عندما تتقلص طموحات الشعب الى حدود الغريزة الأمن والأكل تأكد أنه جاهز لقبول المقايضة بحريته وبكل القيم التي يحلم بها.. يوم 9 أفريل كان يوما حزينا... شارع بورقيبة.. شارع الضباب الخانق... والعنف المفرط... يوم عشرين مارس شهد مسيرة راقية كلها ألوان زاهية.. وأطفال يصطحبون أولياءهم.. كان الجو احتفاليا يليق بمعنى الاستقلال حتى السياح انضموا إلى المحتفين... رسالة خير من ألف إعلان للسياحة... هذا وجه تونس الجميل.. يوم 9 أفريل كان المشهد مغايرا..عنف مستبطن يتجاوز كل الحدود وطال الوجوه المعروفة ونخبا في كل المجالات السياسية والحقوقية والإعلامية... غلق الشارع وغلق الأفواه..كانت الكلمة للهراوات والركل والغريب ان النسوة كن أكثر عرضة للتجاوزات بالعبارات البذيئة والإهانة والعنف المادي.. تدهور الوضع الى حد الانفلات.. ما الذي تغير من 20 مارس إلى 9 أفريل .. والحال أن الذين نزلوا الى شارع بورقيبة في عيد الاستقلال هم أنفسهم الذين شاركوا في مسيرة الاحتفاء بالشهداء الأبرار.. هل استكثرنا على من ضحى بحياته فداء للوطن هذه المسيرة..هل أن المسيرة السلمية الراقية يوم 20 مارس ازعجت البعض فقلبوا المجن على يوم 9 أفريل... حتى يبرروا العنف ويطمسوا رقي التظاهر.. ما لم أفهمه هو لماذا لم يتحرك الأمن بهذه الشراسة لمواجهة من تسلقوا ساعة 14 جانفي وبثوا الرعب والفزع في صفوف الفنانين المحتفين بالثقافة.. في كل مرة نسمع عن فتح تحقيق... لا يرى النور.. في كل مرة نحاول فيها التركيز على الوضع الحالي.. تحدث كارثة عفوية تغطي على المهم وتحول وجهة اهتمامنا وتحجب عنا الاصل في الأهداف والاستحقاقات.. قطار يخفي القطار الذي يليه.. وعجلات القطار لا ترحم... هذا الشعب مازال يحضن ثورته ولن يقايض حريته «بالمتراك» وغاز «لاكريموجين» الحلال.