لم تتمكن أمس لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما في المجلس التأسيسي من الحسم في نظام الحكم في ظل تباين المواقف بين أعضائها النهضاويين وأعضاء بقية الكتل بما في ذلك «المؤتمر» و«التكتل» المعارضين لفكرة النظام البرلماني رغم أنه كان من المفترض أن تقع تلاوة مسودة عمل اللجنة والمصادقة عليها حسب ما كان مقررا في جدول الأعمال. أعضاء اللجنة الذين تبنوا الحل الوفاقي الذي اقترحه نجيب الشابي بمناقشة الفصلين 45 و49 المتعلقين بكيفية انتخاب رئيس الجمهورية دون التصويت عليهما عارضوا بشدة مقترح كتلة حركة «النهضة» بأن يقع انتخاب الرئيس مباشرة من قبل مجلس الشعب متمسكين بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب في ظل نظام رئاسي معدل أو مختلط تكون فيه صلاحيات متوازنة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والمجلس التشريعي خاصة أنّ المرحلة الإنتقالية في ظل النظام المجلسي أثبتت تغوّل الحكومة على الرئاسة والمجلس حسب رأيهم . وليد البناني إنتقد بشدة مقترح الكتل التي تتبنى فكرة النظام الرئاسي المعدل معتبرا أنّ هذا الشكل من الحكم سيؤدي حتما إلى تغوّل مؤسسة رئاسة الجمهورية وسيعيد إنتاج نفس النظام القديم خاصة في صورة احتكاره لمؤسسات الدفاع و الداخلية والاستخبارات مشيرا إلى أن مناقشة وإيجاد حل لمسألة احتكار أي طرف من أطراف الحكم لهذه المؤسسات المؤثرة ممكنان للنأي بها عن التجاذبات السياسية حتى في ظل النظام البرلماني. غير أن نجيب الشابي خالفه الرأي مطالبا بتحديد صلاحيات الرئيس مع نظام شبه رئاسي على غرار النظام الفرنسي بحيث لا يخشى تفرّد الرئيس بالحكم أو أن يكون هناك رئيس صوري منزوع الصلاحيات كما طالب الشابي بتقاسم السلط بين الرئيس والسلطة التشريعية والحكومة. الشابي أكد أن الخوف لا يكمن في قوة رئيس الجمهورية لكن في اختلاط السلط وإخضاعها لمؤسسة رئاسة الجمهورية بما في ذلك السلطة القضائية ووزارة الداخلية وهو ما كان وراء تغول السلطة في النظام السابق بعد أن تحولت إلى أداة لخدمة الشخص الواحد والحزب الواحد. وقد طالب الشابي بتحييد جهاز الاستخبارات وإلحاق المصالح العدلية المتعلقة بمقاومة الجريمة بالنيابة العمومية. أما سمير بالطيب فلم ينكر تخوّفه من أن يؤدي النظام البرلماني الخالص إلى البقاء داخل المنظومة الحزبية قائلا «ياخيبة المسعى لو تمت كتابة التجربة المجلسية الحالية في الدستور وتم اقرار نظام برلماني على شاكلة النظام الحالي». من جهته أكد عمر الشتوي رئيس اللجنة ل«التونسية» أن البت في شكل النظام داخل اللجنة أمر شبه مستحيل مشيرا إلى أن الحل بيد القيادات الحزبية العليا التي يجب أن تتفق وتحزم أمرها في هذا الموضوع أو الذهاب إلى الحل الثاني وهو الاستفتاء الذي اعتبره الشتوي فشلا مدوّيا للنخبة في هذه المرحلة التي تعلق فيها الجماهير آمالها على المجلس. هذا وقد اعتبر الشتوي تمسك القيادات بمواقفها في ما يتعلق بنظام الحكم ضربا بعرض الحائط لآراء كل الخبراء من الداخل والخارج الذين أكدوا على أن الأخذ من المراوحة بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي هو الحل الأمثل لتونس . ويشار إلى أن رئاسة المجلس قد طلبت من كل اللجان إنهاء أعمالها قبل العطلة البرلمانية أي تقريبا بنهاية الشهر الجاري .