مستشفى جندوبة .. استئناف النشاط الجراحي بقسم طبّ العيون    وزير الخارجية يلقي كلمة تونس في منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات    عاجل/ يهم صابة زيت الزيتون: وزارة الفلاحة تعلن..    عملية سيدني.. مواطن مسلم ينقذ عشرات اليهود من الموت ويحرج نتنياهو..!    مصر تلوح بعمل عسكري ضد سد النهضة: "المفاوضات انتهت"    تظاهرة بصفاقس لإحياء الذكرى التاسعة لاغتيال الشهيد محمد الزواري    بطولة الرابطة المحترفة الثانية (الجولة 13-الدفعة2): النتائج و الترتيب..    الالعاب الافريقية للشباب (لواندا 2025): تونس تعزز رصيدها بفضية و برونزيتين    الطقس هذه الليلة..    مؤشرات حول حوادث الطرقات    مجمع موزعي النظارات يرحب بالفصل 72    قبل مباراة جمعت الفريقين.. اشتباكات عنيفة بين جماهير جنوة وإنتر الايطاليين    في هجوم خلّف 12 قتيلا خلال عيد يهودي بأستراليا ...مسلم يمنع ارتكاب مذبحة    العاصمة: يقتل جاره طعنا وشقيقته تُخفي أداة الجريمة... هذا ما حدث    بشرى للسينمائيين التونسيين إثر صدوره بالرائد الرسمي .. إحداث صندوق التشجيع على الاستثمار في القطاع السينمائي والسمعي البصري    في كتابه الجديد «المدينة في زمن الباشا بايات» .. د.محمد العزيز بن عاشور يؤرخ للمدينة العتيقة ول«البلديّة»    أولا وأخيرا .. أنا لست عربيا ولن أكون    البطولة الوطنية المحترفة لكرة السلة: برنامج مباريات الجولة التاسعة    تقرير دولي: تونس من أقل الدول الإفريقية تعرضا لمخاطر تبييض الأموال... التفاصيل    بمشاركة عديد الدول.. ادارة مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل تعلن عن موعد الدورة 38    كأس العرب قطر 2025: مدرب منتخب الأردن يؤكد السعي لبلوغ النهائي على حساب السعودية في مباراة الغد    تطاوين: انطلاق الشباك الموحد للحجيج لموسم 1447 ه / 2026 م لفائدة 133 حاجًا وحاجة    كيفاش تتكوّن العاصفة المتوسطية علاش تنجم تتطور إلى إعصار متوسطي؟    فوز 11 تلميذا في مسابقات الملتقى الجهوي للصورة والسينما والفنون البصرية للمدارس الإعدادية والمعاهد    عاجل: ''poudre talc'' مشهورة مرفوعة ضدها قضية بسبب مريضتي سرطان...شنيا الحكاية؟    قفصة : إنطلاق الحملة الوطنية الأولى للكشف المبكر عن اضطرابات الغدة الدرقية    وفاة تونسي في حادث مرور بليبيا..وهذه التفاصيل..    حجز 30 غراما من الماريخوانا لدى شخص عاد مؤخرا من ألمانيا..#خبر_عاجل    المعابر الحدودية بجندوبة تسجل رقما قياسيا في عدد الوافدين الجزائريين..    كأس تونس.. الجامعة تعلن عن موعد سحب قرعة الدور التمهيدي    مدنين / بلدية بن قردان تنطلق في تركيز 390 نقطة انارة عمومية من نوع "لاد" بالطريق الرئيسية ووسط المدينة    عاجل: منخفض جوي قوي يضرب المغرب العربي.. أمطار غزيرة وثلوج كثيفة في الطريق    توفى بيتر غرين.. الشرير اللي عشنا معاه على الشاشة    الكاف : مهرجان "بدائل للفنون الملتزمة" يمنح جائزته السنوية التقديرية للفنّان البحري الرحّالي    المسار الحالي لتونس في مجال السلامة المرورية يقود الى تسجيل 74 الف وفاة و 235 الف اصابة بحلول سنة 2055    دورة شتوية بمدينة العلوم متخصصة في علم الفلك الرقمي باستخدام "بايثون من 24 الى 27 ديسمبر الجاري"    عاجل: التاكسي الفردي يلوّح بالإضراب بعد تجاهل المطالب    كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني    الإطار الطبي للمنتخب يتابع الحالة الصحية لنعيم السيتي للمشاركة في كأس إفريقيا    عاجل: شنيا حكاية ضبط كميات كبيرة من الكبدة المنتهية صلوحيتها كانت متجهة نحو الجزائر؟    