بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمقاومة الإدمان نظمت الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات بالتعاون مع بلدية صفاقس ملتقى حول " ظاهرة انتشار مخدر الزطلة في أوساط الشباب " و ذلك يوم الخميس 21 جوان 2012 بقاعة الافراح البلدية بصفاقس بحضور عديد الأطراف التي يمسها الموضوع قطاعيا من ذلك الإطارات الطبية والقانونية و بحضور ممثل عن الجانب الديني و ممثلين عن المجتمع المدني و في غياب إحصائيات دقيقة وواضحة عن عدد مستعملي المخدرات في تونس و عن نوعية المخدرات الأكثر رواجا و الطريقة الأكثر استعمالا سواء تعلق الأمر بالحقن ' السوبيتاكس ' أو التدخين أو الشم فإن الرقم التقريبي بحسب الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات يناهز 300 ألف مستهلك في تونس من مختلف الأعمار و الفئات و الأجناس المدينة العتيقة بصفاقس بؤرة إدمان خلال مداخلته حول موضوع المخدرات أوضح " إبراهيم بن صالح " رئيس الدائرة البلدية صفاقسالمدينة أن الإدمان داخل المدينة العتيقة موضوع متشعب حيث يتجاوز الأمر الإدمان على المخدرات بالإدمان على شم العبوات الفارغة لمادة " الكولة " و" الديليون " للأطفال ما بين 8 و 14 سنة بحكم ضم المدينة للمئات من صناع الأحذية الذين يلقون يوميا عبواتهم الفارغة دون مراعاة شروط النظافة ودون التنبه إلى استعمالها للاغراض المذكورة و ترجع هذه الأسباب أساسا إلى نقص الإحاطة بالأطفال و كذلك إلى الانقطاع المبكر عن الدراسة إضافة إلى تعمد العديد التعدي على الممتلكات العامة و خصوصا أعمدة الإنارة قصد توفير أركان مظلمة تتيح للمدمنين ممارسة إدمانهم بعيدا عن كل أشكال الرقابة كما أشار في جانب آخر أن المواد المخدرة يقع ترويجها اليوم لدى بعض التجار المنتصبين فوضويا داخل المدينة العتيقة و خارجها و لدى بعض باعة الزهور المتركزين في وسط الولاية داعيا السلطات الأمنية الى تحمل مسؤوليتها و مؤازرة العمل البلدي مركز الإصغاء و المساعدة : الخطاف لا يصنع ربيعا تم منذ أيام تدشين القسط الثاني من مركز الإصغاء و المساعدة بطينة لترتفع طاقة استيعابه من 30 إلى 70 سريرا وقد بلغت كلفة القسط الثاني 675 ألف دينار و خلال مداخلته أبرز رئيس المركز " طارق القسمطيني " أن العمل المعتمد يمر بأربعة مراحل تنطلق بمرحلة الفطام و تمتد بين عشرة أيام و خمسة عشر يوما و مرحلة تغيير السلوك و التي تمتدا شهرا ثم الإعداد للخروج و التي تتطلب أسبوعين ثم أخيرا مرحلة المتابعة و التي تتم خارج أسوار المركز حيث يقع متابعة المقلع عن استهلاك المخدرات لفترة من الزمن داخل محيطه الاعتيادي لمراقبة سلوكه و ضمان عدم عودته لسالف نشاطه غير أن الأمر الذي أكد عليه مدير المركز أن الخطوة الأهم في كل هذا هي الرغبة الطوعية التي يبديها المدمن أو مستهلك المخدرات من تلقاء نفسه الأمر الذي يفسر إمكانية مغادرته للمركز متى يشاء أما بخصوص المركز عموما فإن عدد الذين هم على قائمة الانتظار قصد العلاج إلى حدود 21 جوان هو 489 حالة و أن العمل بالنسق الحالي سيمكن الحالة رقم 489 من العلاج بعد أكثر من سنتين أي بعد فوات الأوان بأشواط و قد قام المركز منذ انبعاثه بعلاج 1240 حالة من مختلف أنواع الإدمان وعبر طارق القسمطيني عن تخوف يسود الإطار العمال بالمركز و حتى عائلات الذين يتلقون العلاج بالمركز من إمكانية إغلاق المركز بالكامل في شهر أوت الحالي على اعتبار أن تمويل الصندوق العالمي لمقاومة السيدا للمركز سيتوقف قريبا لانقضاء المدة المتفق