هذا المنطلق يمكن أيضا اعتبار الاعتصام الذي ينفذه احباء النجم محاولة لتبليغ الأصوات والمطالبة بتصويب المسار.. لكن هل يحق لأي كان المناداة بتنحية رئيس منتخب؟ هذا لا يمكن ان يحدث إلا في ظل منطق الثورات. لذلك أنا استغرب من بلوغ الأمور هذا الحد من الاحتقان دون أن يحرك عقلاء الجهة وفي مقدمتهم الرؤساء والمسؤولون القدامى للنجم الذين لا يمكن التشكيك في تعلقهم بالنادي، ولكن صمتهم يثير التساؤل والتعجب! إن النجم الساحلي ليس فريق سوسة وما جاورها فقط بل هو لكل التونسيين ويؤلمنا أن نراه في هذه الحال (أنا لا أقصد النتائج) ويتخبط في مشاكل تسييرية وتأطيرية. الاعتصام يغني عن الكلام، لكن هل يفيد الملام خارج المقام؟!