يبدوأن «النهضة» تخطط للتحالف مع بعض الأحزاب الصغيرة، مثل «الحزب الوطني الحر» قصد مجابهة قوى المعارضة (نداء تونس) خاصة التي باتت تشكل، شيئا فشيئا، صداعا مزمنا ل«الترويكا» استعدادا لخوض الانتخابات المقبلة فتجميع مجموعة من الأحزاب الصغيرة حولها قد يؤدي إلى إضافة عدد لا يستهان به من الأصوات الانتخابية إلى رصيدها قد تكون حاسمة في تحديد الفائز القادم لوتعادلت حظوظ «النهضة» مع المعارضة. فقد أثارت طريقة استقبال رئيس الحزب الوطني الحر في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التاسع لحركة «النهضة» العديد من نقاط الاستفهام، حيث تحدث بعض الضيوف عن استقبال «ملكي» لم يحظوا به، فبمجرّد وصول الرياحي للقاعة تجند للترحيب به كل من عامر لعريض ونجيب الغربي ونور الدين العرباوي مسؤول الهياكل والعلاقات مع الاحزاب صلب «النهضة» حيث تكفل هذا الاخير بمجالسته طيلة فترة تواجده في قاعة المؤتمرات . وإذا أضفنا إلى ذلك، اللقاء الذي جمع الغنوشي، اول الشهر الجاري، بسليم الرياحي في منزل أحد قياديي حركة «النهضة» بحمام الأنف، يمكن اعتبار الحَدَثَيْن مؤشريْن قوييْن على مغازلة حركة «النهضة» لرئيس الحزب الوطني الحر ورغبة منها في ترسيخ قدميْ الرياحي في المشهد السياسي استعدادا لمجابهة قوى المعارضة في الانتخابات القادمة ولكن بأي مقابل سياسي أوربما مادي؟ فحزب سليم الرياحي، رجل الأعمال المعروف، تحصل على مقعد وحيد في المجلس التأسيسي رغم الهالة الإعلامية الضخمة التي رافقت حملته الانتخابية الا أن استقطابه بعد تلك «النكسة» المدوّية لعدد من نواب العريضة المستقيلين قد يجعل من حزبه رقما مهما في خارطة التحالفات. ونتذكّر جيدا كيف أثارت حملة حزبه الانتخابية لموعد 23 أكتوبر 2011 الكثير من الانتباه بحملة إشهارية باهظة التكاليف وهوما أثار تساؤلات بشأن مصادر تمويلها. والحزب يحاول اليوم ربط تحالفات جديدة وإعادة ترتيب أوراقه استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة،فإذا جمعنا هذه الإمكانيات المالية الهائلة لحزب «تَوَّه» مع خبرة «النهضة» في تسيير وتوجيه الحملات الانتخابية باقتدار، يمكن أن تكون النتائج مرضية للطرفين. وتبدوالصورة أكثر وضوحا بعد دفاع الغنوشي عن سليم الرياحي الذي اعتبره مواطنا تونسيا يترأس حزبا ممثلا في المجلس التأسيسي ويحق للحركة دعوته بصفته تلك نافيا عنه التهم الموجهة له مؤكدا أنها لوكانت صحيحة لما منحته الدولة ترخيصا لتأسيس حزب ولما كان له حضور في الانتخابات المنقضية أوتمثيل في المجلس التأسيسي . والجميع يعرف اللغط الحاصل حول الأسباب الحقيقية لهروب والد الرياحي من تونس وبذلك يكون الغنوشي قد انتصر للرواية «الرسمية» لسليم الرياحي وملخصها هروب والده كمناضل يوسفي معارض لبورقيبة. ولذلك قال الغنوشي بصريح العبارة أنه لا يجب التعامل مع الشخصيات الوطنية والسياسية حسب الأهواء أوبناء على الاتهامات التي قد يطلقها هذا الطرف أوذاك دون أدلة. في المقابل، لم يتوان سليم الرياحي في التعبير عن رغبته الصريحة في التواصل الايجابي الذي يجمعه بحركة «النهضة» متمنيا أن يكون لكل الأطراف السياسية في تونس نفس العلاقة وذلك لامتصاص التوترات السائدة في الساحة السياسية بالبلاد مؤكدا على أن «بلادنا والرهانات السياسية فيها لا تتسع لتوترات بالحجم الموجود اليوم». وزاد الرياحي في القول ان المسؤولية الوطنية تقتضي التعامل مع أخطاء الحكومة من موقع المتطوع بحلول والمساهمة الواقعية في اصلاح اخطاء الحكومة مع ضرورة عدم الانسياق وراء المعارضة المطلقة بخلفية الحقد الايديولوجي!. ، وهوما يشير صراحة الى تطوّعه ل«هرسلة» المعارضة ورغبته بوضوح في مد حبال «الوصال» مع «النهضة» أساسا. فكلامه، بأنه لا يرى مانعا في تحالفات جدية مع أحزاب أخرى تشارك الاتحاد الوطني الحر نفس التصورات والاهداف والقناعات الفكرية لأن البلاد تحتاج الى تحالف سياسي واقعي بعيد عن منطلق الشعارات الجوفاء والى ان التحالفات القائمة على اساس ايديولوجي لا تملك حظوظا واقعية للنجاح ،لا يمكن فهمه خارج فكرة الواقعية السياسية للرياحي التي لن تشير في حالة الحزب الوطني الحر إلا إلى بوصلة حركة «النهضة» التي قد تحقق حلمه في التموقع تَوّه ..تَوَّه!. ولعلّ امكانية التقارب الجدي بينهما ازدادت بعد استقالة الدكتور خالد شوكات منذ فترة قصيرة من منصب الأمانة العامة لحزب الرياحي .بل تذهب بعض الآراء إلى أن خروج شوكات كان «القُربان» الذي قدمه الرياحي ل«النهضة» كدليل على حسن نيته،فخالد شوكات لمن لا يعرف تاريخه هو ابن الاتجاه الاسلامي («النهضة» حاليا) وغادر إلى الخارج بسبب انتمائه ثم اختار الانسحاب منها منذ فترة طويلة ،مما يجعل بقاءه على رأس حزب الرياحي عقبة كبيرة أمام أي تقارب ممكن مع «النهضة».وإذا ما عدنا إلى مقال شوكات عن «النهضة» بعد استقالته «من لم يكن معي فهومن الفُلول!» ازددنا قناعة بأن استقالته قد تكون استبقت إقالته ارضاء من الرياحي ل«النهضة». فهل هناك نية من حركة «النهضة» لاستقطابه والاستفادة منه؟ هذا ما ستكشفه الأيام القليلة القادمة ولوأنّ البعض بدأ من الآن في القول بأن التقاء السلطة (النفوذ) مع قوة المال يُضاف إليهما سلطة وجماهيرية كرة القدم، لن تختلف نتائجه عن تلك التي يعرفها الجميع زمن النظام السابق!.