هو ابن غمراسن وإن كانت العائلة تقيم بمدنين، تخرج مطلع التسعينات من معهد الصحافة وعلوم الإخبار، عمل في إذاعة تطاوين فور تخرجه إبان تأسيس الإذاعة الجهوية بتطاوين وبعد سنوات غادر تونس بحثا عن أفق جديد في ظل إحكام قبضة القصر الرئاسي على مفاصل الإعلام العمومي نهاية التسعينات من القرن الماضي. بخجل يليق بجنوبي مثله تحدث منصور التيس إلى «التونسية» في حوار خاص بمناسبة زيارته إلى الوطن لملاقاة البعض من أصدقاء الماضي وحضور لقاء «فرنسا 24» مع رئيسي الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي وقد حضر حوارنا وكانا شاهدين عليه الزميل توفيق مجيّد ومعز البودالي أحد رجال الأعمال الشباب الذين ساندوا بقوة مشروع «التونيتون» الذي سينتظم يوم 9جوان القادم... ماهو الهدف من زيارتك لتونس؟ الزيارة خاصة أكثر منها مهنية، الهدف منها ملاقاة الأصدقاء والتعرف على أجواء الصحافة التونسية بعد سنة ونصف من الثورة أين تصنف نفسك ضمن الصحافيين المهاجرين أو الصحافة العربية المهاجرة؟ لا أعرف إن كان يصح اليوم استعمال مصطلح الصحافة المهاجرة لأنه مصطلح خاص بالقرن الماضي ، أما في هذا العصر فأعتقد أنه من الصعب أن نعتبر الصحافيين التونسيين العاملين خارج الوطن مهاجرين لأنهم على تواصل دائم بكل العالم عملت فور تخرجك سنة 1993 في إذاعة تطاوين على رأس قسم الأخبار هل كانت لك واسطة؟ واسطتي آنذاك أنهم كانوا يبحثون عن رصيد بشري لبعث إذاعة تطاوين في منطقة كانت تعتبر مجهولة بالنسبة إلى عموم الصحافيين ولا أحد كان يريد الذهاب إلى الأقاصي البعيدة بقيت هناك ست سنوات قبل أن أقرر السفر. هل تجاوز طموحك حدود الأقاصي البعيدة؟ لم تعد هناك أقاص بعيدة، كانت هناك رغبة في تعزيز الرصيد المهني، أنت تعرف أنه كان يستحيل ممارسة الصحافة في تونس في ذلك الوقت والسنوات التي تلت وكانت وجهتي فرنسا ووفقت بعد سنة من المعاناة في العمل في إذاعة الشرق في باريس، تدرجت في بعض المناصب إلى أن عينت نائبا لمدير التحرير. إذاعة الشرق لعائلة رفيق الحريري؟ نعم هي مملوكة لرفيق الحريري وبعد إغتياله مملوكة لعائلته ولكن «إذاعة الشرق» لها هيئة تحرير تضم ثلاثين صحافيا تقريبا ودائما يتم الربط بين الإذاعة ورفيق الحريري وأخشى أن يكون هذا الربط لإرسال دلالة سلبية، في النهاية كانت إذاعة الشرق تتمتع بهامش كبير من الحرية وكان يمكن ممارسة الصحافة فيها بلا متاعب كبيرة يتردد أنه تم تعيينك مديرا للقسم العربي في الإعلام الخارجي الفرنسي لترضية الصحافيين المغاربيين الذين أضربوا السنة الماضية احتجاجا على الإدارة التي يهيمن عليها اللبنانيون؟ لو كان تعييني من باب تهدئة الخواطر لكان يمكن تعيين غيري من جنسيات مغاربية أخرى، كما أنه لم يتم تعييني مباشرة على رأس القسم العربي ولكن جاء هذا التعيين في إطار جهد طبيعي وشغف بالمهنة، صحيح لست نجما ولكن أنا من الناس الذين يشتغلون من خلف الستار وكنت فعالا في إعداد المادة الإخبارية أنت تعرف أنه حتى داخل الرأي العام الصحفي تحتكر النجومية من طرف مقدمي الأخبار؟ هذا صحيح ولكن نجومية المقدم لا تلغي جهد من يحرك هيئة التحرير، فعلى الشاشة نرى نتاج عمل مضن لساعات وهو عمل فريق وليس عمل شخص واحد. من يضع سياسة القسم العربي؟ الأمر لا يتعلق بالقسم العربي دون غيره، هناك سياسة عامة للإتصال الخارجي الفرنسي نحن نتوجه لجمهور عربي، استراتيجيتنا واضحة توضع في إطار يومي من خلال مؤتمرات التحرير التي تعقد أربع مرات يوميا ومن خلال اجتماعات دورية يتم فيها معالجة الأحداث الراهنة والملفات الساخنة انطلاقا من المعايير المهنية والحرية الكاملة للصحافيين العاملين في «فرنسا 24» وراديو مونتي كارلو هناك إحساس عام بأن «فرنسا 24» حققت قفزة كبيرة لدى جمهور المغرب العربي بفضل الثورة التونسية فهل لديك هذا الشعور؟ أمر طبيعي، ففي كل مرة كان هناك حدث استثنائي هناك إقبال استثنائي ليس فقط على «فرنسا 24» بل على كثير من وسائل الإعلام، صحيح نحن بدأنا البث على مدار الساعة فترة قليلة قبل الثورة التونسية، في ذلك الوقت لم يكن الجمهور العريض قد إستكشف بعد «فرنسا 24» باللغة العربية وكانت الثورة التي تابعناها من قريب ونقلنا وقائعها لحظة بلحظة فرصة لاكتشاف القناة من طرف التونسيين والمشاهد العربي عموما. وتوفيق مجيد هل هو المستفيد الأكبر من الثورة التونسية في «فرنسا 24»؟ كيف ذلك؟ بمعنى أنه كرّس نجوميته؟ نجوميته أين؟ في تونس أو في العالم العربي؟ إن كنت تقصد الجمهور التونسي فالتوانسة يعرفون أن توفيق تونسي مثلهم وقد كان حاضرا بكل جوارحه في تغطية الثورة التونسية، وهو فعلا أحد نجوم القسم العربي ويقدم إحدى فترات» البرايم تايم «ونحن نحرص على ان يقدم هذه الفترة الصحافيون الأكثر قدرة على إدارة الحوار والأكثر تمرسا وتوفيق له من المؤهلات التي تخول له أن يحتل هذا الموقع هل أنت منتم سياسيا قبل الثورة أو بعدها؟ إنتمائي الأول للصحافة ولكن لا أحد ينكر أن له إنتماء سياسيا انتماؤك الأول للصحافة والثاني؟ أحتفظ به لنفسي لمن صوّت في انتخابات 26 أكتوبر لليمين أو لليسار؟ وهل هناك يمين ويسار في تونس؟ أنا أسألك؟ صوّت للوسط الوسط هو بقايا «التجمع»؟ لا علم لي بأن بقايا «التجمع» تصنف على أنها وسط على كل حال «التجمع» وبقاياه لم يشاركوا في إنتخابات 23 أكتوبر هل تتابع التلفزة الوطنية؟ من وقت لآخر هل تشعر بأنها تغيرت؟ لا يمكن لي أن أطلق أحكاما ولكني أشعر أنه من الواضح أن هناك تغيرا في تحديد أولويات النشرات الإخبارية ورغبة في ممارسة مهنية فعلية، هناك تحول من حيث الشكل ولكن من حيث طريقة إنتاج المادة الإخبارية تظل التلفزة الوطنية في حاجة إلى معالجة وحتى الصحافيون داخل التلفزيون العمومي يدركون قبل غيرهم أنهم في حاجة إلى وقت للإمساك بمهارات العمل التلفزيوني في مقاربته الجديدة هل من الوارد أن تعود يوما إلى تونس وتنخرط في الإعلام العمومي؟ لم أفكر يوما في مغادرة تونس وها أنا ذا منذ سنوات خارجها ولم أخطط لأكون في المنصب الذي أنا فيه الآن وها أنا مدير للقسم العربي في الإعلام الخارجي الفرنسي، المستقبل يحتفظ دائما بأسراره أنت لا تغلق الباب؟ حقيقة لم أحدد يوما برنامجا لحياتي وليس لي اعتراض مبدئي على العودة إلى بلدي هل من رسالة تختم بها الحوار؟ هي رسالة لأصدقائي الصحافيين الذين يبقون أصدقاء على الدوام رغم كثافة العمل والبعد الجغرافي الذي يمنعنا من التواصل ، أوجه لهم تحية وأدعوهم إلى الانتماء فقط إلى مهنة الصحافة وأوجه رسالة لشباب الفايسبوك الرائعين أقول لهم إن الفايسبوك وتويتر لا تخطف منكم النجومية فالفايسبوك أداة وأنتم من أنتج المادة التي كسرت جدار الخوف.