تتذكرون ما قاله المرزوقي بعيد انتخابه رئيسا .. قال إنه في صورة ما لم تشهد البلاد تحسنا خلال ستة اشهر فإنه سيرمي استقالته.. مرّت الشهور الستة وهاهو «يستقيل» مستشاريه بدأ بالكحلاوي ثم جاء الدور على مستشاره الاقتصادي محمد شوقي عبيد صاحب المقال الشهير... ولا ندري هل ستتواصل الاستقالات من قبل مستشاريه الآخرين واللذين حبّرا مقالات حارقة تجاه حكومة الجبالي.. اذا كانت الاستقالات لباسا للإقالة فهذا يعني أن الرئيس المؤقت بدأ يفرغ القارب ممن أثاروا الغبار بينه وبين شركاءه ويحملهم وحدهم المسؤولية.. وإذا كانت الاستقالات مطلبا ملحّا من المستشارين فهذا يعني أن القارب فيه ثقوب يتسرب منها الماء.. وبما أن الرئيس محدود الصلاحيات دخل بعد في حملة انتخابية فمن مصلحته ان يتخلص من ذنوب المستشارين.. خاصة وقد أحسّ أن «النهضة» انطلقت بعد في الحملة.. ومنها توزيع الزيارات الوزارية على الجهات وفي جيبها جملة من المشاريع المبرمجة للنهوض بها.. ف «النهضة» تعرف بالتأكيد أنها انتخبت على أساس برنامج أي على وعود وتعرف أنها في المرة القادمة ستنتخب على الانجاز لا على النوايا... والوعود... في الأثناء يتآكل حزب الرئيس ويتشظى ... في قلب المطبخ حتى احترق الطعام.. فضاعت علاقة الخبز والملح كما يقال... وهذا ما سيزيد في عزلة الرئيس في قصر قرطاج.. أما «النهضة» فهي سائرة بوتيرتها الخاصة وفق ما تراه صالحا لنفسها وأمام عينيها استحقاق انتخابي يجعلها حريصة على مسك العصا من الوسط سواء كان ذلك في علاقة بالمجتمع المدني أو الجماعات السلفية.. خطاب طمأنة في الساحة العامة وخطاب تعبوي في الداخل... ولكن الانجاز الحقيقي لم يتم في عديد الملفات الاقتصادية والمالية والبطالة لظروف موضوعية وأخرى ذاتية .. وشيئا فشيئا لم نعد نشعر ان هناك «ترويكا» .. انتهى شهر العسل وبدأ العدل التنازلي ليوم الفصل في الانتخابات.. بالتموقع أولا وتوفير أسباب ضمان الفوز.. «دون إغلاق الأبواب أمام التوافق» على حد قول رئيس الحكومة.. مرت ستة أشهر ومادام المرزوقي لم يقدم استقالته فهذا يعني أنه مقتنع بأداء الحكومة... أو أنه مقتنع بأن بقاءه أو مغادرته لكرسي الرئاسة لن يغيرا شيئا فلماذا يغير نفسه؟..