شنيا حكاية المادة المضافة للبلاستك الي تقاوم الحرائق؟    الرياض تستضيف المنتدى العالمي ال 11 للحضارات بدعم غوتيريش و130 دولة    إنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج العطور ومستحضرات التجميل ببوسالم    عاجل: الأطباء يحذرون...الطب الشعبي قد يؤدي للوفاة عند الأطفال    أزمة وطنية: أكثر من 1500 مريض ينتظرون زرع الكلى    شنيا يصير وقت شرب ال Chocolat Chaud في ال Grippe؟    الألواح الشمسية وقانون المالية 2026: جدل حول الجباية بين تسريع الانتقال الطاقي وحماية التصنيع المحلي    جون سينا يقول باي باي للمصارعة بعد 23 عام مجد    اريانة: مندوب الفلاحة بالجهة يؤكد اهمية مشاركة مجامع التنمية الفلاحية بالصالون الدولي "افريكا فود"    اعتقال سوري ومصري و3 مغاربة في ألمانيا بتهمة التخطيط لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد    السعودية.. السماح للأجانب بتملك العقار وتطبيق النظام المحدث ينطلق قريبا    سوسة.. العثور على جثة مسن روسي الجنسية في حديقة المكتبة الجهوية    تاكلسة.. قافلة صحية لطبّ العيون تؤمّن فحوصات لفائدة 150 منتفعًا    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    تنطلق اليوم: لجان تحكيم أيام قرطاج السينمائية    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    تنبيه لكلّ حاجّ: التصوير ممنوع    بدأ العد التنازلي لرمضان: هذا موعد غرة شهر رجب فلكياً..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"المرزوقي" وتسليم "البغدادي المحمودي" :طعنة في الظهر أم طبخة سياسية ؟
نشر في التونسية يوم 26 - 06 - 2012

لئن نفى رئيس الدولة المنصف المرزوقي علمه بتسليم البغدادي المحمودي رئيس الوزراء الأسبق في عهد القذافي معتبرا ان هذا القرار كان أحاديا ولم تتم خلاله إستشارة الائتلاف الحاكم فإن هذا الموقف وعلى أهميته قد يفتح الباب أمام عدة تساؤلات وسيناريوهات محتملة: فهل كان فعلا هذا القرار أحاديا وتجاوزا لصلاحيات رئيس الدولة وهو ما دفع ببعض الأطراف إلى إعتبار ما حدث «طعنة في الظهر» ستكون لها عديد التداعيات على مستقبل «الترويكا» خاصة إذا سلمنا بجدية تصريحات المرزوقي الأخيرة والتي لمسنا فيها تغيّرا غير مسبوق في المواقف وحتى في نوعية البيانات الصادرة من القصر الرئاسي أم أن ذلك بداية المواجهة بين المرزوقي وحليفه الإستراتيجي «الجبالي» خاصة بعد قرار المرزوقي برفع الأمر للمجلس التأسيسي؟ أم ان العملية برمتها لا تعدو ان تكون مجرد تصريحات نارية ومسرحية طبخت فصولها على نار هادئة في كواليس المطبخ السياسي في إطار توزيع الأدوار حتى يتملص المرزوقي من المسؤولية ولا يظهر «مستسلما» للحزب الحاكم ومتناقضا مع مبادئه بوصفه حقوقيا قبل ان يكون رئيس دولة؟
يرى بعض المحلّلين أنه رغم التصريحات النارية للمرزوقي فإن الأمور سرعان ما ستعود إلى نصابها وان التجاذبات والتصعيد لن يتعديا مجرد التصريحات التي ستكون من هذا الجانب أو ذاك معللين ذلك بأن الظروف السياسية ومستقبل «الترويكا» وحتى طبيعة علاقة المرزوقي بهذا الحليف الاستراتيجي ستكون أهم بكثير من ملف البغدادي.
