بعد ان أكد الوزير المكلف بالعلاقات مع المجلس الوطني التأسيسي "عبد الرزاق الكيلاني" أن تعيين رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سيكون بالتوافق بين الرئاسات الثلاث , تعالت أصوات المنتقدين و الرافضين لهذا التوجه معتبرين إياه خرقا لمعاني استقلالية و شفافية الهيئة التي ستعنى بالانتخابات القادمة , و مؤكدين ان هذا القرار يتضمن إقصاء متعمد لمكونات المجتمع المدني و المعارضة , و في هذا الإطار عقدت اليوم الهيئة المديرة للجمعية التونسية من اجل نزاهة و ديمقراطية الانتخابات " عتيد " و شبكة " مراقبون " و ائتلاف " اوفياء " و رابطة الناخبات التونسيات ندوة صحفية بمدينة العلوم تونس تحت شعار " نحو هيئة غير مستقلة للانتخابات " , للإعلان عن موقف المجتمع المدني من مشروع القانون المتعلق بالهيئة المستقلة للانتخابات . التداول السلمي على السلطة و أوضحت " ليلى رباعي " عضوة تابعة ل"عتيد" ان الندوة الصحفية تاتي للتذكير بضرورة ارساء الديمقراطية في المجتمع و مفاصل الدولة مع المحافظة عليها , و اشترطت تحقق الديمقراطية و العدالة الا بتوفر استقلالية القضاء و حرية التعبير و احترام التعددية الحزبية ... , و شددت على وجوب احداث هيئة مستقلة للانتخابات بعيدة عن التجاذبات الحزبية الضيقة لضمان التداول السلمي على السلطة و لتسهيل الانتقال الديمقراطي . و اعربت رباعي عن تفاجئها اثر تقديم الحكومة لمقترح احداث هيئة مستقلة للانتخابات القانون المتعلق بالهيئة الامر الذي جعلها تنكب صحبة عدد من مكونات المجتمع المدني على دراسته و تحليله ثم تقديم توصيات فيما بعد . قوة آراء و مقترحات طالب "كمال الغربي" رئيس ائتلاف "اوفياء" بتدعيم وجود مكونات المجتمع المدني في الانتخابات القادمة من خلال مناقشتها لقوانين هيئة الانتخابات و ابداء ارائهم في عديد المسائل ذات الصلة و قال : " نريد ان نكون قوة آراء و مقترحات و رقابة " . و اقترح الغربي تفعيل سلطة الإعلام و سلطة المجتمع المدني الرامية الى دعم ثقة المواطنين في الانتخابات , و دعا الحكومة الى سن نصوص قانونية في مجال الانتخابات ترتقي الى تطلعات و آمال الشعب التونسي من خلال نظرة تشاركية مع بقية الفاعلين في الحقل السياسي . تونس في خطر و من جانبه ابدى " رفيق حلواني " رئيس شبكة " مراقبون " تخوفه من وقوع هيئة الانتخابات تحت طائلة المحاصصة الحزبية و الهيمنة السياسية و حمل وسائل الاعلام و المجتمع المدني مسؤولية ما يمكن ان تؤول اليه الاحداث , و اشار في معرض كلامه الى ان تونس في خطر و الديمقراطية في خطر و استطرد قائلا : " حتى الانتخابات يمكن ان تكون غير شفافة و غير نزيهة من خلال هذا المشروع " , و اضاف : " نحن ندق ناقوس الخطر بعد ان تم الاعلان عن ميلاد مثل هذه الهيئة الانتخابية " . و بلور الحاضرون قراء نقدية و اقتراحات في ما يخص مشروع القانون الذين اعتبروه مشروعا متناقضا مع مبادئ الاستقلالية و الشفافية الضامنة لنزاهة و ديمقراطية الانتخابات , و شكك حلواني في استقلالية مشروع الحكومة عن الادارة و بيّن انه سيكون بعيدا كل البعد عن التعددية و الشفافية على اعتبار ان رئيس الهيئة ينتخب من قبل الرئاسات الثلاث وهو ما يصدّ الطريق امام اقتراحات و توصيات المجتمع المدني و احزاب المعارضة , و تساءل عدد من المشاركين في الندوة عن سبب انهاء مهام هيئة الجندوبي و قالوا انها نجحت في تسيير الانتخابات الفارطة على اكمل وجه . الحكومة تعمل بسرية و تكتم و في سياق متصل ابرز الغربي ان الحكومة ترفض الاجتماع بمكونات المجتمع المدني , بينما نجتمع فقط باعضاء المجلس التاسيسي و نعرض عليه مقترحاتنا بكل حرية , و اضاف ان الحكومة تستعين على قضاء حوائجها بالسرية و الكتمان و فسر ذلك بان حكام اليوم كانوا يعارضون النظام السابق بالامس مما حتم عليه القيام بانشطتهم في كنف السرية و ابرز ان هذه الميزة استمرت حتى بعد اعتلائهم سدة الحكم و نصح الحكومة بضرورة تغيير استراتيجياتها و طرق عملها , و حثها على توطيد العلاقة مع مكونات المجتمع المدني .