حالة فزع مأساوية وتدافع على بقايا القارب بدون جدوى بعد حادثة غرق القارب التونسي قرب جزيرة لامبيوني الإيطالية لا تزال عديد العائلات في حالة صدمة كبيرة خاصة الذين لم يعثروا على أسماء ذويهم في قائمات الناجين من الغرق مما جعلهم يطالبون الدولة بضرورة ايجاد جثث ابنائهم. الذهول أصاب أيضا بعض مكونات المجتمع المدني وأطراف حزبية نتيجة هول الكارثة حيث لايزال عشرات التونسيين مفقودين وهو ما جعل البعض يوجه أصابع الاتهام الى السلط المعنية و اتهمتها بالتقصير في القيام بعمليات المراقبة الضرورية على سواحلنا فيما رأت أطراف أخرى أن الحكومة التونسية لم تدفع هؤلاء الى الهجرة غير الشرعية . وفي هذا الاطار أكد والد أحد الناجين من الحادثة أنه دائم الاتصال بابنه الذي تمّ انقاذه من طرف مركب ألماني أن الناجين متواجدون بمركز إيواء بجزيرة «لمبيدوزا» تحت حراسة أمنية مشددة من قبل قوات الشرطة الايطالية و هم في حالة صحية سيئة للغاية مضيفا أن أغلبهم يعاني من اضطرابات نفسية مما استوجب استدعاء أطباء نفسيين من اصول ايطالية وهو ما زاد في تأزمهم باعتبار أن أغلبهم لا يجيدون التكلم بالايطالية. وأشار محدثنا الى ان ابنه المدعو « محمد أيمن» أعلمه أن الشرطة الايطالية لازالت تحقق مع الحارقين في حين تنكب فرق الانقاذ الايطالية على البحث عن ناجين أو جثث الهالكين الذي قضوا في عرض البحر بمشاركة مروحتين وطائرة وخمس خافرات تابعة لحرس الحدود والديوانة والبحرية الإيطالية». كما أكد محدثنا أنه اتصل ببعض الحارقين الاخرين و علم منهم أنهم لا ينوون العودة بعد أن ابتلع البحر بعضا من اصدقائهم وعبروا عن خشيتهم من ردة الفعل السلبية التي يمكن أن تأتيها عائلات المفقودين بعد عودتهم . «الطليان أحسنوا معاملة الحارقين» وبيّن محدثنا أن السلطات الايطالية احسنت معاملة الحارقين ووفرت لهم كل الضروريات, وأضاف أن ابنه أعلمه أن المشرفين على مركز الايواء (أين يقبع الناجون) قدموا لهم الاكل و الماء اضافة الى مواد التنظيف و الأغطية و الافرشة اضافة الى توفير الاطباء والأدوية الضرورية لمعالجة المصابين منهم , غير أن بعضهم اشتكى من سوء المعاملة من قبل الامن الايطالي الذي اعتدى في بعض المناسبات على بعض التونسيين. وأضاف محدثنا أن بعض الشخصيات الايطالية تحولت على عين المكان لتفقد الحارقين منهم وزير الهجرة الايطالي ورئيس بلدية «سيسيليا»... مشيرا الى ان المشرفين على مركز الايواء زودوا المهاجرين بهواتف للاتصال بعائلاتهم و الاطمئنان عليهم. أطوار الحادثة روى محدثنا أطوار الحادثة نقلا عن إبنه أن الحارقين تجمعوا في منطقة «المحرس» التابعة لولاية صفاقس ليلة الاربعاء مضيفا أنه في حدود الساعة العاشرة ليلا أبحر قارب «الحراقة» وعلى متنه 136 شخصا (من بينهم عدد كبير من ولايات صفاقس وزغوان وسيدي بوزيد و سوسة و تونس (تحديدا منطقة الجبل الاحمر) من مختلف الاعمار و من الجنسين). وبعد ساعة من الابحار تعطل محرك القارب بسبب الأمواج العاتية في عرض البحر , وأضاف محدثنا انه بعد عناء طويل تكمن «الرايس» (ربان القارب) من إصلاح العطب ليواصل القارب رحلته نحو ايطاليا لكن لم يكتب له الوصول بعد أن أصيب المحرك بعطب ثان اضافة الى تسرب كمية من المياه داخل القارب. وبعد أن عجز الرايس عن إيجاد حل و استحال اصلاح القارب طلب من الراكبين أن يلقوا بأنفسهم في عرض البحر و ان يواصلوا طريقهم نحو ايطاليا سباحة قائلا : « كل واحد يحاول يمنّع روحو», وفي الأثناء قام الرايس بإرسال نداء استغاثة الى السلطات البحرية الايطالية لتنقطع الاتصالات بعد ذلك. وأبرز محدثنا أن ابنه أعلمه أنه بعد تحطم القارب أصيب الحاضرون بحالة من الهلع و الرعب غلب عليها الصياح والصراخ خاصة في صفوف الذين لا يجيدون السباحة وتمسك البعض ببقايا حطام القارب الطافية على سطح البحر, وتسبب تدافع البعض منهم وتشبثهم بنفس اللوحة الى الغوص في أعماق البحر . وبيّن محدثنا ان هناك عدد من الحارقين يجيدون السباحة وآخرون يرتدون سترة سباحة التجؤوا الى جزيرة صغيرة تسمى «لامبيوني», في انتظار قوارب النجدة الايطالية , و في طريقهم الى الجزيرة اصيب بعض الحارقين بجروح نتيجة ارتطامهم بصخور الجزيرة إضافة الى لدغات قنديل البحر «الحريقة», وأشار محدثنا إلى أن محمد أيمن نجا بأعجوبة رغم انه لا يجيد السباحة إذ أعلمه أنه بقي مسترخ على سطح الماء حتى تم انتشاله من طرف مركب ألماني . وأكد محدثنا أنه تحصل على رقم هاتف «الحراق» مهندس العملية ( الذي ظل في تونس) من طرف ابنه وبيّن أنه دائم الاتصال به للاطمئنان على محمد أيمن , و بعد الفاجعة أغلق «الحراق» هاتفه الجوال لينقطع الاتصال به.