والمتأمل في ملف البغدادي المحمودي يلاحظ أنه كان نقطة الخلاف الأبرز في «الترويكا» وهو الوحيد الذي تجاوز حدود الكواليس الضيقة وجدران طاولات النقاش لتتصدر التصريحات من هذا الجانب أو ذاك الواجهة وقد فاحت منها رائحة الخلافات. فبعد ان قررت الحكومة وبصفة رسمية تسليم البغدادي المحمودي إلى السلطات الليبية فإن الرئاسة ولئن فوجئت في مرة أولى بهذا القرار فقد عبرت عن «شروط» لهذا التسليم وهوضمان المحاكمة العادلة وضمنيا رضخت الرئاسة لمبدأ التسليم وكانت هناك «موافقة» غير معلنة من الرئيس... ولكن رغم شروط المرزوقي والتي بدت للكثيرين وخاصة المنظمات الإنسانية مقنعة وربما مطمئنة... فقد فوجئنا بتصريحات من رئيس الحكومة تؤكد ان موافقة الرئيس ليست هي الفيصل فسواء وقّع أم لم يوقع فإن ذلك لن يحول دون عملية التسليم: فهل وجه رئيس الحكومة ساعتها رسالة ضمنية مفادها «أن الحكومة ستكون صاحبة القرار في هذا الملف» أم بدأ الجبالي وقتها في سحب البساط من تحت أقدام المرزوقي خاصة وأن القرار سبق واتخذ وباتت المسألة مجرد توقيت لا أكثر؟ فالحكومة تعي جيدا انها صاحبة القرارات وان صلاحياتها تتعدى الاتفاقيات. و بالرجوع قليلا إلى طبيعة العلاقة القائمة بين الرؤساء الثلاثة نلاحظ حجم التنازلات التي كان قد قدّمها المرزوقي لكسب ود «النهضة» من ذلك مسايرة الحكومة في اغلب القرارات التي تتخذها حتى انه لم يدافع عن الصلاحيات التي منحتها إياه الحكومة وهو ما جعل البعض يعتبره «رئيسا بلا صلاحيات» وتخليه عن رفاق الأمس في حزب «المؤتمر» ممن كانت ترفضهم «النهضة» وسعيه المتواصل لتلميع صورة الحزب الحاكم بعد أن طلب من جميع الأطراف «الصبر» خاصة عندما تنامت موجة الانتقادات التي اعتبرت ان الإصلاحات بطيئة ولا تستجيب لمقتضيات المرحلة.. والمتأمل في أغلب تصريحات المرزوقي يرى أنه كان مدافعا عن الحكومة ولئن اقتصر دوره على العلاقات الخارجية وبعض المهمات «التشريفية» فإن الحكومة كانت تدرك جيدا ان المرزوقي لن يخذلها ومهما كان حجم الخلاف حول تسليم البغدادي فهذا الملف سيغلق ولن يتعدى موقف المرزوقي التنديد والاستنكار والتعبير عن الغضب.
التباين في التعامل مع ملف البغدادي قد ظهر منذ البداية. فزاوية النظر التي إعتمدتها الحكومة تنص على اعطاء مصلحة البلاد الأولوية الكبرى بتحيين العلاقات مع الطرف الليبي وبالتالي إعتمدت الحكومة على منهج «براغماتي» وهو ما جعلها متهمة من قبل بعض الأطراف بعقد «صفقة» مع النظام الليبي وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي إذ أكد أن وجهة نظر المرزوقي في مسألة تسليم البغدادي مختلفة جدا عن الحكومة. فالمرزوقي قبل كل شيء هو حقوقي وبالتالي نظرته للتسليم من عدمه ستكون من هذه الزاوية وبالتالي كان تصريحه من هذه الزاوية وهي إخضاع «التسليم» لعدّة شروط لعلّ أهمها «المحاكمة العادلة» وقد إعتبر الجورشي أن المرزوقي ينطلق في تحديد موقفه من المواثيق الدولية وهو ما أدى لاختلاف المواقف بين الحكومة والرئاسة.
هذا التباين في المواقف خلق أزمة على مستوى تحديد الصلاحيات وهو ما برز بعد التسليم الأمر الذي كشف انه توجد داخل «الترويكا» قراءات متعددة للصلاحيات بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة وهو ما جعل عدنان منصر يعتبر أن هناك أزمة مؤسساتية داخل البلاد.
ويرى بعض المحللين أن الأزمة ستتجه نحو «التطويق» رغم عرض الملف على المجلس التأسيسي وقد تطول المسألة حسب البعض لكن الأكيد ان رئيس الجمهورية وفي هذا الوقت بالذات لا ينوي قطع الجسور مع رئيس الحكومة واعتبر البعض ان المسألة لا تعدو أن تكون مجرد رسالة «غاضبة» لرئيس الحكومة. ونفى الجورشي أن تكون المسألة مناورة سياسية أو مسرحية لأن هذه المسرحية لن تخدم أصحابها وليست في مصلحة البلاد.
بقي أن نشير إلى أن مفاجآت السياسة كثيرة. ففي كل مرة تأتينا تصريحات من الرئيس نفاجأ بنقيضها أوضدّها من رئيس الحكومة ولا أحد يدري صراحة حقيقة النوايا فهل ما يحصل مجرد توزيع أدوار بين الرئاسة والحكومة وهو ما يدعم نظرية «الطبخة السياسية» أم هي بوادر «الانقسام» بسبب تفاقم الخلافات وتباين وجهات النظر بين حزب يحكم ورئيس يريد «افتكاك» دوره ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.