عبرت قيادات نقابية عن رفضها الكامل لما ورد من فصول قانونية في مسودة الدستور الخاصة تحديدا بحق الإضراب حيث رفض النقابيون الشروط التي وضعت من طرف المجلس التأسيسي الخاصة بالإضراب وتم اعتبار ذلك تراجعا خطيرا عن الحقوق النقابية. وكان السيد حسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قد أكد أن الاتحاد سيرفض أي دستور يمس من الحقوق النقابية ويخالف المعايير الدولية. الحقّ النقابي في مشروع المسودّة نذكر أن الفصل 15 من مسودة الدستور تضمنت أن الحقّ النقابي مضمون بما في ذلك حقّ الإضراب ما لم يعرّض حياة الناس وصحّتهم أو أمنهم للخطر. وهنا أوضح الاتحاد العام التونسي للشغل بأنه توجد معايير دولية للحقّ النقابي وان الحقّ في الإضراب مكفول بالاتفاقية ع87دد المتعلقة بالحرية النقابية وحماية الحقّ النقابي. كما توجد قرارات لجنة الحرية النقابية التابعة لمكتب العمل الدولي التي حدّدت في تقاريرها المتعاقبة حالات منع أو تضييق الحقّ في الاضراب وهي: في حالة أزمة وطنية حادة. بعض أصناف الموظفين ضمان الحدّ الأدنى من الخدمات الأساسية والحيوية services essentiels. ويرى الاتحاد العام التونسي للشغل أن الفصل 15 الجديد تبنى نفس الفلسفة التي قامت عليها الفصول 1 و3 و26 أي اعتماد النص الحاجب لممارسة الحرية أي إفراغ الحقّ النقابي من محتواه بل أكثر من ذلك فإنّ هذا الفصل ينصّ صراحة على أنّ الحقّ في الإضراب غير مضمون أي يمنع إذا عرض حياة الناس وصحّتهم أو أمنهم للخطر، وهذا الفصل لم يحدّد الجهة التي لها تقدير هذا الخطر، كما أنّ تعريض حياة الناس وصحّتهم أو أمنهم للخطر تحتمل تأويلات واسعة، فللمشرّع فيما بعد، أو للسلطة التنفيذية تقدير أن إضرابا ما في قطاع معين يندرج ضمن هذا المنع، أي اسناد سلطة تقديرية مطلقة ومفرطة في ذات الوقت للتضييق على الإضراب وضرب الحقّ النقابي. كما أن صياغة هذا الفصل لم تراع معايير العمل الدولية التي وإن أقرّت ضوابط لممارسة الحقّ في الاضراب، فإنها لا تنطبق مع ما ورد بالفصل 15 من المسودة الذي أقرّ منعا وليس ضوابط لممارسة هذا الحقّ، وإذا كان دستور 1959 قد خلا تماما من الاشارة إلى الحقّ في الاضراب تاركا الباب لتأويلات متضاربة، فإنّ هذا الفصل من مشروع المسودة وإن نصّ على الحقّ في الإضراب فهو لهذه الصياغة يهدف إلى عدم الاعتراف به بل وأكثر من ذلك تقنين منعه. ملف الحقوق النقابية في الدستور سيشهد خلال المرحلة القادمة اهتماما نقابيا واسعا خصوصا مع قرب الانتهاء من ملف المفاوضات الاجتماعية.