عليها مسبقا مطالبا في الآن ذاته السلط المعنية بالتدخل قصد إيجاد حل يجنب جميع الأطراف خسارة فادحة حكم الإدمان شرعيا جاءت مداخلة الأستاذ البشير بن جديدية لتوضح رأي الدين في مسألة الإدمان على المخدرات حيث أوضح أن جميع الأديان السماوية تشترك في مسائل العقيدة و الشريعة و الأخلاق حيث أن صلاح الفرد فيه صلاح للمجتمع و هو أيضا توجيه للإنسان إلى ما ينفعه في الآخرة و قد عرج الشيخ على المصطلحات لغويا حيث عرف الإدمان بحسب ابن منظور في لسان العرب بأنه الإدمان على الشيء أي ملازمته و عدم القدرة على الإقلاع عنه و أيضا عرف الخدر بكونه الظلمة الشديدة و خدر الأعضاء كونه فشل الأعضاء و ارتخائها من العقل مرورا إلى اليد و الرجل ومن هنا يعتبر الشيخ بن جديدية أن الإدمان يعادل هوى النفس بما يجعل على البصر غشاوة و أنه يعد شرعا من الخبائث مستشهدا بالنص القرآني في سورة الأعراف " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ" و أيضا من سورة النساء " وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" على اعتبار أن استهلاك المخدرات هو من قبيل قتل النفس و هو عمل خبيث بالعودة إلى القول النبوي " لا ضرر و لا ضرار " و الذي فيه نهي الرسول المؤمن أن يضر بنفسه أو بغيره و هنا يخلص الشيخ بن جديدة إلى التأكيد على تحريم المخدرات مشددا على أن هذه الفتوى تعبر عن رؤيته و فهمه للقواعد و المقاصد و الأحكام حيث لا يجوز بيع أو استهلاك أو زراعة هذه المواد لأن ذلك يؤدي بالضرورة إلى الفاحشة ثورة تشريعية قادمة في قانون المخدرات لا يمكن الحديث عن موضوع الادمان على المخدرات بالاقتصار على الجانبين الطبي و الأخلاقي المشفوع بالديني حيث يشكل الجانب القانوني الضلع الثالث و المكمل لأركان الموضوع حيث سجل الملتقى حضور الأستاذ " الهادي مشعب " مساعد أول لوكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس 2 و الذي خصنا بالتدخل التالي : ساهم عنصرا الموقع الجغرافي و الانفلات الذي تلا الثورة في تأجيج مجال تجارة و استهلاك المخدرات في تونس حيث أن القرب من ليبيا و الجزائر و غياب الرقابة على الحدود و قيام الثورة الليبية فتح الطريق أمام المروجين و أمام المستهلكين و هنا يطرح السؤال هل أن القاعدة القانونية في تونس مهيأة للتعامل مع الوضع و هل نجحت بما هي عليه في التقليص من استهلاك و ترويج المخدرات ؟ و الإجابة هي قطعا لا فنحن نتعامل بقوانين 1969 و 1992 فالقاعدة المستعملة هي قاعدة زاجرة و بقوة لكنها تتعامل مع مستهلك المخدرات كبقية المجرمين كما لا تفصل بين المروج و المستهلك و الزارع لها وهي بهذه الطريقة قادرة على الانقلاب على وظيفتها الأساسية لتحول من تورط في مجرد تجربة سيجارة مرة واحدة إلى مجرم متمرس و هنا نخصكم بإعلان قرب قيام ثورة تشريعية في قانون المخدرات حيث يقع الاتجاه نحو تنقيح قانون المخدرات و اعتبار الفصل 53 من المجلة الجزائية ينطبق في جريمتي مسك بنية استهلاك مادة مخدرة مدرجة بالجدول " ب " و كذلك استهلاكها و الفصل 53 يخول للمحكمة إنزال العقاب بدرجة أو درجتين و إسعاف التنفيذ بتأجيل العقاب البدني و هذا الفصل لا يمكن للمحكمة تطبيقه في مجال المخدرات الأمر الذي نسعى الى تغييره كما ذكرنا و يبقى الهدف من كل هو تغيير التعامل مع المستهلك كمريض لا مجرم و تجنيبه الدخول في متاهات السجون و ما ينجر من وراء ذلك من ضرر معنوي و مادي و من صعوبة إعادة إدماجه داخل الدورة الاجتماعية و الاقتصادية إضافة إلى الأضرار التي تلحق عائلات المدمنين