على الرغم من أهميتها في حياة الأفراد والمؤسسات داخل البلدان المتطورة، تتعرض مهنة المستشار الجبائي بتونس للتنكيل والتهميش المتعمد نتيجة للفساد الإداري وقلب الحقيقة والكذب والصفقات المشبوهة وتقديس الجهل، علما بأن هذه المظلمة التي شاركت فيها أطراف متعددة لا زالت متواصلة منذ عشرات السنين إلى حد الآن. فالفصل الأول من القانون عدد 34 لسنة 1960 متعلق بالموافقة على المستشارين الجبائيين الذي أنكره الفاسدون كقانون دولة والذي تم نقله من التشاريع الأوروبية يسمح للمستشار الجبائي بمساعدة المطالب بالضريبة وبالدفاع على مصالحه أمام المحاكم الباتة في النوازل الجبائية: «إن جميع الشركات أو الأشخاص الماديين الذين تقتضي مهنتهم القيام بالموجبات الجبائية لفائدة المطلوبين و مدهم بيد المساعدة والنصائح أو الدفاع على حقوقهم لدى الإدارة الجبائية أو المحاكم التي تبت في النوازل الجبائية يعتبرون كمستشارين جبائيين سواء أكان قيامهم بتلك المهنة بصفة أصلية أو ثانوية». اما الفصل 10 من نفس القانون فقد نص على ان المحامي يقوم بصفة ثانوية بمهام المستشار الجبائي: «ان أحكام هذا القانون لا تنطبق على الأشخاص الذين يباشرون مهنة محام و يقومون بصفة ثانوية بمهمة مستشار جبائي». هذا الفصل يجعل من المستشار الجبائي مساعدا للقضاء شأنه في ذلك شأن المحامي. خلافا لذلك، تم إقصاء المنظمات المهنية الممثلة للمستشارين الجبائيين من تركيبة لجنة شؤون القضاء العدلي في الوقت الذي منحت فيه العضوية لإحدى المنظمات المهنية المناشدة. هل يعقل ان تقبل المنظمات المهنية الممثلة للقضاة والمحامين بوجود منظمة مناشدة بجانبها صلب لجنة شؤون القضاء العدلي، علما بأن وجودها ليس له أي مبرر قانوني او مهني وان الخبراء العدليين والمصفين والمؤتمنين لهم من يمثلهم. هذا الإقصاء المفضوح والبغيض الذي يدل على ان نفس الأساليب القذرة والدنيئة لبن علي هي التي لا زالت اليوم معتمدة في التعامل مع المستشارين الجبائيين دحض الاكاذيب والمغالطات التي ساقها من احترفوا النفاق والكذب والمغالطة اثناء عديد الندوات الصحفية بخصوص تشريك كل الأطراف المعنية بالشأن القضائي في تركيبة الهيئة المؤقتة للقضاء. وللدلالة على ان الفساد لا زال معششا في مختلف المصالح الادارية، يكفي معرفة ان العرائض، الموجهة بهذا الخصوص من قبل الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين والمجمع المهني للمستشارين الجبائيين للمعنيين بالأمر ان وجدوا نتيجة الانفلات حيث تحولت تونس الى ضيعات خاصة تحكمها الفوضى، لم تلق أي رد الى حد الآن. فالفاسدون صلب الادارة لا زالوا الى حد الآن يصرون على الابقاء على الامر عدد 982 لسنة 1993 متعلق بضبط العلاقة بين الادارة والمتعاملين معها الذي يدوسون صباحا مساء على احكامه التي تلزمهم بالرد على عرائض المواطنين الذين يتم التعامل معهم كرعايا. فحتى التشريع تحول الى ضيعة خاصة تصاغ من خلاله النصوص حسب الرغبات المافيوية والفئوية والأغراض الشخصية وهذه الجريمة لا زالت متواصلة وهي وراء غرق البلد في المديونية وشلل مصالح المراقبة الجبائية على سبيل المثال من خلال الفصل المافياوي عدد 18 الذي تم تمريره من خلال قانون المالية لسنة 2012 نتيجة لاستشراء الجهل المقدس. وهل يمكن لمن عمل على اقصاء المستشارين الجبائيين ان يتعلل بعدم معرفته بالمنظمات المهنية الممثلة لهم لكي يسعى لتبرير مثل هذا التصرف الشنيع الوضيع الذي يدل على ان تونس ستغرق أكثر من قبل في التخلف والفساد والانحطاط الاخلاقي. ان الاهمال الصادر عن الموظف وعدم رده على عرائض المواطنين وتعطيله العمل بالقوانين والاحكام وصياغته النصوص على المقاس كلها تصرفات تندرج ضمن اعمال الفساد، علما بأننا لم نجرمها بعد صلب المجلة الجزائية. ان المستشارين الجبائيين كانوا ولا زالوا إلى حد الآن ضحية للفساد والتهميش والظلم والتعسف الممارس عليهم من قبل الفاسدين في مختلف المواقع وشركائهم من المنتمين لبعض المهن المناشدة التي كانت ركيزة من ركائز منظومة الفساد التي وضعها بن علي والتي صيغت لفائدتها عديد الأحكام المافيوية صلب لجنة البرنامج الجبائي المستقبلي لبن علي داخل التجمع المحلّ حتى تتمكن من ملء جيوبها اكثر محولة المؤسسة الى بقرة حلوب ومستحوذة على مهام المحامي والمستشار الجبائي. فلقد خطط هؤلاء المخربون للاستحواذ على مهام المستشار الجبائي والمحامي من خلال البرنامج الانتخابي لبن علي 2009 2014 من خلال تمكين ممتهني المحاسبة من القيام بالإجراءات لفائدة المؤسسات بتعلة التخفيف من اعبائها وهذا محض كذب سافر لا يمكن ان يصدقه الا الاغبياء. الاتعس من كل ذلك ان وجود احدى المنظمات المناشدة صلب لجنة شؤون القضاء العدلي ليس له أي مبرر والا لاصبح بامكان بقية المنظمات المهنية المطالبة بالحضور كالاطباء والمهندسين واي منظمة مهنية اخرى يمكن ان يتدخل اعضاؤها في اعمال اختبار عدلي، على سبيل المثال. إن إقصاء المستشارين الجبائيين من تركيبة لجنة شؤون القضاء فيه انكار لقانون الدولة وهذا غير مستبعد في تونس التي هي فاقدة لمقومات الدولة وتساس كما تساس الضيعات الخاصة أين يسود قانون الغاب. بقلم: الأسعد الذوادي (المستشار الجبائي)